بينت دراسة أكاديمية جديدة في تل أبيب أن جميع الشرائح الاجتماعية في إسرائيل تكن مشاعر كره لبعضها، بالإضافة إلى النفور والاستعلاء العنصري ضد العرب، فاليهود يكرهون العرب، واليهود المتدينون يكرهون اليهود العلمانيين، واليهود الأشكناز يكرهون اليهود الشرقيين، والبيض يكرهون السود، خصوصًا القادمين من إثيوبيا، والعكس بالعكس أيضاً؛ إذ إن كل شريحة مكروهة ترد بكره مماثل.
وقد جاءت هذه الدراسة بطلب من وزارة الاقتصاد والصناعة في الحكومة الإسرائيلية، حاولت فيه معرفة صورة الوضع الاجتماعي في سوق العمل الإسرائيلية، فخرجت باستنتاج أن «الوضع محزن، فحياة مجتمعنا مفعمة بالتفرقة وبالعنصرية».
ومن نتائج الدراسة تبين أن 33 في المائة من اليهود يتحفظون من العمل مع زميل عربي، وأن 27 في المائة من العلمانيين اليهود يتحفظون من العمل مع زميل من الحريديم (اليهود المتدينين)، و9 في المائة يتحفظون من العمل مع اليهود القادمين من إثيوبيا، و32 في المائة من اليهود يتحفظون من العمل تحت قيادة مدير عربي، و22 في المائة من اليهود العلمانيين يتحفظون من العمل تحت مدير حريدي، و8 في المائة يفضلون ألا يعملوا تحت مدير من أصل إثيوبي، و14 في المائة يتحفظون من العمل تحت شخص من ذوي الإعاقات.
ومن حيث التوزيع إلى قطاعات سكانية، تشير المعطيات إلى وضع أقسى، وهو أن 85 في المائة من القطاع الحريدي غير معنيين بالعمل إلى جانب عربي، و45 في المائة غير معنيين بزميل إثيوبي، و29 في المائة من العرب يتحفظون من العمل إلى جانب يهودي حريدي.
وقالت وزيرة الاقتصاد، أورنا بربيباي، إن «سوق العمل تشكل عمليًا انعكاسًا للمجتمع الإسرائيلي كله الذي لا يزال مصاباً بالعنصرية وبالتفرقة. ورغم الاستقرار في السنتين الأخيرتين، فقد تم تسجيل ارتفاع في عدد الشكاوى التي استقبلت في الوحدة الحكومية لمكافحة العنصرية مقارنة بعام 2018، في حينه رفعت 234 شكوى في السنة بينما في 2021 رفعت 458 شكوى، منها: 24 في المائة من الملفات فتحت على عنصرية تجاه سليلي إثيوبيا، 24 في المائة ضد أبناء المجتمع العربي، 6 في المائة بالنسبة لسليلي الاتحاد السوفياتي السابق، 4 في المائة ضد الشرقيين و10 في المائة ضد الحريديين.
وتقول مريم كبها، وهي مأمورة مساواة الفرص في العمل في إسرائيل داخل الوزارة: «أنا أؤمن بأن هذه الصورة المحزنة والمقلقة، تنبع بالأساس من عدم المعرفة وغياب اللقاء الحقيقي والإيجابي بين القطاعات المختلفة في المجتمع. الاستنتاج الأساس هو أنه كلما خلقنا أماكن عمل أكثر تنوعًا، نجحنا في خلق التغيير المنشود الذي يؤدي أيضاً إلى مجتمع أكثر احتواءً وتسامحًا، فقد أثبتت بحوث عديدة في العالم أن التنوع التشغيلي يخلق تنوعًا فكريًا، عصف أدمغة وتنوعًا فكريًا من عوالم المضمون والثقافات المختلفة ما يؤدي إلى النمو أكثر بكثير من المصلحة التجارية التي تتميز باللون الواحد».
وتضيف الوزيرة «أن التعرض للمساواة في مكان العمل هو هدف استراتيجي وطني. في ضوء الفوارق الباعثة على التحدي، علينا أن نشجع أرباب العمل على زيادة التنوع في التشغيل، كي نضمن المساواة الكاملة ليس فقط في القبول للعمل بل وأيضاً في خلق ظروف تشغيلية متساوية، محيط عمل يسمح بالتعدد وبالطبع الحق في نيل الرزق بكرامة»».
ولكن المحامي أيتسيك داسا، مؤسس العيادة لتحقيق المساواة في جامعة بار إيلان، رأى الصورة أكثر تشاؤماً، وقال: «العنصرية عندنا لا تختفي مع السنين بل فقط تصبح أكثر ذكاءً… في السنوات الأخيرة، يصل إلينا المزيد فالمزيد من التوجهات عن التفرقة في أماكن العمل، فأرباب العمل على وعي بمقتضيات المساواة التي تنطبق عليهم في موقفهم من عامليهم، ولكن من جهة أخرى لا تختفي العنصرية، بل تزداد سوءًا وتطرفًا في خطاب المجتمع الإسرائيلي. وهذا يؤدي إلى تزايد التفرقة الخفية، بمعنى أن أرباب العمل على وعي بآثار التصريحات العنصرية المباشرة مما لا يزال لا يمنعهم من التفرقة والإهانة بطرق أخرى».