نظرة في كتاب نرمين ممدوح سعيد “حروف ومرافئ” بقلم: شاكر فريد حسن

وصلني من الصديقة الشاعرة الواعدة نرمين ممدوح سعيد من قرية أبو سنان في الجليل الفلسطيني، كتابها الأول “حروف ومرافئ”، وهو مجوعة من الومضات والنثريات الوجدانية والرومانسية والفلسفية والوطنية والاجتماعية، التي تحاكي الحب والوطن والتراب والطبيعة والجمال.
يقع الكتاب في 60 صفحة من الحجم المتوسط، ومن إصدار دار “الحديث” للإعلام والطباعة والنشر في عسفيا، بإدارة الشاعر والصحافي والناشر فهيم أبو ركن، والغلاف والتصميم يحمل بصمات الفنانة المبدعة ملكة زاهر، والإهداء إلى “مَن غرساني في أتلام الحياة زهرة، أبي وَأُمّي ممدوح وهناء مرزوق، إلى من روى وجودي بعبق عطائه، زوجي جبر سعيد (صَعب)، وإلى أغلى زهرة زرعتها فتحييني، وَلدِي الغالي سليمان.. إليكم أهدي صوت قلبي وكلماتي”.
وقدمت للكتاب الناقدة الفلسطينية ابنة البقيعة ستيلّا رانش، حيث أشارت في كلمتها إلى “بزوغ شاعرة قرأتها فأذهلتها حتى أطربتها، وأن كل من يتبحر في سطورها سوف يلمس لا محالة بلاغة في التعبير ايقاعًا ساحرًا في الحروف، وعمقًا شاسعًا في الأفكار، واوراقًا من تبر الكلام، ودرر المعاني في قالب نثري موسيقي يستحق كل احترام وتقدير”.
قرأت كتاب نرمين في جلسة واحدة، وأبحرت في مرافئ حروفها بكل المتعة والدهشة، فقد شدتني النصوص ووجدت فيها صدق العاطفة، ورقة المشاعر والاحاسيس، وجمال اللغة، ومهارة انتقاء الكلمات والألفاظ اللطيفة والتعابير التي توافق الغرض، وتشكل البناء الموسيقي الثر، وتوحي ببوح لا تكلف فيه، ولا غرابة في مفرداتها وألفاظها ومعانيها، أما التصوير والخيال والتشبيهات والاستعارات فبدت رائقة ورائعة، وصور مبتكرة وخلاّبة، بعيدة عن التعقيد والغرابة.
فلنسمعها تقول في هذا النص البديع الجميل:
وما ازدَانَتْ أَحلامِي وَزَهَتْ
إِلَّا عندما انعّكَسَ وَجهُهَا
في مِرآةِ نَبَضاتِكَ
وكانَتْ أَبِيَّةً عَصِيَّةً
على إِطارِ الزَّمانِ والمكانِ
فَاعتَلَتْ وَمَضاتِ نَظَراتِكَ
نحو أَعالي قِمَمِ الثُّمالةِ
في خَيالٍ لا يُقادُ
قُمتُ أمْشِي وَأَرتَحِلُ
أجُوبُ بِلادًا وأَغَيِّرُ صُوَرًا
ينتفِضُ قَلبِي
وينتعشُ النَّظرُ
وتُبعَثُ بين أَضلُعِي قِصَصٌ عَتِيقَةٌ
قوِيَّةُ الْأَثَرِ
للرُّوحِ تَنَقُّلاتٌ يُحيِيها السَّفرُ
وَلِقَاءُ ما مَضَى بما حَضَر
في خيالٍ تَذكَّرَ فظفِرَ
وتتجلى عبر سطور نصوص نرمين سعيد، المفعمة بالعواطف، والرقة الشفافة، والعذوبة الشجية، شاعرية متأججة، وعاطفة ملتهبة، وتجربة شعرية واعدة، لديها أدواتها الخاصة، وأسلوبها الكتابي الخاص، وملكة مقتدرة تتمتع بحس مرهف ومهارة بلاغية في علم المعاني، وتسود نصها لغة جميلة متنوعة المفردات، وبلاغة في سرد العبارات والأوصاف، وبوحها التعبيري مشوق للقراءة.

وإنني إذ أكتفي بهذا القدر أترك للقارئ الكريم التبحر في كتاب نرمين ممدوح سعيد “حروف ومرافئ” ليدرك مدى عمق شاعريتها وأبعاد نصوصها، وجمال ومضاتها، وصدق عاطفتها، ودفء وجدانياتها، متمنيًا لها مستقبلًا شعريًا واعدًا وزاهرًا، ومزيدًا من العطاء والتألق وبلوغ الهدف، ولها الحياة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .