قصيدة “أقنعة الرّهبة والصّمت” للشّاعر صالح أحمد كناعنة، من الأعمال الشّعريّة التي تعبّر عن معاناة الإنسان في زمن قاتم قاس وشعوره بالضّياع وفقدان الهويّة، والوحدة والاغتراب، تتميّز بلغتها الرّمزيّة وصورها الغامضة. تشير إلى الموت كحاضر دائم يهدّد كلّ شيء، ويلقي بظلاله على كلّ جوانب الحياة؛ ليصبح بمثابة دافع لصرخة مدوّية في وجه الظّلم والقهر، ولكنّ هذه الصّرخة لا تقف عند حدود التّعبير عن الألم، بل تصبح دعوة للكفاح من أجل عالم أفضل، ينتصر فيه النّور على الظّلمة، والأمل على اليأس، فيشعل الشّاعر جذوة التمرّد في قلوب قرّائه، تاركا إيّاهم في حالة من التأمّل والتّساؤل: هل يستطيع الإنسان التّغلّب على قوى الظّلام؟ أم سيظلّ أسيرا لقوى الشرّ؟. ومن وراء العتمة، ينادي صوته المقاوم للصّمت، يبحّر في عتمة الوجود باحثا عن بصيص أمل في هذا العالم القاتم.
صراع واضح يتجلّى بين الواقع المرّ، والخيال الذي يلجأ إليه، إذ يمثّل الحلم ملاذا بالنّسبة له من قسوة الواقع، فيحلّق بأجنحة خياله، لكن سرعان ما ينهار هذا الحلم، وتعوده قسوة الواقع، وعلى الرّغم من أجواء اليأس التي تسيطر عليه، إلا أنّه لا يفقد الأمل تماما، فيشير إلى فجر باحث عن نشوة جديدة، ففي داخله شعلة لا تزال تضيء، شعلة تؤمن بصبح جديد يبدّد العتمة، ويحيي في قلوب البشر الأمل والحبّ والحياة.
الأسلوب والتّأثير:
يتميّز أسلوب الشّاعر بالتّعبيريّة، فهو يعبّر عن مشاعره الدّاخليّة بشكل مباشر وصادق، فتترك قصيدته انطباعا عميقا لدى القارئ، وتجعله يفكّر في قسوة الحياة، تسلّط الضّوء على المعاناة البشريّة جرّاء العنف والصّراعات والحروب، فتثير مشاعر الحزن والتّعاطف مع المكلومين والضّحايا، وتذكّرنا بضرورة البحث عن الأمل وسط الأنقاض والرّكام.
تمّ توظيف تقنيّة التّقابل والتّضاد بين الكلمات، مثل تقابل الموت والحياة، الخير والشّر، الظّلم والعدالة، اللّيل والفجر والصّبح، ممّا يخلق تأثيرات دراميّة قويّة. كما استخدمت الجمل المتوازيّة في بعض الأبيات؛ وذلك لخلق شعور بالانسجام والتّوازن. ووظّفت تقنيّة التّكثيف؛ للتّعبير عن الكثير من المعاني في كلمات قليلة، الأمر الذي يخلق إيحاءات عميقة ودلالات متعدّدة، ويثير مشاعر القارئ بشكل مباشر وفعّال، ويحفّز خياله ويشركه في عمليّة التّأويل.
تكشف تقنيّة التّكثيف المستخدمة عن مهارة الشّاعر وبراعته في اختيار الكلمات، واستخدامه للصّور المجازية بحرفيّة.
الرمزيّة، ورحلة في أعماق المعنى:
للرّمزيّة دور هامّ في هذه القصيدة، فهي تزيدها عمقا ودلالة، تتيح للقارئ تفسيرها بطرق مختلفة، وتساعد على إثراء المعنى، وتعمل على إيصال أحاسيس الشّاعر المتناقضة كالخوف والقهر واليأس والرّجاء والأمل، تثير التّساؤلات حول القضايا الإنسانيّة المختلفة، مثل الحريّة والعدالة والظّلم؛ لتزداد السّطور جمالا ورونقا، وتغدو أكثر جاذبيّة.
إليكم بعض الأمثلة التي وردت فيها الرّمزيّة:
“أقنعة الرّهبَةِ والصّمتِ”: ترمز إلى القمع والخوف الذي يُفرَض على النّاس.
“الدّربُ ثُقوبٌ تتعرّى”: ترمز إلى الطّريق الصّعب، المليء بالعقبات.
“الموتُ يُحايِلُ لَونَ المَوت”: ترمز إلى تكرار عمليّات القتل والموت.
“العالم أنقاضٌ تعوي”: ترمز إلى الدّمار والفوضى التي تسيطر على العالم.
“الغيم، لا يُرسِلُ إلا رَشحَةَ عُقم”: ترمز إلى الأمل المتلاشي.
“الخَيمَةُ أوتادٌ في جُرح”: ترمز إلى الشّعور بالوحدة، وتجسّد حالة اللّجوء والتشرّد نتيجة للظّلم.
“بَصَماتٍ لِنَهارٍ مات”: ترمز إلى آثار الحرب والعنف والدّمار.
“النّاسِكُ لمّا صارَ المَوتُ هُناكَ هِوايَة، وضعَ النّظّاراتِ الأغمَق”: ترمز إلى استسلام المثقّف لليأس والإحباط وفقدان للأمل، والتّجاهل واللّامبالاة، خوفا من ملاحقة الأيديولوجيّة الرسميّة في بلاده، وبالتّالي يختار الصّمت.
“تَتثاءَبُ أحلامُ النّهرين”: ترمز إلى موت الحضارة العربيّة.
“سَيفُ المُتَنَبي”: ترمز إلى قوّة الشّعر وقدرته على التّغيير؛ كأداة لمقاومة الظّلم والقهر.
“اللّيلُ يلوكُ اللُّقمَةَ، يَرميها في نَعشِ المَوتى”: ترمز إلى قسوة اللّيل وظلمه.
“الفجرُ الباحِثُ عن نَشوة”: تجسّد تطلّعا نحو غد أفضل، وتعبّر عن رغبة جامحة في التّغيير والتّجديد، وعن شوق لفجر متحرّر من قيود الظّلام، يبشّرنا بنهاية اللّيل وبدء نهار جديد.
كما تلعب الذّاكرة دورا في هذه القصيدة فتثير اللّوعة والأسى، ويدلّ الحبّ إلى التّوق إلى التّواصل والانتماء، لكنّه يظل بعيد المنال، كما يمثّل الزّمن قوّة قاهرة تسحق آمال الشّاعر وتفقده إيمانه بالحياة، فيثقل الهمّ صدره ويشعره بغصّة تعتصر دواخله، وبالضّيق والاختناق الذي يهدّد كينونته.
الفلسفة، بين عبثيّة الحياة والأمل:
تحمل هذه القصيدة فلسفة عميقة، تعبّر عن مشاعر مبدعها تجاه العالم، وتطرح التّساؤلات حول عبثيّة الحياة والموت ومعناهما، والحريّة والقمع والانتماء، وتُؤكّد على أهميّة الحلم والذّاكرة في الحفاظ على الهويّة. ولا تعدّ العبثيّة موضوعا رئيسيّا فيها، لكنّها تظهر كأحد الأفكار التي يناقشها الشّاعر، ويمكن تفسير العبثيّة في القصيدة بطرق مختلفة، وذلك حسب وجهة نظر القارئ، فهي مليئة بالرّمزيّة، ما يجعلها مفتوحة للتّأويل والتّفسيرات المختلفة، وإثارة ما يستحقّ النّقاش والطّرح.
كما تغلّف القصيدة أيضا، أجواء سياسيّة تجسّد صرخة الشّاعر ضدّ منع الحريّات وفرض الرّقابة على الأفكار في ظلّ الأنظمة القمعيّة، فالصّمت الأعمى يخيّم على المشهد، وهو رمز لقمع حريّة التّعبير وخنق الأصوات، أمّا “الدّربُ ثُقوبٌ تتعرّى” فرمز إلى الفوضى والانهيار الذي يصيب المجتمع تحت وطأة القمع.
“يتمرّغُ منفيًّا زمني”، تعبّر عن الشّعور بالوحدة والاغتراب في المنفى، بعيدا عن الوطن والأهل.
“هَجَرَتني صَحوةُ أَسمائي”: ترمز هذه العبارة إلى فقدان الهويّة بسبب النّفيّ والاقتلاع من الجذور.
“الصّحوةُ لا تُسبى”: تعبّر عن إيمان الشّاعر بإمكانيّة التّغيير من خلال الثّورات التي تقوم بها الشّعوب.
“تردي لَيلَ الصَّمتِ الأعمى”: تشير إلى انتصار الثّورة على القمع، وإسكات صوت الرّعب.
“نخاسٌ… إنّي نخاسٌ”: تشير إلى الاستغلال والفساد.
الصّمت: يمكن تفسيره كرمز للقمع السياسيّ، فالأنظمة الدّيكتاتوريّة تقمع حريّة التّعبير، وتجبر النّاس على الصّمت.
الموت: يمكن تفسيره كرمز للقتل والقمع الذي تمارسه الأنظمة.
المنفى: يمكن تفسيره كرمز للتّشريد القسريّ نتيجة القمع السياسيّ.
النّاسِكُ: يمكن تفسيره كرمز للمثقّف أو المفكّر الذي يسجن أو ينفى بسبب أفكاره المعارضة.
النّخاسُ: يمكن تفسيره كرمز للنّظام الذي يتاجر بحياة النّاس ويستغلّهم.
اللّيلُ: يمكن تفسيره كرمز للظّلم والقهر الذي تفرضه السلطات على شعوبها.
الموسيقى وأدواتها:
تتميّز القصيدة بإيقاع منتظم يساعد على إيصال المشاعر بوضوح، أمّا الموسيقى الشّعريّة مثل التّكرار والجناس والطّباق، فتساعد على جذب اهتمام القارئ.
أضفت الموسيقى حزنا على أجواء القصيدة، تكرّرت بعض الكلمات والعبارات مثل “الصّمت” و”الموت” و”المنفى” مما عزّز من معانيها، وساهم في خلق شعور بالثّقل والضّيق.
كما تتّبع القصيدة نظام القافيّة الداخليّ، الذي يضفي عليها موسيقى هادئة تناسب موضوعها الحزين، ويربط أبياتها ببعضها البعض.
تتواجد القافية الدّاخليّة في نهاية كلّ بيتين أو أكثر من أبيات القصيدة، نجد أنواع مختلفة من القافية مثل القافية التّامّة: “يُمارِسُ سَكرَتَهُ” و “تَتعرّى”، والقافية النّاقصة: “يَسعى بيدينِ مُضرّجَتَين” و”تعوي”، والقافية المتشابهة: “يَستَجدي أنّاتِ مَخاضٍ” و “رَشحَةَ عُقم”، والقافية المتضادّة: “يَعرِفُ حالاتٍ وفُصول” و “ماضٍ مُغرِق”.
بشكل عام، تتوزّع القافية بشكل عشوائيّ، مما يضفي على القصيدة إيقاعا متنوّعا، ويمنحها وحدة وتماسكا، ويسهّل على القارئ فهمها، ويساهم في جعلها عملا شعريّا منسجما ومؤثرا.
الاستعارة في القصيدة:
تضفي الاستعارة على القصيدة جمالا ودلالة، وقد استخدمت بشكل متكرّر، مما أشار إلى أهميتها في إيصال المعنى، وإثارة اهتمام القارئ وجذبه. هذه بعض الأمثلة:
“أقنعة الرّهبَةِ والصّمتِ”: استعارة مركّبة تشبّه الخوف والقمع بأقنعة تغطّي الوجوه.
“الدّربُ ثُقوبٌ تتعرّى”: استعارة تشبّه الطّريق بالجروح المفتوحة.
“الموتُ يُحايِلُ لَونَ المَوت”: استعارة تشبّه الموت بالشّخص الذي يغيّر ملابسه.
“العالم أنقاضٌ تعوي”: استعارة تشبّه العالم بحيوان مصاب يصدر أصواتا مؤلمة.
“الغيم.. لا يُرسِلُ إلا رَشحَةَ عُقم”: استعارة تشبّه الغيم بالعاجز الذي لا يقدّم أيّ مساعدة.
“الخَيمَةُ أوتادٌ في جُرح”: استعارة تشبّه الخيمة بالجروح التي تسبّبها الوحدة والألم.
“بَصَماتٍ لِنَهارٍ مات”: استعارة تشبّه آثار النّهار بالأثار المدمّرة والجروح التي تخلّفها الحرب.
“النّاسِكُ لمّا صارَ المَوتُ هُناكَ هِوايَة، وضعَ النّظّاراتِ الأغمَق”: استعارة تشبّه الموت بالهواية التي يمارسها النّاس، وتشبّه النّظارات الأغمق باللامبالاة التي يظهرونها تجاه الحدث.
“تَتثاءَبُ أحلامُ النّهرين”: استعارة تشبّه الأحلام بالنّوم والتّكاسل.
“سَيفُ المُتَنَبي”: استعارة تشبّه الشّعر بالسّيف الذي يقاتل الظّلم.
“اللّيلُ يلوكُ اللُّقمَةَ، يَرميها في نَعشِ المَوتى”: استعارة تشبّه اللّيل بالوحش الذي يأكل الموتى.
“الفجرُ الباحِثُ عن نَشوة”: استعارة تشبّه الفجر بالشّخص الذي يبحث عن السّعادة.
الصّور واللّغة الشّاعريّة الأنيقة:
استخدمت اللّغة والبلاغة والصّور المجازيّة ببراعة؛ للتّعبير عن المشاعر والأفكار، واستخدمت الاستعارة والتّشبيه والكنايّة؛ لإيصال المعنى بشكل أكثر عمقا وجمالا.
يشبّه الشّاعر نفسه بأفعى في قيظ الصّحراء تتلوّى من شدّة الألم، وذلك لخلق شعور بالرّهبة والعناء، كما يشبّه أحلامه بنهر يتثاءب على شفتيه، ويستخدم التّكرار لخلق شعور بالضّغط والتأكيد على الأفكار الرئيسيّة للقصيدة، فيكرّر كلمات الصّمت والموت واللّيل، لإبراز أهميتها في إيصال المعنى.
من وحي المتنبّي:
تشير عبارة “سَيفُ المُتَنَبي” إلى شجاعة الشّاعر وإصراره على التّعبير عن آرائه ومشاعره، حتّى في ظلّ الظّروف القاسية، فكما استخدم المتنبّي سيفه للدّفاع عن نفسه ومبادئه، يستخدم الشّاعر كلماته كسلاح لمقاومة الصّمت والخوف والقهر، وعلى الرّغم من أنّ العالم من حوله قد تحوّل إلى “أنقاض تعوي” و “غيم لا يُرسِلُ إلا رَشحَةَ عُقم”، إلا أنّه لا يزال يملك “سيف المتنبّي” الذي يمكّنه من إيصال صوته معلنا إيمانه بالأمل، مؤكّدا على أنّ “الصّحوة لا تُسبى” وأنّ “الفجر الباحث عن نَشوة” سيأتي ويبدّد الظّلمة.
“اللّيلُ يلوكُ اللُّقمَةَ يَرميها في نَعشِ المَوتى”: تشير هذه الأبيات إلى أنّ الشّاعر يدرك أنّ قوى الظّلام قوية، لكنّه لا يستسلم لها، بل يواصل مقاومتها بكلماته.
“يصحو… الصّحوةُ لا تُسبى الفجرُ الباحِثُ عن نَشوة يبعثُ أُغنيةً مُرتَجَلة تُردي لَيلَ الصَّمتِ الأعمى”: تشير هذه الأبيات إلى أنّ الشّاعر يتمسّك بالأمل، ويؤكّد على أنّ “الفجر” سيأتي.
ختاما.. أبدع الشّاعر صالح أحمد كناعنة في هذه القصيدة لوحة فائقة، غَزَلَ خيوطها بمهاراته الشّعريّة العالية، ونسجها بلغة آسرة غنيّة بالصّور البيانيّة والمعاني العميقة، فاستخدم مفردات مختارة بعناية، تداعب مشاعر القارئ وتثير خياله، وظّف موسيقى شعريّة منسجمة تضفي على القصيدة سحرا خاصّا، ولم يكتفِ بذلك، بل أضاف إليها تقنيّات ذكيّة ودلالات رمزيّة غزيرة، تعمّق من معانيها وتضفي عليها أبعادا جديدة. ونتيجة لهذا التّكامل المتقن بين العناصر الشّعريّة المختلفة، برزت هذه القصيدة كتحفة فنّيّة، تثير الدّهشة وتحفّز على التأمّل. وإليكم القصيدة.
أقنِعَةُ الرّهبَةِ والصّمت.. للشّاعر صالح أحمد كناعنة
كم يَقتُلُني زَمَنُ الصّمتِ الأعمى
في عمرٍ يَعشَقُ غُربَتَهُ..
يَتعمَّدُ عُذرًا بالبَرق..
والصّبحُ يُمارِسُ سَكرَتَهُ
فالدّربُ ثُقوبٌ تتعرّى ..
تتوارى من عُريِ الخُطُواتِ مسافةُ رأي
وتلوذ بنارٍ تُذكيها سَكَراتُ الصّمت
والموتُ يُحايِلُ لَونَ المَوت
يسعى بيدينِ مُضرّجَتَين
والعالم أنقاضٌ تعوي
تَستَجدي أنّاتِ مَخاضٍ
والغيم…
لا يُرسِلُ إلا رَشحَةَ عُقم
لا تنبِتُ إلا عُشبًا مَسكونًا بالوَحل
لا يَعرِفُ حالاتٍ وفُصول
يتلوّى في ماضٍ مُغرِق
ماضٍ راحت عَنهُ الغيمَة
تَرَكَتهُ لأرياحٍ تتناوَح
تأبى أن تصرُخَ “واجرحاه”
وتلوذُ بأنقاضٍ تَعوي..
بَصَماتٍ لِنَهارٍ ماتْ
والمَنفى…يَجتاحُ المَنفى..
والخَيمَةُ أوتادٌ في جُرح
الجرحُ بلا ألمٍ لكن..
أَنساني أن أسمَعَ صَوتي
وأنا أتَحسّسُ أقنِعَةَ الرّهبَةِ والصّمت
وكأفعى في قيظِ الصّحراء
يتلوى الطّقسُ بذاكرتي
والطّقسُ شُرود..
النّاسِكُ لمّا صارَ المَوتُ هُناكَ هِوايَة..
وضعَ النّظّاراتِ الأغمَقْ..
وأسرّ لليلٍ يسكُنُهُ:
نخاسٌ.. إنّي نخاسٌ!
يتمرّغُ منفيًّا زمني..
وعلى شفَتَيْ..
تتثاءَبُ أحلامُ النّهرين..
لا يَسبي.. لا يُسبى الحُلُمُ!
هَجَرَتني صَحوةُ أَسمائي
يا عُنوانَ الفَجرِ الغائبِ عن لُغَتي..
سَكِروا…
تَرَكوا أُمنِيَتي للرّيح…
يسكُنُها سَيفُ المُتَنَبي
يُنزِلُها من قُرصِ الشّمس
يُعطيها رهنًا للّيل
لِحُروفٍ خَلَعت أضلُعَها
لِتُلائِمَ أَصواتَ اللّيل..
واللّيلُ يلوكُ اللُّقمَةَ..
يَرميها في نَعشِ المَوتى..
يصحو…
الصّحوةُ لا تُسبى..
الفجرُ الباحِثُ عن نَشوة..
يبعثُ أُغنيةً مُرتَجَلة
تُردي لَيلَ الصَّمتِ الأعمى.