“دخل الملاك جبرائيل عليّ من الشباك المغلق ووضع يده على رأسي فشفاني من كل علة ، لكنه عقد لي لساني تكفيراً عن ذنوبي ، وأوصاني ببناء بيت يكون محجاً لكل المؤمنين. وخرج من حيث دخل وهو يقول: سأعود إليك متى يطيب لي.
بعد هذه الحادثة لم يعد بيت فؤاد اليوسف يتسع للزوّار وأخذ القلم يتكلم بدل لسانه المعقود وكثرت النصائح والإرشادات فازداد الموضوع أهمية وأخذت التبرعات تصل من القرى المجاورة أيضاً واقتصر حديث الناس على القديسين والمعجزات، الأمر الذي أثار حفيظة بعض الفضوليين ، فاخذوا يتساءلون: لماذا لم يوقظ فؤاد اليوسف من كانوا معه في الغرفة ؟! أم أنه كان الأحرى بجبرائيل أن يفعل هذا ليكون أهل البيت شهودًا على المعجزة ؟! وهناك من نقل عن لسان الملاك قوله لفؤاد: إن الله سبحانه وتعالى سيسخط يومًا حكومة إسرائيل لأنها اعتدت على المقدسات والأوقاف والمقابر العربية.
وفي الوقت ذاته حافظت على كل ما يخص الديانة اليهودية حتى أصبح قبر يوسف الصديق موجودًا في كل مكان ، مثل الملاك جبرائيل.
لكن حاشا لمبعوث الأنبياء ، في رأي قلم فؤاد اليوسف، أن يتدخل في السياسة ، وأن من في السماء يطوّل الحبل لأصحاب الألسن الطويلة ، واكد ان كل شخص يعمل لآخرته.. فقام أحد الفقراء بالتبرع بقطعة الأرض الوحيدة التي يملكها – أما أولاده فرزقهم على الله – تنفيذاً للوصية ببناء ملتقى لكل المؤمنين.. وأقيم البناء بسرعة و”طنشت” دائرة التنظيم . وتمنيت أن تبقى هكذا وتكُفْ عن ملاحقة الناس وهدم بيوتهم.
انتقل فؤاد اليوسف ، مع انه لا يستطيع الكلام، ليصبح قيما على {بيت الله} الجديد.. وذات ليلة دامسة الظلام أحاطت به مجموعة من “الملائكة” ليقولوا له: ان جبرائيل أرسلهم لمواصلة المهمة التي بدأها ، فبعد أن اخرسه ارسلهم لقطع لسانه بعملية جراحية يستطيع أن يسمح للأطباء هذه المرة بمعاينتها . ولفتوا نظره لعدم وجود أي شخص غيره في المكان لايقاظه ليكون شاهداً على ما يجري ! ثم أخذوا يجهزون الكماشات والملاقط والسكاكين والمقصات والضمادات وكل لوازم العملية.. فبداْ يرتجف وخارت قواه وأعتقد ان الملاك جبرائيل قد أرسلهم فعلاً ليكون عبرة لغيره ممن يستغلون يساطة الناس وان استئصال لسانه يعني القضاء عليه و ..
وما أن ضغطوا على صدغيه وفتحت الكماشة فكيّها وفغر المقص شدقيه مقتربًا من لسانه حتى صاح بهم: انتظروا، “أنا بلبل حكي” اتركوني.. وقولوا لمن أرسلكم أن يغفر لي”.