رغم الحصار والقيود الأمنية واعتداءات المستوطنين المستمرة، تستمر الجهود الإنسانية لتقديم الدعم الصحي للمجتمعات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة. وفي سلسلة من النشاطات الطبية المكثفة التي نظمتها مؤسسة “أطباء لحقوق الإنسان”، شهدت قرى مردة في محافظة سلفيت، حوارة وروجيب في قضاء نابلس، وبلدة حبلة بمحافظة قلقيلية، أيامًا طبية مجانية قدمت خلالها خدمات طبية وفحوصات متخصصة إلى جانب توزيع الأدوية اللازمة للمراجعين.
في بلدة مردة بمحافظة سلفيت، نُظّم يوم طبي ضمن نشاطات العيادة المتنقلة، حيث استفاد 328 مريضًا من الفحوصات الطبية والعلاجات المقدمة. هذا النشاط جاء في ظل تصاعد هجمات المستوطنين، الذين أقدموا على إحراق مسجد القرية، ما زاد من مشاعر الغضب بين السكان.
في قرية حوارة، يوم طبي مماثل، حيث تلقى 371 مريضًا الرعاية الطبية رغم استمرار هجمات المستوطنين الذين لم يتوقفوا عن إضرام النار في الممتلكات العامة والخاصة. أما في قرية روجيب، فعلى الرغم من الحصار وانتشار الحواجز الأمنية، تمكنت البعثة الطبية من توفير خدماتها لـ 434 مريضًا. وفي بلدة حبلة بمحافظة قلقيلية، نظم يوم طبي بالتعاون مع محافظة قلقيلية ومؤسسات محلية بينها الهلال الأحمر الفلسطيني. شهد النشاط تقديم خدمات طبية لفئات متعددة من السكان، إضافة إلى تقديم أدوية مجانية للمستفيدين.
تعيش بلدة حبلة، التي يقطنها نحو 10,000 نسمة، أوضاعًا صعبة بسبب نقص حاد في الخدمات الصحية، إذ لا تستقبل العيادة الحكومية المرضى سوى لمدة ساعتين فقط مرتين أسبوعيًا، في ظل شح شديد في الأدوية والمستلزمات الطبية.
استعرض رئيس المجلس المحلي التحديات التي تواجه البلدة، والتي تفاقمت بفعل الجدار العنصري والاستيطان الذي عزل السكان عن أراضيهم الزراعية وحرمانهم من مصادر الري الحيوية. وأكد أن الوضع الاقتصادي المتدهور زاد من معاناة الأهالي، لا سيما بعد منعهم من العمل داخل اسرائيل. وأوضح أن مساحة البلدة تبلغ نحو 10,000 دونم، لكن المخططات الهيكلية المسموح بها لا تتجاوز 800 دونم فقط، مشيرًا إلى أن المحاولات المستمرة على مدى أكثر من 15 عامًا لتوسيع المخطط باءت بالفشل نتيجة تعنت سلطات الاحتلال. كما أكد أن استمرار سياسات الاحتلال أدى إلى اغتصاب مئات الدونمات من أراضي البلدة لصالح المستوطنات، مثل “ألفي منشيه” و”متان”، إضافة إلى حوالي 1,000 دونم أصبحت داخل منطقة جدار الفصل العنصري.
وطالب محافظ قلقيلية حسام أبو حمدة المجتمع الدولي والمؤسسات الإنسانية بتقديم دعم عاجل لمرضى الفشل الكلوي الذين بلغ عددهم أكثر من 75 مريضًا في المحافظة ويواجهون نقصًا حادًا في الأدوية الضرورية، وأشادوا بالدعم السياسي والطبي المستمر الذي تقدمه المؤسسة منذ أكثر من 37 عامًا، مشددا على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
من جانبه، أكد الدكتور صلاح الحاج يحيى، مدير العيادة المتنقلة في منظمة “أطباء من أجل حقوق الإنسان”، استمرار الجهود لتقديم الدعم الطبي في العديد من المناطق الفلسطينية النائية، خصوصًا في ظل الظروف الاستثنائية التي تشهدها الأراضي المحتلة حاليًا. وأشار إلى أن الفريق الطبي يعمل بلا كلل للوصول إلى القرى والمناطق المحاصرة رغم العقبات الأمنية وحواجز الاحتلال، مضيفًا: “نحن ملتزمون بالبقاء إلى جانب شعبنا وتقديم الرعاية الصحية للمحتاجين، لأن الحق في الصحة هو حق إنساني أساسي لا يمكن المساس به”.