رحل الأديب الكبير سلمان ناطور هذا اليوم 15-2-2016 دون انذار مسبق عن عمر ينهاز السّابعة والسّتّين من عمره، اختطفه الموت بجلطة قلبيّة مفجعة، رحل وهو في أوج عطائه، لم يحتمل قلبه الكبير فداحة المآسي والخسارات التي يتعرّض لها شعبه وأمّته. وهكذا التحق بالكبار كسميح القاسم، محمود درويش، توفيق زيّاد، راشد حسين، غسّان كنفاني، اميل توما، وغيرهم.
سلمان الذي عرفناه نبيلا كريما هادئا معطاء ودودا يرحل هكذا بسرعة، قبل أن يكمل مشروعه الثّقافيّ، وقبل أن يرى شعبه حرّا مستقلا في دولته العتيدة كما كان يتمنّى.
وأديبنا الرّاحل سلمان ناطور مولود بعد النكبة بعام في قريته دالية الكرمل جنوب مدينة حيفا، ونما وترعرع في وطنه المنكوب، فهو ابن النّكبة ورضع من لبانها، وشبّ على عذابات أبناء شعبه سواء من شرّدوا منهم الى أرض اللجوء، أو من عضّوا بالنّواجذ على تراب وطنهم، وأصبحوا بقدرة قادر أقليّة في هذا الوطن، يعانون من الاضطهاد القوميّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ، فقدوا أرضهم وعوملوا في وطنهم كغرباء، وبعضهم شرّد في هذا الوطن، وأصبح لاجئا فيه، بعد أن فقد أرضه وبيته وقريته ومكان مولده وسكناه، وجميعهم يعانون معاناة تكاد تكون فريدة في العالم جميعه، ولا شبيه لها في التّاريخ الحديث، وهذه المعاناة ارتسمت في ذاكرة أديبنا، لذا فإننا نجد صدارة نتاجه الأدبي في ثلاثيته التي صدرت عام 2009 ” الذّاكرة .. سفر على سفر .. انتظار ..ستون عاما – رحلة الصحراء ” تقول :
” ولدت بعد حرب 1948
دخلت المدرسة في حرب حزيران
تزوّجت في حرب اكتوبر
ولد ابني الأوّل في حرب لبنان، ومات أبي في حرب الخليج
حفيدتي سلمى ولدت في الحرب التي ما زالت مشتعلة.”
والرّاحل سلمان ناطور التزم بقضايا شعبه وأمّته، وظهر ذلك جليّا في عشرات مؤلّفاته الأدبيّة المتنوّعة والموزّعة بين القصّة والرّواية والمسرحيّة والخاطرة والمقالة.
وسلمان ناطور الذي نفتقده و- رغم الخسارة الفادحة بفقدانه- ستبقى ذكراه خالدة بما تركه من ابداع أدبيّ وفكريّ، وكما قال الرّاحل الكبير الشّاعر سميح القاسم بعد وفاة صديقه الشّاعر الكبير محمود درويش، “مات الشّاعر لكنّ الشّعر لا يموت” أي أنّ الشعر سيخلّد شاعره، وهكذا ومع أنّ الموت اختطف سلمان ناطور بطريقة فجائيّة سريعة، إلا أنّ اسمه سيبقى خالدا، فلروحه السّلام.
15-2-2015