إن شر البلية ما يُضحك ..فأنا لا ادري الى اين مسيرنا ومسارنا في هذا الزمن العصيب حيث اصبح “الأخ كالفخ.. والغريب كالذيب ..والاقارب كالعقارب.. وقل الحياء من وجه النساء وقلت النخوة من رؤوس الرجال “هذا ما جاء عن علامات اخر الزمان .
إذ لمّا سافرت مؤخرا في رحلة الى النرويج.. إحدى جنات الله على الأرض.. تعجبت لجمال هذا البلد ونظافته وادب سكانه واخلاقهم ..إضافة الى جمال سكانه والهدوء الذي يجبرك على التأمل والخشوع لإبداعات الخالق, التي تجلّت بجباله وثلوجه وغاباته وشلالاته وخلجانه (الفيوردات).. التي تتدفق مياه المحيط الأطلسي من خلالها الى عمق اليابسة ,عشرات الكيلومترات عبر خلجان ذات مياه عميقة, لون مياهها التوركيز ما بين الاخضر والازرق كالزبرجد ,وسفوح جبال منحدرة بشدة نحو المياه ..لترى الشلالات المتدفقة من أعالي الجبال المكسوة بالثلوج ..فتقف مبهورا ومندهشا ..واول ما تلفظه وتقول: يا الله ما أروع ابداعاتك وجلال تكوينك !!
اضف الى جمال سكانها ودماثة اخلاقهم وحسن تربيتهم : فلا سيارات شرطة ولا اسعاف ولا إطفاء ولا زمامير مزعجة ولا مخالفات ولا حوادث.. اذ ان كل شيء يسير بدقة وانتظام كالساعات السويسرية
فقلت في نفسي اين هم وأين نحن منهم ؟!
لماذا يسود في مجتمعنا العنف والفوضى والاجرام والانحلال الخلقي !! ولماذا ما زلنا متخلفين عن ركب الحضارة التي وصلوا اليها قبل عشرات السنين… وربما قرون
فأصل الى قناعة ان السبب هو نحن والخلل فينا.. فبدل ان نواكب عجلة الزمن والتقدم العصري ..لا زلنا في معقولية العصبية القبلية والطبيخ والنفيخ … ونعيش على اساطير الزير وعنترة وأبو زيد الهلالي ونجتر شعر شعراء الجاهلية والمخضرمين…حيث لا زلنا نتجادل على كيفية ترتيب الطاولات وترتيب صحون الاكل وشخاتير الأرز وصحون الكبة وجاطات اليخنة او المرقة في اعراسنا ..منذ قرون وقرون ..ونتباهى بكثرة العزائم والانكى هو ما يجري في مناسبات العزاء من خطابات ومجاملات حول الفقيد او الفقيدة في الأحيان الكثيرة بعيدة كثيرا عن صفات الراحل او الراحلة.. ولكنهم يعرفون في قرارة أنفسهم ان مجاملاتهم ليست سوى نفاق اجتماعي على الغالب وكذب على وجه الله.!
إذ بدل ان يركزوا على المهم- كالعلم والتربية والفن والنظافة والنظام والاحترام ومحبة الاخر ..وترجيح المصلحة العامة على المصلحة الشخصية .. والتسامح والتعاضد وقت المحن والوقوف في وجه الظالم ,الذي انتهك حقوقنا وسلب وصادر أراضينا عنوة أو عبر سماسرته.. وخنق قرانا بمحميات طبيعية وقوانين تنظيم جائرة… تُغرقنا تحت سطح الماء حتى نكاد نختنق.. بسبب المخالفات الباهظة التي يفرضونها.. والمؤسف بل المبكي ..أن البعض من أولائك الذين يعدون انفسهم قادة على المستوى الديني والسياسي والاجتماعي , يتامرون على مصلحة جماهيرهم وهمّهم إرضاء ساداتهم في السلطة والتشبث بالكرسي!
اذ انهم يركزون على القشور والمظاهر في مجتمعنا كاللثام والسياقة واللباس وحضور الافراح الخ..فترانا ننهش لحم بعضنا نيّا وحيّا.. دون وازع من ضمير ,سائرين في درب التفرقة والتشرذم كي نرضي جلادينا .
انني أقول وبصريح العبارة -ويل لأمة تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تنسج وتعيش على ما يرمى لها من فتات .
ان طريقنا للنجاح لا يتم إلا اذا عمدنا وعدنا الى وصايانا التوحيدية واهمها – صدق اللسان وحفظ الاخوان – هاتان الوصيتان الأهم اللتان باتتا مجرد شعار نردّده في مناسباتنا من اتراح وافراح.. وغالبيتنا ابعد ما يكون عن العمل بها او حسبها!
ان تقدمنا لا ولم ولن يتم الا إذا عدنا للعمل بها وتطبيقها حرفيا, اضف الى التوجه الى العلم والثقافة والتربية .. وألاعمال الحرة حتى لا نبقى همجا ونسير كالقطيع وراء من يدعون القيادهّ
اذ جاء في كتاب لباب العلوم” الناس اثنان عالم او طالب علم وما دون ذلك همج رعاع “
من هنا يتضح لنا ان لا شيء يوازي العلم في قيمته الى جانب التمسك بالأخلاقيات والحفاظ على القيم والتراث وأخذ العبر من التاريخ .. اذ قال من قال ” شعب لا يعرف ماضيه ولا يقدّره لا حاضر له ولا مستقبل “
ونحن نرى ان امم العالم تقدمت وتطورت ووصلت الى ما هي عليه ..بفضل العلم والتمسك بالتراث والقيم وصيانة تاريخها ..والسبب انها حلّقت بجناحين لا جناح واحد أي تقدمت وتطورت بمشاركة الرجل والمرأة , لان المراة والرجل نالا حقوقا متساوية في مختلف المجالات تقريبا ..
اما نحن فيحاول البعض قصقصة احد الاجنحة وهو الانثوي ..ليهضم ويدوس حق المرأة الطبيعي الذي منحها الله خلافا لتعاليم المذهب التوحيدي -اذ ان لا دين ولا مذهب على سطح الكرة الأرضية انصف المرأة وساواها كاملة بالرجل كمذهب التوحيد ,وكما قيل المراة التي تهز السرير بيمينها قادرة ان تهز العالم بيسارها-
فالمراة نصف المجتمع ..فهي الجدة والام والزوجة والبنت والحفيدة ..لكن ما نراه هو موجة من الردة والتزمُّت الاعمى للذي يحاول منع المرأة من التقدم وتحقيق ذاتها في المجالات المختلفة.. كي تكون عونا لنفسها و اهلها وبيتها ومجتمعها .. حتى نستطيع أن نحلق نحو الازدهار والتطور المنشود .
وقد اثبتت المرأة والفتاة انها تربت تربية صحيحة وإذا أعطيت الفرصة اللازمة بإمكانها منافسة الرجل وان تكون له ندا.. فلدينا نساء وفتيات رائدات مفخرة لمجتمعنا من معلمات ومديرات ومحاضرات ومحاميات وربما بعد قليل قاضيات.. فمنهن طبيبات وممرضات ورئيسات اقسام في مستشفيات وحتى مديرات لبعضها اضف اليهن مهندسات وباحثات ومديرات لكليات ومكاتب تنظيم ودوائر حكومية وحتى قناصل خارج البلاد ومنهن من نلن شهادة بروفسور كغيرهن من الرجال… ليثبتن اننا نحن حقا من اتباع النبي شعيب عليه السلام معلم الأنبياء ,واحفاد صحابة رسول الله (صلعم) كسلمان وابي ذر والمقداد وعمار وفلاسفة اليونان سقراط ارسطو وافلاطون وفيثاغورس وغيرهم من الصوفيين والحكماء على مر التاريخ.
وكلي امل ان يراجع – من يحسبون ان مصير الناس بأيديهم وانهم وكلاء الله على الأرض وانهم حراس على باب الجنة – وان يعودوا للمذهب وتعاليمه والذي ينهي ويقول – ان لا اكراه في الدين وخاطبوا الناس بالتي هي احسن – ويوصي بمشاركة بعضنا في الافراح والاتراح وان نكون عونا للمحتاج والفقير..
وإلا ستجدون ان الأمور ستنفلت من ايديكم.. وان ركب الحضارة سيستمر بدونكم وستبقون انتم على اخر الركب وتندمون على ما اقترفت اياديكم !!
أقول هذا واجري على الله وهو الحسيب الرقيب وهو من وراء القصد