جميل السلحوت بدون مؤاخذة-حكومة بينيت- لبيد وجه آخر لنتناهو

استطاع تحالف بينيت لبيد الإطاحة بحكومة نتنياهو، لكنّهم رسّخوا الفكر اليميني المتطرّف القائم على التّمييز العنصري، والاستيطان والتّوسّع والحروب الاستباقية، فالسّلام ليس واردا في حساباتهم، فبينيت رئيس الحكومة الإسرائيليّة الجديدة أكّد في كلمته أمام الكنيست على مواصلة الاستيطان في جميع الأراضي الفلسطينيّة وخصّ مناطق “ج”، والتي تشكّل 62% من مساحة الضّفة الغربيّة المحتلّة، يعني مواصلة تطبيق “صفقة القرن” التي أملاها نتنياهو على الرّئيس الأمريكيّ السّابق دونالد ترامب، والتي ماتت في مهدها. ومعروف أنّ بينيت كان مديرا للمجلس الإقليمي للمستوطنات في الأراضي العربيّة المحتلة عام 1967. وحكومة بينيت تضمّ أحزابا يمينيّة متطرّفة، وعند الحديث عن أحزاب الوسط واليسار فالمقصود بها الفكر الصّهيونيّ الوسط ويسار الفكر الصّهيوني.

صحيح أنّ نتنياهو لم ينجح في تشكيل الحكومة الإسرائيليّة، لكنّه نجح في تثقيف شعبه على التّطرّف، ونجح بسنّ قوانين في عهده تجعل العنصريّة نهج حياة. وسارع بوتيرة الإستيطان لفرض حقائق على الأرض تمنع إقامة دولة فلسطين، ودعم غلاة المستوطنين، وأمر الجيش بحمايتهم ليعيثوا في الأراضي الفلسطينيّة قتلا وحرقا وتجريفا، بل شكّل منهم فرقا مسلحة “شباب التّلال” لمهاجمة البلدات العربيّة، واستعان بهم لقمع فلسطينيّي الدّاخل الذين هبّوا للدّفاع عن المسجد الأقصى في مايو الماضي. وقد فاخر نتنياهو في كلمته أمام الكنيست كزعيم للمعارضة بأنّه استبدل معادلة “الأرض مقابل السّلام”، إلى “السّلام مقابل السّلام”. وهو بهذا يشير إلى التّطبيع المجّاني الذي قامت به مشيخات الخليج “الإمارات والبحرين” وتبعتهما المغرب والسّودان، عدا من طبّعوا في السّرّ، ولم يعلنوا ذلك بعد سقوط ترامب في انتخابات الرّئاسة الأمريكيّة التي جرت في نوفمبر الماضي.

ويبقى السّؤال: هل ستأتي حكومة بينيت-لبيد بجديد؟ والجواب هو “لا” عريضة، لكنّها ستعاني مشاكل كثيرة سيخلقها لها نتنياهو الذي لن يدّخر جهدا في سبيل إسقاطها، فهو يسعى بشكل دؤوب إلى العودة لرئاسة الحكومة رغم معارضة بعض الرّؤوس الحامية في حزبه “الليكود” التي تنافسه على زعامة الحزب. لكنّ القاسم المشترك بين الحكومة الجديدة وحكومة نتنياهو السّابقة هو العداء للسّلام، والتّنكّر لحقوق الشّعب الفلسطينيّ؛ ليبقى الصّراع قائما لسنوات طويلة قادمة. فقادة الفكر الصّهيونيّ يرفضون أن يكونوا جزءا من الشّرق الأوسط، وارتضوا أن يكونوا حرّاسا لمصالح الإمبرياليّة الغربيّة التي تدعمهم في المجالات كافّة، وتوفّر لهم الحماية اللازمة سياسيّا وعسكريّا واقتصاديّا.

ولا يمكن القفز عن دور “كنوز أمريكا وإسرائيل الاستراتيجية” في الأنظمة العربيّة، الذين كرّسوا فترة حكمهم لتحقيق وحماية المصالح الإمبرياليّة، فأخرجوا تحالفاتهم مع إسرائيل من السّر إلى العلن، بل إنّ بعضهم اصطفّ إلى جانب إسرائيل في محاولة منهم لتصفية القضيّة الفلسطينيّة لصالح المشروع الصّهيونيّ التّوسّعيّ، ولتنفيذ المشروع الأمريكيّ “الشّرق الأوسط الجديد” لإعادة تقسيم المنطقة إلى دويلات طائفيّة متناحرة.

ويبقى الغائب الوحيد عن أمريكا وإسرائيل وأتباعهما هو “أنّ إرادة الشّعوب لا تقهر”، وأنّ القويّ لا يبقى قويّا مدى الدّهر، وأنّ الضّعيف لا يبقى أيضا ضعيفا أيضا إلى ما لا نهاية.

14-6-2021

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .