أجمع في كتابي هذا، مجموعةً من مقالات كنتُ قد نشرتُها في الصُّحف الورقيَّة والالكترونيَّة، وعلى مواقع التَّواصل الاجتماعيِّ، حيث وجدتُها أجملَ، حين أضعها في كتابٍ يحمله القارئ في جعبته، ويقرأه مرَّة تلو الأخرى.
حيث يحتوي هذا الكتاب، على مقالات عن حيفا في يوم الأرض الخالد، الأوَّل، من تحضيرات يوميَّة وشحن الاهالي في حيفا من عمال وطلاب ومعلِّمي مدارس، ومن اصحاب المهن الحرَّة من تجَّار وبائعين وأصحاب محالٍ، ومثقَّفين ثوريِّين وحثُّهم على المشاركة الفعَّالة والنَّشيطة من أجل إنجاح هذا اليوم، ليُصبح بصورته الشَّامخة التي إرتأت له حيفا أن تكون، حيث عاشت حيفا يومها، في الثَّلاثين من آذار عام ألفٍ وتسعمائةٍ وستَّة وسبعين، نبضَ وألمَ ومعاناةَ شعبها نبضةً بنبضةٍ، وأصبح هذا اليوم يومًا من أيَّام العرب، من أعزِّ أيَّام حيفا، يومًا مفصليًّا في بناء عِزَّة شعبنا، في حيفا، من شجاعةٍ وتحدٍّ وصمودٍ بعد أن نفَضَ عن جسده الجريح الدَّامي عباءة الخوف والهزيمة والهَلَعِ والفَزَعِ، واستبدلها بعباءة وثوب الأصالة والكرامة والبسالة والتَّضحية والثَّبات والانتماء بفخرٍ، وحيفا هي جزءٌ من الوطن..
لنقولَ على الملأ ما جاء في وثيقة المؤتمر المحظور، بوثيقة السَّادس من حزيران من العام ألفٍ وتسعمائةٍ وثمانين:
“إِنَّنا أهلُ هذا الوطن الذي لا وطنَ لنا سواه”
“..حتَّى لو جوبهنا بالموت نفسه، لن ننكِرَ أصلَنا العريق، نحن جزءٌ حيٌّ وفاعلٌ ونشيطٌ من شعبنا الفلسطينيِّ، ومن معركته على التَّحرر والاستقلال الوطنيِّ”..
“نحن أهل هذه البلاد، ولا وطن لنا غير هذا الوطن”
وأكتبُ لكم/لكنَّ عن شخصيَّات تركتنا على الأرض وراحت لراحتها الأبديَّة، بعد أن تركت بصماتها العزيزة والشَّريفة على جبين وجبهة حيفا العالية. ساهموا في بناء مجد حيفا بعرق جبينهم وتعبهم وكدِّهم وتضحياتهم.
تركونا على الأرض وراحوا، لن يعودوا ليعودونا، بل ذهبوا واختفوا عن هذه الأرض، ليعودوا يومَ البعثِ المنتظر، “ما بالُ النَّاس يذهَبون ولا يرجِعون، أرَضوا فأقاموا، أم تُرِكوا فناموا”.
“ما البداية؟ ما النِّهاية؟ لم يعُد أحدٌ من الموتى ليُخبرنا الحقيقة”.
لكنِّي أعِدهم أنَّنا نحن الأحياء، “منمشي ومنكفِّي الطَّريق يا رفيق”، طريق البقاء والصُّمود والعودة ونصرةِ المظلومين والمضطهدين..
أضع كتابًا فيه قراءات ومداخلات لكتبٍ كنتُ قد قرأتُها وفيه كلمات أُلقيت في مناسباتٍ عديدة ومختلفة مثل بمناسبة إصدار كتاب “عام الجراد” للمؤرِّخ سليم تماري، وكتب المؤرِّخ اسكندر عمل “جبهة المقاومة الوطنيَّة اللبنانيَّة”، “حيفا بصمة حمراء”، وكتاب الأديب والشَّاعر الملتزم بقضايا شعبه هادي زاهر “عبد النَّاصر وجمهوريَّة الطُّرشان”، والبوم الفنَّانة القديرة أمل مرقص، “فتَّح الورد”..
كذلك تجدون في الكتاب ما كُتب عن مؤلَّفاتي، من مقالات ومداخلات وتعقيبات وجدتُها مناسِبةً لتكون جزءً من كتابي الجديد..
كما أردت أن أضع بين صفحات الكتاب مقابلات صحفيَّة كانت قد أُجريت معي ونُشِرت..
وختامًا:
“أَعزُّ مكانٍ في الدُّنى سرجُ سابحٍ وخيرُ جليسٍ في الزَّمانِ كتابُ”
أتمنَّى لكُنَّ ولكُم قراءةً ممتعةً..