تعاني طائفة الموحدين الدروز من ثقل الاحتلال الإسرائيلي الذي يفرّق أبناءها ويمنعهم من التواصل، فدروز فلسطين والذين يُعرفون بعرب 48، ممنوعون من قبل إسرائيل من القيام بأبسط حقوقهم بالتواصل مع أقاربهم في لبنان وسوريا، أو زيارة مقدساتهم ومقاماتهم الدينية أسوة بباقي الطوائف.
إلا أن رئيس لجنة التواصل الشيخ أبو محمد علي المعدّي قرر المواجهة المفتوحة، وتمكّن من الاستحصال على جواز سفر فلسطيني، بأمر رئاسي من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وبدأ زيارة الى لبنان منذ أيام قادماً من تركيا يرافقه منظّم الزيارة بلال صالح العريضي.
الشيخ المعدّي الذي يقوم منذ أيام بجولة على مرجعيات الطائفة الدرزية في لبنان ومقاماتها الدينية، حيث يلقى استقبالات شعبية ودينية واسعة، أشار في حديث لموقع mtv الى أن “أهمية هذه الزيارة أولاً بأنني أقوم بها بجواز سفر فلسطيني، وثانياً لتثبيت الزيارات الدينية التي كانت موجودة قبل العام 1948، وكانت مشايخ الطائفة الدرزية في بلاد الشام منذ أكثر من مئة عام تجتمع فيها، وهي زيارة مقام النبي شعيب في حطين، زيارة مقام النبي هابيل قرب دمشق، زيارة مقام النبي أيوب في جبال الشوف وزيارة خلوات البياضة الزاهرة في حاصبيا. بالإضافة الى تثبيت التواصل مع الأهل وأبناء الشعب الواحد، لأن التواصل مع الأهل، أكان على مستوى رجال دين أو زمنيين أو نساء أو أطفال هذا حق شرعي، وهذا منهج تشرّعه الديانات السماوية وتقرّه القوانين الدولية ويدعمه المنطق والعدل والإنصاف. وهذا هدفنا من الزيارة لأن هذا الحق بالتواصل معطى في الداخل الفلسطيني للطوائف كلّها، بمن فيهم اليهود، ما عدا الطائفة الدرزية. فلا يمكن الكيل بمكيالين، ونحن نطالب بحقنا كما باقي الطوائف”.
وبينما أكد أن “لي الشرف بحمل الجواز الفلسطيني لأننا شعب واحد وهمّ واحد وقضية واحدة”، استطرد قائلاً: “نحن الفلسطينيون الأوائل الذين بقينا في أرضنا وحافظنا على عروبتنا وقاومنا أساليب الظلم والاضطهاد على مدار سبعين عاماً ولم نزل. وكل عمل يستند الى مبدأ الديانات السماوية والقوانين الدولية والمنطق نلتزم به وكل قانون ظالم لا نعترف به”.
سيكون للزيارة بعد عمليّ كبير، فدروز فلسطين لا يستطيعون الدخول الى لبنان وسوريا عبر الجنوب والجولان، في ظل غياب العلاقات الدبلوماسية، إنما الأسهل بالنسبة إليهم أن يسلكوا طريق الأردن. وفي هذا السياق كشف الشيخ المعدّي أن “المنسق العام للجنة التواصل إحسان كامل مراد وأمين عام الحركة فادي محمد نفاع قدّما قبل شهرين برفقة وحيد مرزوق المعدّي، شكوى الى الأمم المتحدة في جنيف، بكل تفاصيل هذا الموضوع، وبعد أسبوعين سيكون هناك مؤتمر عام لمجلس حقوق الانسان، الذي يضم 193 دولة، وسيتم تقديم وثائق زيارتي الى لبنان وتثبيتي للزيارات الدينية للمقامات، والطلب على أساسها من المجلس إصدار قرار يلزم إسرائيل بإعطاء الدروز هذا الحق بالقيام بهذه الزيارات، إن كان على الصعيد الديني أو على الصعيد الأهلي”.
ورداً على سؤال إذا ما طلب من الدولة اللبنانية الدعم والتصويت لصالح هذا القرار، قال: “لم نطلب بشكل خاص من أي دولة التصويت، إنما نطلب ذلك من الدول الأعضاء في مجلس حقوق الانسان بشكل عام”.
وأضاف المعدّي: “نعرف أن إسرائيل لا تلتزم حتى بقرارات مجلس الأمن، لكننا نريد أن نصل الى الهيئات الدولية للمطالبة بحقنا، ولقد اتخذت هذا التحدّي بالخروج بجواز سفر فلسطيني الى تركيا والمجيء الى لبنان برفقة الأخ بلال العريضي كي أؤكد أننا ذاهبون لتحدي إسرائيل بأي وسيلة وأي ثمن ونتحمّل كل مسؤولية ولا نخاف إلا من الله ولا نركع إلا لله مهما كان الثمن”.
ورداً على سؤال عن موقف دروز فلسطين من مسعاه وعمّا إذا كان الرئيس الروحي الشيخ موفق طريف يدعمه أيضاً، قال المعدّي: “الغالبية العظمى من أبناء الطائفة الدرزية في فلسطين يؤيدون التواصل الذي نقوم به، وأكتفي بالجواب بهذا القدر”.
وعمّا إذا كان سيواجه أي مشاكل في طريق عودته، أكد المعدّي “أننا اتخذنا كل الاحتمالات وأؤكد مرة جديدة أننا لن نتنازل عن حقنا لأننا لا نعتدي على أحد ونطالب بحقنا كما الجميع”.
وعن التحديات التي يواجهها الدروز في فلسطين، لفت إلى ان “هناك قوانين عنصرية جائرة نعاني منها ونطالب بإلغائها كي يكون لنا الحق كمواطنين أصليين في هذا الوطن، لا سيما قانون القومية، وقانون “كامينتس” الذي يحد من مسطحات القرى، ومن البناء غير المرخص والغرامات الباهظة، ومشاريع عدّة تُمرّر على أراضي العرب بشكل عام ومن بينهم الطائفة الدرزية، منها مشروع الغاز ومشاريع تحلية المياه ومصادرة عدد من الأراضي والحد من مناطق البناء”.
وعن رسالته بعد هذه الزيارة، قال المعدّي: “أوجه رسالة الى جميع أبناء الطائفة الدرزية بشكل خاص بالاتحاد والمحبة لأن الاتحاد هو قوة لنحصّل حقوقنا، وأوجه رسالة الى جميع أبناء شعبنا العربي بأننا جزء من هذا الشعب ونطالب بالتواصل مع أبناء شعبنا. وتحية كبيرة الى الدولة اللبنانية التي أتاحت لي هذه الفرصة بزيارة أماكننا المقدسة وزيارة أهلنا ومرجعياتنا الروحية”.
يشار إلى أن الشيخ المعدّي منعته إسرائيل في العام 2018 من الدخول الى سوريا واعتقلته، ما أثار موجة غضب واسعة بين أبناء الطائفة الدرزية، رغم أنه كان سبق وزار سوريا 3 مرات في أعوام 2005 وضم الوفد 105 مشايخ و2007 وضم الوفد 283 شيخاً و2010 وضم الوفد 191 شيخاً، وكان في استقبالهم حينها النائبان السابقان وليد جنبلاط وطلال أرسلان.
نادر حجاز – موقع mtv