زكي محمود العيلة (هاني فخر الدين) من الأسماء الأدبية الفلسطينية التي لمعت في المشهد الثقافي الإبداعي الفلسطيني في مجال الفن القصصي في الوطن المحتل، في السبعينيات من القرن الماضي. وقد عرفناه من خلال ما كان ينشره من تجارب قصصية بمجلة ” البيادر الأدبي ” وفي الملاحق الثقافية للصحف الفلسطينية التي كانت تصدر آنذاك.
جاء زكي العيلة إلى الدنيا في الفاتح من أيلول العام 1950 بمدينة غزة، وعاش حياته في مخيم جباليا، أنهى تعليمه الابتدائي والثانوي، والتحق بدار المعلمين في رام اللـه سنة 1969، وفيها تفتحت موهبته وآفاقه الأدبية، وعمل محررًا في مجلة ” صوت الشباب “، بعدها عمل مدرسًا في القطاع منذ بدايات السبعينيات، ثم التحق بالجامعة الاسلامية في غزة، فجامعة عين شمس، وحصل على شهادة الماجستير في الأدب والنقد، ثم نال شهادة الدكتوراه عن أطروحته ” الذات، الآخر الإسرائيلي في روايات الأرض المحتلة بعد العام 1967. وفي التاسع من مايو العام 2008 وافته المنية بعد أن صارع المرض الذي لم يمهله طويلًا.
عرف القراء المرحوم زكي العيلة من خلال كلماته المعجونة بطعم الأرض، ومذاق ملحها، المغموسة بلون الدم ورائحة عرق الكادحين. وأعتبر من أعلام العلم والثقافة الفلسطينية، فكان أديبًا متعدد المواهب، مختلف الأبعاد والجوانب. كتب القصة والمقالة والنقد والبحث الأدبي، واشتهر بإبداعه القصصي الملتزم بقضايا الناس والجماهير وهموم الوطن والمخيم. وشغلت فلسطين قلبه وروحه وأخذت من فكره وكتابته كل اهتمام حتى أصبح مع مجايليه الكتاب والشعراء والأدباء من حراس الحلم الفلسطيني والذاكرة والهوية الفلسطينية، مساهمًا في صياغة الضمير الفكري والثقافي لشعبه، وتأسيس اتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين.
اتصف زكي العيلة بغزارة النتاج وترك وراءه مجموعة من المؤلفات والاصدارات القصصية والبحثية، وهي : ” العطش، الجبل لا يأتي، تراث البحر الفلسطيني، حيطان من دم، زمن الغياب، بحر رمادي غويط، المرأة في الرواية الفلسطينية، في ضفاف السرد- دراسات نقدية في القصة والرواية، الذات، والآخر الاسرائيلي في الرواية الفلسطينية في الأرض المحتلة بعد عام 67 “.
انحاز زكي العيلة دائمًا للقضايا الوطنية والطبقية، ولمخيمه وما يمثله من رمز للجوء والأمل والصمود والانتفاضة والمقاومة. وتدور معظم قصصه في مجموعاته التي أصدرها حول الواقع الذي أنتجته النكبة، محرضًا على رفضه، وداعيًا لتغييره.
ويعالج في قصصه موضوعات اجتماعية وقضايا سياسية وإنسانية تتشابه في ملامحها، وبسط المخيم بهمومه ومعاناة أهله في أغلبها، ولم يهمل القضايا الاجتماعية التي تواجه الإنسان البسيط العادي، وصورها بكل تفصيلاتها وحدتها، وعبر عن الهم اليومي والنفسي بأسلوب سردي تصويري مليء بالشحنات العاطفية الحادة التي تشد القارئ.
زكي العيلة كاتب واقعي صادق في الاستلهام والتصوير، والصدق وحده هو الذي يهب الفن والعمل الإبداعي قيمة الحياة والقوة في الوصف والتعبير. وكل دراسة أو بحث عن التجربة القصصية والابداعية لا يمكن تجاهله كأحد أدباء الأرض المحتلة التزامًا وريادة.