انت رَجل والرجال قليل يا أبا القاسم يوسف قبلان

 

اغفروا لي حزني الشديد.. اغفروا لي ضعفي هذا الأسبوع فقد ذرفت دموعًا غزيرة، لقد فقدنا رجلا ليس ككلّ الرّجال فقدنا المغفور له ابن بيت جن ورئيس مجلسها السابق ابي قاسم يوسف قبلان، تعرّفت عليه من خلال مسيرتي الصحفيّة، انهالت عليَّ الذكريات بكثافة، تذكّرت مواقفه العمليّة الّتي تنبع في قحط وجدانه الّذي يتدفّق حرارة على مصلحة بلده ومجتمعه وشعبه، كان المرحوم يتدفّق ثقة بالنّفس ليدفعه ذلك إلى الوقوف بثبات على هذه الأرض الّتي أحبّها بعمق فبادلته هذا الحبّ، يوسف كان قائدًا استثنائيًا في قامة لا تنحني..

كان يقول أن استحقاقاتنا يجب أن نحصل عليها بحق وليس بمنّة من أي كان، لم ينتظر الوعود إلى أجل غير محدود، ولم يشعر بالنّقص امام أيّ مسؤول مهما علّت وظيفته، كان يندفع ويفرض هيبته، كيف لا وهو المحامي والمفكّر الّذي يتفوّق على المسؤول السياسي الحكومي إدراكًا ومعرفة. لذلك فهو لم يخاطبه بعبارة سيّدي كما يفعل العديد من رؤساء المجالس عندنا، وكان عندما يرفض المسؤول الاستجابة لحقوقنا العادلة يتحداه، وعندما يمارس العنصري عدوانا علينا يقف في وجهه اسدًا لا يهاب الثعالب ابدًا، عندما حاولت السلطات الحكومية الاستيلاء على أراضي المتبقيّة لأهلنا في بيت جن قال للأهل هناك في الزابود.. الهلاك، الهلاك لمن يعتدي علينا ويريد أن يسلب أراضينا، هلّموا للتصدي ولا تخشوا، دبوها في ظهري فانا صاحب القرار، أن هذه السلطة لا تفرّق بين الاغيار، وهذه حقيقة واضحة وضوح الشمس في وسط النهار، فتعالوا لنتكاتف مع شعبنا فالمشكلة واحدة والمظالم واحدة والجراح واحدة، والنّار الّتي نكتوي بها جميعنا نفس النّار، والمسمار الّذي يبغي فقئ عيوننا نفس المسمار.

 والحقيقة اغرب من الخيال، لقد فضّلت السلطات الإسرائيليّة الزواحف علينا، لمن لا يعرف او يواكب الاحداث، زعمت السلطات بأن حراثة الأرض تؤدّي إلى تخريب البيئة الملائمة للزواحف الّتي ستموت بسبب ذلك، يعني الحرباء والابو بريص والافاعي أفضل من البشر، استطاع يوسف الّذي يتميز بصفات القائد أن يدب الحماس في نفوس النّاس الّذين اندفعوا وكانت معركة حيث دحّرج (المغاوير) سيارات الشرطة إلى أسفل الوادي.

عندما أراد أهلنا في بيت جن التواصل السهل مع أهلنا في عين الأسد وحرفيش

منعت السلطات شق الشوارع، يوسف يدرك بحسه ووعيه الحقيقة.. وكخطوة احترازية قام بسدّ منافذ قرية بيت جن وعمل على شقّ هذه الشوارع وصولا للقريتين المذكورتين ليلًا، وهكذا كان يفرض الأمر الواقع، ولمثل هذا الرّجل يتم الانحناء وترفع القبعات.

 ذكراك يا أبا القاسم ستبقى تعبق اجوائنا بالياسمين، انت النموذج الإيجابي للقيادة الحسنة، أنت خسارتنا الّتي نأمل أن تعوّض، رحمة الله عليك واسكنك فسيح جنانه.

هادي زاهر

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .