استراتيجية اسرائيل قد تتجاوز مجرد التحوط الأمني

كان ذلك أحدث دليل على الجهود الإسرائيلية الملحوظة للتأثير على الدروز السوريين. فمنذ سقوط نظام بشار الأسد، تحاول إسرائيل تنصيب نفسها كمدافع عن الأقليات، سواء كانوا دروزا أو كردا، أو حتى علويين ومسيحيين. ويقع الدروز السوريون في قلب هذه الجهود لأنهم الأقرب إلى إسرائيل جغرافياً من جهة، ولأن بإمكان إسرائيل أن تدعي أنها تقدم الحماية دفاعا عن الطائفة الدرزية في البلاد. وكجزء من هذه الجهود، وزعت إسرائيل مساعدات على المجتمعات الدرزية في جنوب سوريا وتعهدت بمنح الدروز السوريين الحق في العمل في إسرائيل. والأهم من ذلك، تعهد المسؤولون الإسرائيليون بالدفاع عن الدروز: مع اندلاع الاشتباكات بين السكان في مدينة جرمانا التي يقطنها الدروز جنوب دمشق والمقاتلين التابعين للحكومة السورية الجديدة، وأرسلت إسرائيل تحذيرات بأنها لن تسمح للقوات التابعة للحكومة الجديدة بدخول المدينة.
دروز سوريا والنظام الجديد
واقع الحال أن دروز سوريا يجدون أنفسهم بين خطرين. فمن جهة، يتحدث بعضهم عن مخاوف من السلطة الجديدة في دمشق بقيادة الرئيس أحمد الشرع. وتتذكر الطائفة الدرزية أن “جبهة النصرة” التي كان يقودها أحمد الشرع نفسه، نفذت بالفعل هجمات ضد الطائفة الدرزية. ولا تنسى أن إحدى أسوأ الهجمات التي تعرضت لها كانت على يد تنظيم “داعش” الذي نفذ مجزرة في مدينة السويداء واحتجز العشرات كرهائن. ولا يخفف من قلقهم حقيقة أن الشرع و”داعش” خصمان لدودان، وأنهما تقاتلا لسنوات. وقد سعى الشرع إلى طمأنة الطائفة الدرزية، إلا أن دروز سوريا لا يزالون يشعرون بالقلق من تهميشهم أو تعرضهم للعنف على الرغم من تعهدات السلطات السورية الجديدة بحماية الأقليات.