الخليل تكرّم كتّاب المحافظة والاتّحاد العام للكتّاب

حلّ يوم 15 كانون الثاني 2025 العشرات من أعضاء الاتّحاد العام للكتّاب الفلسطينيّين – الكرمل 48 ضيوف شرف في حفل تكريم كتّاب محافظة الخليل، والذي قام عليه مركز السنابل للدراسات والتراث الشعبيّ والذي يرأسه د. إدريس جرادات. وقام المركز، إضافة، بتكريم الاتّحاد والأعضاء المشاركين ومنح كلّ منهم شهادة تقدير على دورهم في المشهد الثقافي الفلسطيني.

شارك في اللقاء الثقافيّ هذا ثلّة من الشخصيّات الدينيّة والسياسيّة الفلسطينيّة بتقديم التحيّات، يتقدّمهم؛ المطران عطا الله حنّا ووزير الأديان السابق في السلطة الفلسطينيّة وكاهن الطائفة السامريّة وممثّلو المحافظ والبلديّة والغرفة التجاريّة. وكانت كلمة الاتّحاد، التي قدّمها الأمين العام سعيد نفّاع، فاتحة الشقّ الثقافيّ التكريمي ومقدّما شهادات التكريم للكتّاب باسم المركز. وجاء في الكلمة:

“اسمحوا لي أيّها الأخوة أن أطرح السؤال\ التساؤل: هل كنّا كحملة قلم على قدر ما يتعرّض له شعبُنا مؤخّرًا في غزّة وسائر أماكن تواجده من حرب إبادة؟!

أترك هذا السؤال مفتوحًا أمام ضمائرنا!”

هذا، وعلى هامش المناسبة، التقى وفد من الاتّحاد ضمّ كل من؛ مصطفى عبد الفتّاح، وسعيد ياسين وسعيد نفّاع، لقاءين هامّين؛ مع الأمين العام السابق لاتّحاد الكتّاب الفلسطينييّن: الكاتب نافذ الرفاعي في الخليل، ومع المؤسّس لمنصّة اليوم السابع: الروائي جميل السلحوت في القدس، بحثوا فيهما آفاق التعاون.

وأمّا الكلمة كاملة:

د. إدريس جرادات – مركز السنابل للدراسات والتراث الشعبي

الأخوات والأخوة مع حفظ الأسماء والمقامات

يوم 6 آب 2022 التقيناكم الاتّحاد العام للكتّاب الفلسطينيّين – الكرمل48 في مقرّ مؤسّسة إبداع في الدهيشة، وذلك ضمن برنامج الاتّحاد للتشبيك ما بين الكتّاب الفلسطينيّين في الكلّ الفلسطينيّ.

في بياننا المشترك حينها كتبنا:

“لقاء الكلّ الفلسطيني من مخيّم الدهيشة – بيت لحم والذي ضمّ ممثلّي الاتّحاد العام للكتّاب الفلسطينيّين – الكرمل48 ومؤسّسة إبداع الدهيشة… يدين العدوان الذي تشنّه المؤسّسة الإسرائيليّة على قطاع غزّة، ويعتبر أنّ ما يرتكب من جرائم في غزّة وضد الأبرياء هنالك من الأطفال والنساء والعجزة جرائم حرب ضد الإنسانيّة. اللقاء يدعو كافّة الكتّاب من أبناء شعبنا وفي كلّ أماكن التواجد أن يطلقوا الصوت عاليًا ضد هذا العدوان، وأن يفعلوا ما يستطيعون إلى ذلك سبيلا للتضامن وفضح جرائم العدوان.”.

وما أشبه اليوم بالأمس. تدور الأيّام وها نحن نعقد لقاءنا هذا وشعبنا في غزّة يتعرّض للإبادة!

فإلى متى سيظّل شعبنا يُذبح المرّة تلو المرّة؟!

الأخوات والأخوة!

رأت حركتنا الثقافيّة عامّة والأدبيّةُ منها في ال-48 ومنذ أن التقطت أنفاسَها بعد النكبة، أنّ ثقافتَنا الفلسطينيّة عمادٌ في معركتنا الوجوديّة وأنّما أذرت بأهلها رياح النكبة، وأنّها ومن منطلق وحدتها يجب أن تكون تواصليّة موحِّدةً في حمل الهمّ الوطنيّ. مشاركتنا إيّاكم هذا الحدث يجيء من هذا الباب بوضع لبنةٍ أخرى هامّة في مشروع ترسيخ التواصل بين أركان بيتنا الثقافيّ الفلسطينيّ، التواصل الذي بُتِر كليّة عام ال-48 لكنّه قام كطيرنا العربيّ، العنقاء، من بين الرماد وانطلق.

من نافل القول، أنّ لا رفعةَ ولا رقيّ لمجتمعٍ أو شعبٍ أو أمّة دون لبوسٍ ثقافيّ ثوريّ تنويري، وهذا اللبوسُ هو الذي طغى على مشهدنا الثقافيّ الفلسطينيّ في كلّ أركان البيت، ورغم تباعدِها الجسديّ القسريّ، طغى لأنّنا أبناءُ قضيّة وطنيّة عميقةِ الجراح وأيّ تشويه ثقافيّ يعمّق الجراح.

الحقيقةُ هي أنّا نحن في ال-48 فلسطينيّي البقاء، ال-156 ألفٍ بعد النكبة أو ما يقارب، جلُّنا كان من سكّان القسم الذي كان مخصّصًا للدولة العربيّة في الجليل، وما بقاؤُنا إلّا لأنّ الصهيونيّة وحين دخلته في عمليّة “حيرام” لم تحسب أنّها باقيةٌ فيه بحكم أمميّ أو أمميّ عربيّ لم يأتيا. فجاءت العتمةُ هذه المرّةَ على قدر يد الحرامي، عتمةُ الحكّام العرب والعالم بشرقه وغربه فتركونا لقمة سائغة للصهيونيّة.

أولئك الباقون ورغم كلّ شيءٍ رمّموا ثقافتَهم؛ فكرًا ونثرّا وشعرًا وفنّا، وخرقت ثقافتُهم جدران العزل والأسلاكَ الشائكة، وانطلقت نحو مخيّمات اللجوء وما تبقّى من فلسطين. عامَ 1967م ومع انهيار جدران العزل بهزيمة، صار التواصل؛ أهليّا ووطنيّا وثقافيّا تحصيلَ حاصل. هذا التواصلُ أتى أكُلَه إيجابًا ولكن أيضًا سلبًا وعينيّا في الشقّ الوطنيّ والثقافيّ، وليس المجالُ هنا للولوج عميقًا في ذلك.

يأخذ علينا البعضُ أنّنا بمجرّد استعمالنا مصطلحات؛ ال-48 وال-67 والشتات والاغتراب، نخطئ الهدف ونسيء للرؤية. هذا للوهلة الأولى صحيحٌ، ولكن حين يجيء ذلك كتوصيف حالٍ لا كتجذير حال لا بل ويجيء من باب توجّه تواصليّ عمليّ يتخطّى المصطلحات، حينها تسقط المصطلحات.

لقاؤنا التواصلي هذا هو الردُّ الحاسمُ على ظواهر الفرقة في زمنٍ من التحدّيّات نحن بأشدّ الحاجة فيه لتحصين أركاننا كلِّها؛ الوطنيّة والسياسيّة والثقافيّة. نريد كلّ أشكال التواصل التي تخلق “التواصل الثقافيّ للكلّ الفلسطينيّ” فعلًا لا قولًا، ونحن قادرون إن توفّرت النوايا وشددنا الهمم.

النوايا لا شكّ قائمة لكنّ مهرَها الهمم، ونحن شعبٌ في كلّ مسيرتنا دفعنا المهورَ غالية، وإن كان قدرنا أن نستمرَّ بالدفع فنحن بحاجة إلى الهمم، وكذلك لمسيرتنا الثقافيّة الواحدة والموحّدة!

وأخيرًا!

اسمحوا لي أيّها الأخوة أن أطرح السؤال\ التساؤل: هل كنّا كحملة قلم على قدر ما يتعرّض له شعبُنا مؤخّرًا في غزّة وسائر أماكن تواجده من حرب إبادة؟!

أترك هذا السؤال مفتوحًا أمام ضمائرنا!

مبروك للأخوة المكرّمين.

شكرًا لمركز السنابل للدراسات والتراث الشعبيّ.

عاشت ثقافتُنا الفلسطينيّة واحدة موحِّدة مقاومة، ورافعةً لتطلّعاتنا الوطنيّة!

عاش شعبنُا الفلسطينيّ!

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .