مرة أخرى، وكما عودنا دائمًا، يطل علينا ويتحفنا الصديق الأديب البارع والكاتب المبدع الأستاذ فتحي فوراني، بكتابه الجديد في زمن الكورونا، الذي يحمل عنوان “أقمار خضراء”، واهداني مشكورًا نسخة منه.
وما ان وصلني الكتاب حتى رحت التهم صفحاته، كيف لا وانا ممن تروقهم كتابات الأستاذ فتحي فوراني، وأتابع وأقرأ كل ما يكتبه وينشره في صحيفة “الاتحاد”، وأبحث عن مقالاته في كل مكان. فكتابته مشوقة، وكلماته تلامس الصفحات وشغاف القلب، وينساب مداده رقراقًا على الورق مع تدفق المعاني. وهو يمتلك أسلوبًا كتابيًا جميلًا وجذابًا، وقادر على شحن كلماته بطاقات تعبيرية رائعة، بلغة ساحرة وعذبة مدهشة تجذب القارئ وتشده.
يقع الكتاب في 296 من الحجم الكبير، صمم غلافه نضال فوراني، وصادرعن دار “المتنبي” للنشر والتوزيع في حيفا.
وهو عبارة عن نصوص أدبية مميزة خرجت من عبق التاريخ والذكريات، وتمتد مسيرتها أكثر من خمسين عامًا. وفيها نلتقي كوكبة من الأقمار الخضراء المضيئة، والشخصيات الأدبية والثقافية والتربوية والاجتماعية، التي تركت بصماتها، ولعبت دورًا طليعيًا هامًا في مجالات الإبداع المختلفة.
ويقسم فتحي كتابه إلى قسمين، القسم الأول تحت عنوان الشرفة الأولى، والثاني الشرفة الثانية.
ومن الشخصيات الأدبية التي يتناولها ويسلط الضوء على سيرتها ومشوارها مع الحرف والكلمة: راشد حسين وأحمد حسين وأحمد دحبور، وجمال قعوار، وشكيب جهشان، وحبيب زيدان شويري، وديب عابدي، وعصام العباسي، ومحمود دسوقي، ونجيب سوسان، وادوار الياس، وحنا أبو حنا، ونبيه القاسم، وراوية بربارة، ومحمد علي سعيد، ومفيد صيداوي، ومنير توما، وآمال ابو فارس، وهيام مصطفى قبلان.
وتحت خيمة الشخصيات التربوية ينضوي كلّ من: حسن بشارة، وشكري الخازن، وشحادة جابر، ورياض حسين اغبارية، وهاني صباغ، وصلاح حسن قادري، ومارون قعبور، وجورجيت اوكيان، وشوقي حبيب، وخالد زعبي، وكامل يعقوب، وزهير الفاهوم، وعيد سويطات وحسين مصطفى اغبارية.
أما الشخصيات الثقافية والاجتماعية والسياسية التي يحكي عنها ويسبر عوالمها، فهي: توفيق طوبي، وجريس سعد خوري، وخليل عبود، ومحمد حبيب اللـه، وعبد عابدي، وأشرف ابريق، ونسيب فهد حاج، وعلي عاشور، وخليل ابراهيم زعبي، والياس دلة، وفريد ازريق، ولهام العباسي، وعبد السلام عون اللـه، ومحمود خالد جبارين، ونابف سويطات.
ويعترف فتحي فوراني بوجود حدود متداخلة ومتشابكة ومشتركة بين مجموعة وأخرى، وأنه يصعب ترسيم الحدود الواضحة وبشكل قاطع بين هذه المجموعات.
الحق أنني استمتعت جدًا بالغوص والابحار في نصوص الكتاب، التي تشهد على براعة ومهارة متناهية، وذائقة أدبية سامية، وكتابة بالغة السحر والجمال والدهشة والإحساس المرهف، وتجمع بين براعة التصوير ودقة الوصف والتعبير، وتتميز بالصدق والشفافية والنبل، بلغة راقية عالية المستوى، تعكس ثقافة أديبنا وأستاذنا فتحي فوراني الشمولية ، عاشق اللغة العربية والماهر بالسباحة في بحورها.
ويمكننا الاستنتاج والقول، أن الكتاب هو لمسات حب ووفاء في أنصع الصور والأشكال، وإشادة بهؤلاء الأصدقاء والمعارف من شعراء وكتاب ومثقفين وسياسيين، ويلقي بعض الضوء على سيرتهم الشخصية وخطاهم الخضراء، ويخلد ذكرى الراحلين منهم.
من قلبي أبارك وأهنئ الصديق الأديب والمثقف وحارس الثقافة الفلسطينية في هذه الديار، الأستاذ فتحي فوراني، بصدور كتابه الهام، وأدامه اللـه ذخرًا ومنارة وبيرقًا، وأسعد أيامه بكل الخير والمحبة، ودام يراعه وعطاؤه الذي لا ينضب.