بسم الله الرحمن الرحيم !
-جاء في إنجيل متّى :طوبى للمساكين بالرّوح، لِأنّ لهم ملكوت السّماء ، طوبى للحزانى لأنّهم يتعزَّون، طوبى للودعاء لأنّهم يرثون الأرض….طوبى لصانعي السلام لأنّهم أبناءُ الله يُدْعَون..
-جاء في آيات الله البيّنات: وجعلناكم شعوباً وقبائلَ لتعارفوا، إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم/صدق الله العظيم !
وجاء في حديث نبويّ عطر :مَن سرّه أن ينظر الى تواضع عيسى بن مريم ، فَلْينظر الى وجه أبي ذرّ الغفّاري !
في يوم الجلاء السّوري يجمعون بين أسماء المجاهدين الثوّار معاً: سلطان الأطرش ،صالح العلي ، إبراهيم هنانو ،عُقلة القطامي ورفاقهم الكرام !الكاتب الكبير سلام الرّاسي ابن بلدة ابل السّقي اللبنانيّة قال ،تعلّمتُ من إخواني بني معروف : كل شي قرضة وْدين حتّى دموع العينين
-فضيلة الشيخ موفق طريف الرئيس الروحي للطائفة العربيّة المعروفيّة
-سيادة المطران جورج بقعوني :متروبوليت عكّا ، حيفا ، الناصرة وسائر الجليل،ابن مدينة بيروت 1962 ، خرّيج معهد القدّيس بولس/حريصا/، فلسفة ولاهوت ، رئيس الإكليريكيّة البطريركيّة في الرّبوة 1998،أسقف أبرشيّة صور 2005 ،المدير البطريركي لأبرشيّة : حمص ، حماة ويبرود في سورية 2010 ،وراعي أبرشيّتنا منذ حزيران 2014 ، يتعامل مع لغة فلاسفة اليونان : سقراط، أفلاطون، أرسطو….الى جانب العربيّة ، الفرنسية والانجليزيّة .
-وفود الكهنة والشيوخ المرافقين الكرام ، أهل بلدتنا الأفاضل !
مقام النّبي سبلان في حرفيش يعانق مقام النّبي سبلان في بلدة برعشيت اللبنانيّة !
كنيسة مريم أمَة يسوع المصلوب في حرفيش تُحيّي تمثال السّيّدة البتول في بلدة خلدة اللبنانيّة ، الكنيسة والخلوة قاب قوسين بينهما ،الشّيخ فرحان العريضي اللبناني أرّخ لشيخين من حرفيش ، هما مصطفى وعلي بدر،مزارهما في حرفيش ،ونحن نؤرّخ للقدّيسة مريم يسوع المصلوب ، المير مجيد أرسلان، وزير الدّفاع اللبناني آنذاك ، حلّ محارباً في حرفيش عام 1948 ، وشرب القهوة من إعداد الشيخ يوسف عزّام ، الكاهن باسيليوس بواردي ،والمطران إلياس شقور /أطال الله عمره / كلّهم ينتمون لهذا البلد الوديع الذي تَشَرّف بكم اليوم جميعاً !ونحن على درب أمير الشعراء القائل :
وُلِدَ الرّفق يوم مولد عيسى والمروءات كلّها والحياء
لا وعيد ،لا صولة، لا انتقام لا حُسام ، لا غزوة ، لا دماء
الجمهور الكريم ! بمناسبة تطويب القدّيسة مريم جريس حدّاد/ بواردي : أمَة يسوع المسيح في حاضرة الفاتيكان 27/5/ 2015 ،اسمحوا لي أن أضع بعض النّقاط على الحروف في مسيرة قدّيستنا الطوباويّة : وُلِدَت عام 1846 في حرفيش بيت أهلها ما زال ماثلاً للعيان حتى يومنا هذا ،بمحاذاة الكنيسة ،نشأتْ ، ترعرعت ، وطّدت أقدامها ،كحّلت عينيها في بيت والديها جريس وماري حداد حتى بلغت سنّ العاشرة ،نتيجة لظروف قاهرة انتقلت العائلة الى ترشيحا ومن ثمّ الى إعبلّين ،رحل والداها ،فرعاها أحد أقربائها ،وانتقلا الى الاسكندريّة، نذرت نفسها وحياتها لخدمة سيّدها يسوع المسيح ، طافت أرجاء العالَم لإتمام رسالتها الرّوحيّة حتى وافتها المنيّة عام 1878 ،فَدُفِنَتْ في ديرها : دير الكرمل في مدينة بيت لحم/ مهد السيد المسيح .
لدينا شهادات خطّيّة مشفوعة بالقَسَم والتّحذير والتّنبيه ،عام 1983 ، أمام المحامي وكاتب العدل المرحوم نسيب شنّان ، يؤكّد بها أصحابها على ما سمعوه من أهلهم وذويهم ،عن ميلاد القديسة هنا في حرفيش، هؤلاء الشيوخ هم المرحومون :سابق علي سابق ،يوسف بهاء الدّين غضبان ونمر حمد شنّان ، وكذلك شهادة الخوري ميخائيل معيوف/طرعان /شهد بأنّه رافق المطران غريغوريوس حجّار منذ عام 1931 في زيارات لقُرى الأبرشيّة ،وحين يحطّ التّرحال في حرفيش ،كان المطران يقول : هيّا بنا نُعرّج على مسقط رأس القديسة مريم،نترحّم على روحها الطّاهرة ونواسي أهلها وذويها ،كذلك الحال مع المطران مكسيموس سلّوم الذي اعترف وأقرّ بميلادها في حرفيش.، إذن القديسة ليست غصناً مقطوعاً من شجرة، ولا ريشة في مهبّ الرّيح، إنّها شجرة باسقة متجذّرة في باطن تربتنا المعطاءة، لا تنحصر جذورها في مسقط رأسها إزاء الكنيسة وحسب، بل تمتد لبيت الكاهن باسيليوس بواردي، جرن حنّة لصناعة البارود، موقع الظّهر بزيتونه الأصيل وزيته الشّافي للعليل ،وفي حوّارتا بتينها الشّهي اللذيذ، وكأنّ القدّيسة تتلو الآية الكريمة :والتّين والزّيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين، وتمتدّ جذورها الى مواقع : كسار شْرَيّف، المعرضة، زيتونات العشرة، خلّة أبو التّلّوج، قعدة الصّبّاغ ، قلاع الرّاهب وما بعدها وبعد بعدها، حتى تُعرّج على ترشيحا ، اعبلّين وسائر أرجاء الدّيار المقدّسة .
من الاقوال والخواطر المأثورة للقدّيسة :
- إن أردتم أن تكونوا عظاماً، كونوا صغاراً متواضعين .
- القداسة ليست صلوات ولا رُؤى وايحاءات ، ولا مهارة كلام، ولا مسرحاً، ولا أعمال تكفير ، بل تواضع .
- القلب المتواضع هو الإناء والكأس الذي يحوي الله .
- التّواضع يتمتّع في الفرح في الدّنيا والآخرة .
- ليس إلاّ الحُبّ يملأ قلب الانسان …..
اسمح لنا يا سيدة المطران جليل الوقار والاحترام! أن نؤكّد أمام سيادتكم وصحبكم الكرام ! أنّنا هنا في هذا لبلد الوديع المتواضع ، على درب قدّيستنا :مع مودّتنا لأهل اعبلّين جميعاً، وتربط بين البلدين علاقات نَسَب وأهليّة ،والحقيقة يجب أن تُقال على الملأ، لا نخشى في الحقّ لومة لائم: بكل ما يتعلّق بمولد الفدّيسة :فحرفيش هي الأصل ، الوصل والفصل ،مهما تعدّدت الآراء والادّعاءات .
وسنردّد مع وديع الصّافي /قدّيس الفن وشهيده :
للضيف مفتوحة منازلنا ع ً الكون مضويّة مشاعلنا
وعيونّا للحُب سهرانين وقلوبنا إلنا وْمِش إلنا
البحر يروي للسما حكايات حكايات فيها للسما آيات
ع َصخورنا بْتتكسّر الموجات تترك دُرَرْها ع َ سواحلنا
بوركت مساعيكم الحميدة جميعاً ،ودمتم مناصرين للحقيقة ، والحقّ الحق أقول لكم يا سيادة الرّاعي،كما قال راعِ لبناني لرئيس الجمهوريّة آنذاك بشارة الخوري : أنتي راعي وأنا راعي ، إذا سها الرّاعي بيجِفّ الحليب وبيوكلها الذّيب !
كلّنا ثقة ، اعتزاز ، فخر وأمل بأنّ سيادتكم قدّ المقام وزيادة، لن تغفوَ ولن تسهوَ، بل ستبقى يقظاً ساهراً، وعين المولى ترعاكم ، ونحن معكم جميعاً على درب يسوع المسيح ،الفادي والمُخلّص: لا تحكموا حسب الظّاهر ، بل احكموا حكماً عادلاً! وانتم أهل العدل والانصاف، بعيداً عن الاجحاف بهذا البلد الوفيّ الوديع!
دمتم لنا ذخراً ، موئلاً ، مرجعاً وعنواناً للعراقة والاصالة ، بوركت مساعيكم الحميدة ،وَكًلّلت ْبأكاليل الغار،بخّور مريم ، المريميّة ، شجر البلسم وشوك السّيّد المسيح … ومن سار على الدّرب وصل ، يا ربّنا يا يسوع المسيح : أنْصِتْ إلينا ! استجبنا وارحمنا ! المجد لله في العلا،على الارض السلام وفي النّاس المسرّة ! آمين!
** ألقيتْ يوم 5/5/2015 في حرفيش ،مسقط رأس القدّيسة ، أمام حشد كبير من الضيوف والاهالي ، ترحيباً وتمهيداً للاعلان عن تطويبها في حاضرة الفاتيكان، تحت رعاية الحَبْر الاعظم ، يوم 27/5/2015 .