رحيلُك يا رفيقي (في رثاء المناضل توفيق زيَّاد) داود تركي

(في رثاء المناضل توفيق زيَّاد)

داود تركي

لذكرى راحلٍ تقِف انتصابا  بفكري سيرةٌ وتفي اكتئابا

وأذكرُ الأشاوس والغوالي  وأبرارًا لقد طابوا اصطِحابا

رفاقًا عاركوا الشِّدَّاتِ دهرًا  ببطنِ الأرض يغشونَ التُّرابا

لتوفيقَ الرَّفيقِ علا احترامٌ  بنفسٍ ترفعُ الذِّكر التهابا

لشهمٍ فارسٍ ما كلَّ عزمًا  أغاظَ الظُّلمَ واجتاح الصِّعابا

فقدْنا نفسَه تأبى اضطهادًا  وتقتحمُ السَّرايا والقُبابا

إذا ما أعجزَ الفتيانُ أمرٌ  رأيتُ مُطوِّعًا عَدِمَ ارتيابا

سقى أيَّارُ جرأته بدربٍ  ورفعَه افتخارًا وانتسابا

وأبرزه كفاحٌ مستمرٌّ  يدوسُ الجورَ أو يلوي الرِّقابا

وقدَّمه لشعبِ العُربِ حزبٌ  على الأخطار قد شدَّ الرِّكابا

يُعلِّي المكرماتِ فداءَ حقٍّ  ويأخذه من العادي اغتصابا

على فقدانه الأنفاس تَجوي  وتذَّكِرُ المعاركَ والشَّبابا

وناصرةُ الجليلِ غدت تُعاني  ذهاب رحيلها وتعي المُصابا

حَفِلنا ليلةً نُحْيي انتصارًا  وشارك حفلنا الصُّبحُ انتصابا

سقاها الله أيَّامًا تولَّت  تزورُ وتمتطي عنِّي انسحابا

عليها الفكرُ مكتئبُ الشَّظايا  ومُحتملُ التَّفاني والعذابا

رحيلُك يا رفيقي قد أتانا  مفاجأةً تهزُّ بنا الصَّوابا

سرى بربوعِنا يُرضي زمانًا  به الشُّرفاءُ يشكون اغترابا

وأنذالُ الأنامِ به استقلُّوا  فسادًا، في الدُّنى نَشَرَ الخرابا

ولكنَّ الإبا مهما اعتراه  من العلات لن يرد السَّرابا

ولن يخشى انتهازًا مستبِدًّا  بنفسِ الشَّرِّ يعتملُ احترابا

وذكراك العزيزةُ في هواهُ  منارةُ سائرٍ يطوي الضَّبابا

بلَغْتَ ذُرىً بسيْرِكَ تستويها  وقاومتَ العِدى، تعلو السَّحابا

لكَ الأحرارُ قد رفعوا لواءً  لماذا عنهم رُمْتَ الغيابا

وساحاتُ النِّضال لك استقرَّت  وعنها رُحتَ ترتكبُ الذِّهابا

تأمركَتِ السِّياسةُ واستواها  سقوطٌ أمسُهُ طال الشِّهابا

فعُد وانظُر إلى الدُّنيا تَجِدها  لمن في الهونِ قد خاضَ العُبابا

لأشرارٍ تنادت واستجابت  وللأخيارِ تفتقِدُ الجوابا

ألا بئسَ الرِّجالِ إذا استكانوا  لسوء صنيعها اعتمدوا التَّوابا

ونِعمَ الصَّامدون على دُجاها  يدُكُّون المغارب والرِّحابا

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .