صرح العم الطيب أبو مازن بان صبره قد نفذ من حماس؟!! لن أدافع عن حماس فعندها من إعلاميين بما فيه كفاية، ثم أنها وقعت في سوء التقدير، فهي لم تتصور حتى بعين خيالها سادية المحتلين كما أني ضد الفكر الديني السياسي، ولكن كما قال مثلنا الشعبي “لكل مقام مقال” وكان أولى به أن يؤجل نفاذ صبره هذا إلى وقت أخر، فالدم الفلسطيني ما زال ينزف بغزارة ورائحة الموت ما زالت منتشرة في الهواء.. الكثير من الجثث ما زالت تحت الأنقاض.. التراب ممتزجا بالدم والأشلاء، وذراع عجوز هنا تحت هذا الجدار، ورضيع سحق ومصاصته ما زالت في فمه.. عائلات أبيدت عن بكر أبيها وارتاحت من معاناة الوجود؟!! الأيتام لم يستوعبوا بعد ما الذي جرى.. الأرامل تتلوى أمعائهم وجعًا.. المصابون منهم من يعاني من سكرات الموت ومنهم من سيقضي حياته بدون رجل أو يد أو عين.. منهم من سيبقى مقعدًا مدى الحياة، الحسرة الأبدية سترافق حياتهم حتى الممات.. المساجد المهدمة تستصرخ المؤمنين كي يتحركوا.. المدارس التي هدمت على رؤوس المساكين الذين اعتقدوا بان هناك حرمة لهذه المدارس لم يدركوا بأنهم أمام كائن غريب لا يعترف بالعواطف والأحاسيس البشرية ولا بالقيم الإنسانية.. المستشفيات لم تنجُ من حيوانية المحتل، الذي لا يشفي غليله إلا مناظر القتل والدمار، ولا يطربه لا صوت الصراخ والأنين والكثيرين لم تستوعبوا بعد هول الجريمة التي ارتكبت.. لم يستوعبوا هول المأساة، أمور لا تصدق، وكان على السيد الرئيس أن يشكل هيئة إعلامية لتقارن بين الدمار الذي جرى في “هورشيما انزاخاكي” وبين الدمار الذي جرى في غزة كي يدرك العالم بان ما حدث هو خارج المنطق، هو خارج الطبيعة؟!! وكان أولى بالسيد عباس أن يتريث قليلًا ويفكر كيف سيخفف الألم عن شعبه، كان عليه أن يدرك بأننا على أبواب الشتاء وهناك من لا يجد سقفًا يحميه من الإمطار والعواصف في فصل الشتاء، كان أولى به أن يفكر في كيفية توفير الحاجات المعيشية الحياتية الأساسية.
والأطفال يا سيادة الرئيس الذين أصيبوا بالصراع والصداع والخوف من الضباع الحيوانية والضباع ( البشرية) الذين أصيبوا بالعقد النفسية، الذين ما زال أزيز الرصاص وصوت القذائف وهدير الطائرات تسكن في جماجمهم، كان عليك أن تستدعي علماء النفس من كل العالم كي يساعدوا في معالجة هؤلاء الأطفال
كان أولى بك أن تفكر في الأسباب التي جعلت الشعب يحب حماس، فلو كانت خطواتك ناجحة لما اكتسبت حماس هذه الشعبية، ولكن كونك تحولت إلى طفل صغير تضعه إسرائيل في سرير هزاز أو في أرجوحة وتهز بك شمالًا ويمينًا و ” نام يا عباس نام تذبحلك طير الحمام.. ولا تخافي يا حمامي بنضحك ع عباس تينام”
سيدي الرئيس أن الشعب فقد الأمل بعد طول السنين من الانتظار دون جدوى، وبحق، خاصة وانك اعترفت بصريح العبارة بأنك أجريت المفاوضات مع الإسرائيليين عشرين عامًا لم تحقق مليمتراً واحدا من التقدم وهنا نسألك: إ لى متى؟!! بالله عليك إلى متى؟!!
..ألم ينفذ صبرك جراء ذلك؟!! ألم ينفذ صبرك من ” السكي مكي”؟!! ألم ينفذ صبرك من الجولات المكوكية التي استمرت عقود من الزمن ولم تنسج سوى الأكاذيب والأوهام؟!! ألم ينفذ صبرك من الانحياز الولايات المتحدة والدول الغربية الأعمى والكيل بمكيالين؟!!
ألم ينفذ صبرك جراء كل الجرائم والموبقات التي ارتكبها الاحتلال؟!! ألم ينفذ صبرك جراء بناء السور العنصري الفاصل والذي يسجن الشعب كله داخل هذا الجدار الذي هو أكبر سجن في التاريخ.
ألم ينفذ صبرك من الحواجز المنتشرة في كل مكان وتقطيع أواصل الشعب؟!! ألم ينفذ صبرك من إجهاض الحوامل على تلك الحواجز؟!! الم ينفذ صبرك من سرقة الماء والموارد الطبيعية في الأراضي المحتلة؟!! ألم ينفذ صبرك من تحرشات المستوطنين؟!! ألم ينفذ صبرك من اقتلاع أشجار الزيتون وحرق المحاصيل؟!! ألم ينفذ صبرك من تجريف الأراضي ومصادرتها؟!! ألم ينفذ صبرك من بناء المستوطنات؟!! الم ينفذ صبرك جراء استعمال إسرائيل للأسلحة كافة ومن ضمنها ما هو محرم دوليًا؟!ّ! ألم ينفذ صبرك من القنابل الانشطارية التي توزعت في الحقول والتي تنفجر لتقتل الفلاحين الذين يزرعون الأرض كي يكسبوا قوت يومهم، والأطفال الذين يفتشون عن ساحة للعب بها بعد أن مُنعوا من ممارسة طفولتهم أسوة بأطفال العالم، الم ينفذ صبرك من استعمال المحتلين للفسفور الأبيض الذي ينتح الأمراض السرطانية التي تظهر لاحقًا؟!! الم ينفذ صبرك من تجويع الشعب ومنع أهل غزة من اصطياد الأسماك من على شواطئهم؟
سيد الرئيس هل تذكر ما قلته لك عندما زرتك ضمن وفد من الشباب الدروز المعارضين للتجنيد الإجباري حين قلت لك انه كلما كنا متهادنين أكثر مع السلطات الإسرائيلية كلما زادت هذه السلطات اضطهادها لنا وأهديتك كتابي السادس “المغلوبون على أمرهم” والذي وثقت من خلاله الجرائم التي ارتكبتها السلطات الإسرائيلية بحق الطائفة الدرزية والتي هي تفوق الجرائم التي ارتكبتها ضد الشرائح العربية الأخرى.
ألم ينفذ صبرك من القتل الميداني؟!! بل ألم ينفذ صبرك جراء منحك الإصبع ثمنًا لهذا التنسيق؟!! وكان عليك أن تعمل على كسر مخالب وأنياب الوحوش التي تتستر في هياكل أدمية بدلًا من هذا التنسيق المهين والمعيب.
لا يجوز أن تتحول حركة فتح إلى حرس حدود لإسرائيل، إن التنسيق الأمني جريمة بكل المقاييس.
سيدي الرئيس كل هذه الجرائم وغيرها لم تنفذ صبرك ووحدها حماس هي التي أدت إلى نفاذ صبرك؟!! يا سبحان الله.
سيدي الرئيس بعد أسابيع ستبلغ من العمر الثمانين، ونتمنى لك الصحة والتوفيق والخروج إلى التقاعد لتلاعب أحفادك.. أضرب ضربة معلم وأنصرف. فقد عيل صبر شعبنا جراء المواقف الركيكة التي شجعت الغزاة على التمادي.
(المقال المنشور يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع)