أطباء لحقوق الانسان:
شهدت شمال الضفة الغربية سلسلة من الأيام الطبية التي نظمتها العيادة المتنقلة التابعة لمنظمة “أطباء لحقوق الإنسان”، في محاولة لتقديم الدعم والرعاية الصحية للمجتمعات الفلسطينية التي تعاني من الحصار، الاقتحامات المتكررة، ونقص الخدمات الأساسية. استهدفت الجولات مخيم الفارعة في شمال الأغوار، قرية دير شرف في محافظة نابلس، وقرية سرطة في محافظة سلفيت، حيث قدم الأطباء خدماتهم وسط ظروف قاسية ومعاناة مستمرة.
مخيم الفارعة: 13 اقتحامًا خلال الأشهر الأخيرة
في يوم السبت، نظمت العيادة المتنقلة يومًا طبيًا في مخيم الفارعة بمحافظة طوباس، الذي يأوي أكثر من 8000 لاجئ منذ تأسيسه في 1952. أقيم الحدث في مدرسة البنين بالتعاون مع اللجنة الشعبية، جمعية النساء، ولجنة إعادة التأهيل ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة.
استقبلت قيادة المخيم فريق الأطباء بالترحيب والشكر، مشيرين إلى المعاناة الناتجة عن الاقتحامات العسكرية المستمرة، التي أدت إلى تدمير البنية التحتية وسقوط عشرات الضحايا. وأوضح عاصم صبح، رئيس اللجنة الشعبية، أن المخيم شهد 13 اقتحامًا خلال الأشهر الأخيرة فقط، خلّفت خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات.
شارك الفريق الطبي في تقديم الاستشارات لنحو 385 مريضًا، بينهم 41 طفلًا، مع التركيز على التخصصات الطبية المختلفة مثل طب الأسرة، الأطفال، والسكري، إضافة إلى الدعم النفسي والعلاج الطبيعي. وأكد الدكتور صلاح الحاج يحيى، مدير العيادة، أن هذه الزيارة تأتي استجابة للحاجة الملحة للرعاية الطبية في ظل القيود المفروضة على المخيمات الفلسطينية.
دير شرف: قرية محاصرة تعاني من القيود والحواجز
فيما نظمت العيادة المتنقلة يومًا طبيًا في قرية دير شرف، غرب نابلس. استهدفت الفعالية سكان القرية البالغ عددهم 3000 نسمة، الذين يعانون من الحاجز العسكري الذي يقسم القرية إلى شطرين منذ عامين.
استقبل رئيس المجلس المحلي شادي أبو الحلاوة ومحافظ نابلس غسان دغلس فريق الأطباء. وأشاد أبو الحلاوة بالزيارة التي جاءت في ظل الصعوبات التي يواجهها السكان، حيث تؤدي القيود إلى تعطيل الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه وجمع النفايات. كما أشار إلى أن معظم أراضي القرية تقع في المنطقة “ج”، ما يعرقل وصول المزارعين إلى حقولهم خلال موسم الزيتون.
قدّم الفريق الطبي خدماته لـ400 مريض، بينهم 53 طفلًا، كما وزعت الأدوية اللازمة. وفي كلمته، أوضح الدكتور صلاح الحاج يحيى أن الفريق يواجه تحديات مستمرة للوصول إلى القرى، لكن التزامه بتقديم الرعاية الطبية يعكس دعمًا عمليًا ومعنويًا لصمود الشعب الفلسطيني.
سرطة: بين محاصرة المستوطنات وشح الخدمات
كما استضافت قرية سرطة بمحافظة سلفيت يومًا طبيًا نظمته العيادة المتنقلة. القرية، التي يسكنها أكثر من 4000 نسمة، تعاني من تضييق المستوطنات المحيطة مثل “بروخين” و”بركان”، ما يفاقم معاناة السكان في ظل نقص الخدمات الأساسية.
استقبل علاء صلاح، رئيس المجلس المحلي، فريق الأطباء، وأكد أن معظم أراضي القرية، رغم مساحتها الإجمالية البالغة 6000 دونم، مصنفة “ج”، مما يجعل السكان عرضةً لأوامر الهدم المستمرة. كما أشار إلى التحديات التي يواجهها المزارعون، خصوصًا في موسم الزيتون، حيث يمنعون من الوصول إلى أراضيهم القريبة من المستوطنات.
خلال اليوم الطبي، تلقى 320 مريضًا، بينهم 28 طفلًا، استشارات طبية في تخصصات متعددة. وشدد الدكتور صلاح الحاج يحيى على أهمية استمرار هذه الزيارات، رغم العقبات التي يفرضها الاحتلال.
رغم القيود والحواجز التي تعيق تحركات الفريق الطبي، جسدت هذه الأيام الطبية رسالة تضامن مع المجتمعات الفلسطينية، مؤكدين التزامهم بتقديم الرعاية الصحية ودعم حقوق الإنسان.
وقال الدكتور صلاح الحاج يحيى مدير العيادة المتنقلة في منظمة أطباء لحقوق الانسان “نحن نلتزم التزامًا مطلقًا بتقديم الرعاية الصحية والوقوف إلى جانب المجتمعات الفلسطينية التي تعاني من الانتهاكات المتكررة والحرمان من أبسط حقوقها الإنسانية. إن جولتنا الأخيرة إلى مخيم الفارعة، وقرى دير شرف وسرطة، تأتي ضمن جهودنا المستمرة لتلبية الاحتياجات الطبية العاجلة في ظل الظروف الصعبة.
نواجه يوميًا تحديات هائلة أثناء وصولنا إلى المرضى، بدءًا من الحواجز العسكرية والتأخيرات المتعمدة، وصولًا إلى العقبات البيروقراطية. ومع ذلك، فإن إيماننا العميق بحق كل إنسان في الحياة بكرامة والحصول على رعاية صحية شاملة يدفعنا إلى المضي قدمًا. ومعاناة أهلنا في هذه المناطق تتجاوز الحاجة إلى خدمات طبية فقط، فهي تشمل قيودًا على الحركة، حرمانًا من الخدمات الأساسية، وعنفًا ممنهجًا من قوات الجيش والمستوطنين. هذه الظروف تخلق أزمة إنسانية يومية تُلقي بظلالها على حياة الأطفال والنساء وكبار السن، الذين يمثلون الفئات الأكثر تأثرًا.