بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله سبحانه حمداً غزيرًا, والشُكرُ لهُ شُكراً كثيرا, والرِفعَةُ لهُ رفعةً وتقديرًا لِجَعْلِهِ الدّينَ منحىً ودربًا للشّعوبِ تهتدي بهديِّهِ, وأرسل الأنبياءَ هدًى ورحمةً للقلوب، وقَدَّرَ لِخَلقهِ الأعياد تُذكرهم بجلالهِ, فتتوبُ إليه وتؤوبُ.
نحتفل هذه الأيّام بالزّيارة التّقليديَّة السّنويَّة لمقام النّبي شعيب عليه السّلام، وبهذه المناسبة العطرة يَؤمُّ المقام المقدّس أبناء الطائفة من الجليلين والكرمل والجولان لتأديةِ الفرائض الدّينيّةِ وإقامة الصّلوات والابتهالات, والتّضرُّع للعليِّ القديرِ أن يشملَ الجميعَ بعطفهِ ورعايته, وأن يُعيدَها علينا وعلى جميع خلقهِ, والكُلّ يرفُلُ بِحُلل الخير واليُمن والبركة والسعادةِ والسلام .
في هذه المناسبة السعيدة, يُسعِدُني أن أتوجّه إلى جميع أبناء الطّائفة الأعزّاء, مُهنِّئًا مُباركًا بهذه الزّيارة المباركة ,سائلاً ألمولى سبحانه وتعالى, أن يُنعِمَ على كلِّ فردٍ منهم بالسَّعادة والهناء والصّحّة الجسديّة والفكريّة, وأن يُمتِّعَهم بكلّ أسباب الرّاحة والرّخاء, وأن يُعيد عليهم هذا العيدَ والأعياد الأخرى وأتمنّى عليهِ جلّ جلالهُ أن يُيَسِّر لنا العيشَ في مجتمعٍ متسامحٍ, يحبّ الواحد منّا فيهِ الآخر, خاليًا من العنف والسّلوكيَّات السّلبيَّة، وأنْ نجدّدَ مخزونَ الإيمانِ في نفوسنا، وأن نحصّن قلوبَنا بالإيمان، وأن نملأَ عقولَنا بعَبَق وريحِ التّوحيد، وأن نستوعبَ ونتقبّلَ جميعَ الإرشاداتِ والتّعاليمِ والفضائلِ الّتي يوجّهُها إلينا كبارُنا، وأولو الأمرِ بيننا، وأنْ نقوّيَ عزائمَنا، ونشمِّرَ عن سواعدِنا لعملِ الخيرِ، ونتزودَ بالإيمانِ الّذي لولاه لما كنّا لنتواجدَ في هذه الرّحاب المُشرّفة في هذه الأيام، وأن يُبقيَ علينا متمسّكين بعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة، وأن نحتفلَ بالعيدِ المقبلِ بلقاء مشايخنا وأهلنا من سوريا ولبنان والأردن, وكافّة الجاليات الدّرزيّة, أينما كانت هذه الجاليات وأينما وُجدت, وأن نحتفلَ بهم, وإيّاهم بالعيد في رحاب مقام النّبي الكريم, وأبتهِلُ وأتضرّع لعزِّه الخالق أن يُلهم الفرقاء في سوريا العرب التعَقُّل لِإخماد نار الحرب في بلد المحبّة والتّسامح والتّآخي, وتقريب وجهات النّظر لِجَسرِ هُوّة الخلاف بين الأخوة هناك من أجل الوصول إلى حلّ الأزمة بما يرضي الله والجميع.
لقد أصبح المقامُ الشّريفُ، جزءًا من واقعِنا وكيانِنا، فكلّ مواطن توحيديّ في هذه البلاد، لا يشعر بالرّاحةِ والطّمأنينةِ والهدوء النفسيِّ، إلّا بعد أن يقومَ بزيارةٍ للمقام الشّريف، ليقفَ أمامَ الضّريح المقدّس بخشوعٍ وإيمانٍ وسكينةٍ وترقّبٍ، مُتوجّهًا إلى النّبيِّ الكريمِ، داعيًا، راجيًا، آملًا ومتضرّعًا، أن تتحقّقَ أمانيه، وأن يحظى بالصِّحةِ والعافيةِ والنّجاحِ.
هذا الخشوعُ، وهذا التّوجهُ الصّريحُ العفويُّ الحقيقُ، يعبّران عن الإيمان، ففي تلك اللّحظات القليلة التي يقف بها الموحّدُ، في حضرةِ الخالقِ، جلّ وعلا، ونبيّهِ الكريم، يشعر بأنّه مدعومٌ من قِبلهما، وأنّ هناك مَن يحميه ويصونه ويرعاه. علينا أن نعْلمَ، أنه أمامَ الضّريحِ المقدّسِ، لا يوجد كبيرٌ أو صغيرٌ، غنيٌّ وفقيرٌ، مهمٌّ وغير مهم. لقد خلق الله بني البشر وساوى بينهم بمنه عليهم بدين التّوحيد، والإيمان، وأفسح لهم في طلب العلم والتّقوى، وجعل لهم من عِلمِهم وتقواهم مراتب ودرجات، لقوله تعالى: “إنَّ أكرمَكم عندَ الله أتقاكُم”، ومعَ هذا، ترك لهم بابَ التّوبةِ والتّقرّبِ منه مفتوحاً يلجأ إليهِ مَن يشاء إلى الباري سبيلا.
إنَّ لقاءَ الأخوة والأهل في رحاب المقام الشّريف, متباركين بزيارته، لَهُوَ منْ أجملِ لحظات العُمر, حيثُ تلتقي القلوب على عهد الله والحبّ والوفاء والودّ والصفاء, وترتاض النّفوس في حاضرةِ مقامِه الكريم, متواصلة بالمحبّة والمودّة والألفة اللّاتي نحن في أمسِّ الحاجة إليها في هذه الأيام .
إخواني:
المجتمع الدّرزيّ كأيّ مجتمع، لا يخلو من بعض المشاكل والأحداث، إنّها طبيعة الإنسان، معَ هذا، وعلى الرّغمِ من كافّة المشاكل الّتي تواجه طائفتنا، نبقى مميّزين، ويبقى الأمل يحدونا بأنه لا بدَّ مِن يومٍ يأتي تتحسّن فيهِ الأوضاع، بعون الله وبفضله. ولكي يحدُث هذا علينا أن ننفذَ ونطبّقَ التّعاليمَ التَّوحيديَّةَ الّتي حبانا بها ديننا الحنيف الشّريف، التي تدعونا للتّعاونِ والتّكاتّفِ والتّعاضدِ فيما بيننا، عاملين على بناء جيل جديد، تنعم فيه الطّائفةُ الدّرزيّةُ بالهدوءِ والرّغدِ والاستقرارِ، وما زيارتنا للمقام الشّريف إلّا لِتطمئنَّ النّفوسُ وتستقرَّ السّرائرُ وتهدأَ، ولِنستمدَّ منه الطّاقةَ والقدرةَ والقوّةَ والعزمَ لمتابعة العطاءِ.
يجب علينا ويُتوخّى منّا جميعًا العمل على النّهوضِ بمجتمعِنا وحلِّ المشاكل الّتي تعاني منها عشيرتُنا، علينا أن نبقى متفائلينَ، وأن نحاولَ الإصلاحَ وأن نطلبَ الخيرَ والنّجاحَ للآخرينَ، وأن نتمسّكَ بتقاليدِنا ومبادئِنا الكريمةِ، وأن نحافظَ على تراثِنا وعاداتِنا الحميدةِ، وأن نطوّرَ ونحسّنَ مجتمعَنا وقرانا بأن ندعمَ أحدنا الآخر، وأن نصلحَ العلاقات فيما بيننا، وأن نقتلعَ الحسدَ والكراهيّةَ والضّغينةَ والحقدَ من نفوسِنا، ونفعلَ ونعملَ ونتصرّفَ، بوحيٍ من الضّميرِ والدّينِ والعُرفِ والتّقاليدِ، فإذا فعلْنا ذلك، كسبْنا الأجرَ ورضا الخالقِ ودعمَه ورعايتَه، ونلنا منهُ جزيلَ العطاء.
مِن رحاب هذا المقامِ الشّريفِ أناشدُ مَن شذّ عنِ الطّريق القوّيم الذي رسمهُ لنا شُعيبٌ النّبي, عليهِ السّلام, مِن أبناءِ العشيرةِ التّوحيديّةِ المعروفيةِ الأعزّاءِ الرّجوع إلى حاضِرةِ الدّين, وإلى التّعاضد والتّآخي والتّمسّك بأهدابهِ وبالقيمِ الرّوحيّةِ والمبادئِ الشّريفةِ والعاداتِ والتّقاليدِ الموروثةِ, والتّحلّي بجواهر الآداب الأخلاقيّة الإنسانيّة, والعمل وفق التعاليم والمبادئ التي انبثقت من جوهر التّوحيدِ, جوهرِ دينِنا الحنيف.
معَ حلولِ العيدِ السّعيدِ، والزيارةِ المباركةِ، أتوجّهُ إلى كافّةِ أبناءِ الطّائفةِ الدّرزيّةِ في كلِّ مكانٍ، مُتمنّيًا لهم عيدًا سعيدًا مُباركًا، راجيًا منَ الله، أن تكونَ زيارةُ الزائرين منهم مقبولةً عندهُ تعالى، وأن يحميَ سيّدُنا شعيب (ع) أبناءَ الطّائفةِ مِن كلِّ ما قد يسيءُ إليهم، ضارعًا إليه، جلّ وعلا، أن يحقّقَ لكل ِّمنهم ما يرجوه ويتمنّاه، وأن يعيدَ هذه الزيارةَ في السّنة القادمة والهدوءَ والطّمأنينةَ والاستقرارَ والسّلامَ يخيّمون فوقَ ربوعِ شرقِنا الحبيبِ.
إخواني, ببركةِ نبيِّنا الكريمِ وبهديِّهِ, أستغلُّ هذا الظّرفَ لأضرع لعزّتهِ سبحانه, راجيًا منه تعالى, إلهامَ ولاة الأمر قادة المنطقة, إتمام إنجاز عمليّة السّلام الشّامل الكامل والعادل في هذه الرّبوع, على جناح السّرعةِ, لتحقنَ الدّماء ويسلّم الأبرياء من هَولِ الحروبِ وسفكِ الدّماءِ.
إنهُ سميعٌ مُجيبٌ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ ، أعادَ الله علينا وعلى عِبادهِ العيدَ بالخيرِ واليُمنِ والبركاتِ .
أخوكم – موفّق طريف نيسان 2016
أعا يد جميع الأصدقائق والمعرف وعموم الطائفة المعروفية لزيارة مقام النبي شعيب، وبهال المقام وفي كل مكان نجتمع تنعايد بعضنا بمحبة وعن صدق نية
ان شاء الله المقام والكنيسة والجامع يجمعونا دايماً على المحبة والاحترام، درزي ومسيحي ويهودي ومسلم سوية.
كل عام وانتم بخير، زيارة موفقة ومقبولة آملين أن تبقى البقيعة رمزاً للمحبة والتأخي لجميع سكانها