ورد اسم هذه المدينة في الإنجيل المقدس، لقد زارها السيد المسيح له المجد في الفترة الأخيرة من حياته، كتب في إنجيل متى 13:16 ما يلي: “ولما جاء يسوع إلى نواحي قيصرية فيلبس سأل تلاميذه قائلا: من يقول الناس إني أنا ابن الإنسان“.
وفيها اعترف القديس بطرس بالمسيح بأنه إبن الله : ” فأجاب سمعان بطرس وقال: أنت هو المسيح ابن الله الحي” ( متى 16:16).
بعد هذا قال السيد المسيح الى التلميذ سمعان أي بطرس التي تعني الصخرة: “وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا.” (متى 16: 18).
وكانت مدينة بانيس موطن المرأة التي شفاها المسيح في كفر ناحوم من نزيف الدم “وَامْرَأَةٌ بِنَزْفِ دَمٍ مُنْذُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقَدْ أَنْفَقَتْ كُلَّ مَعِيشَتِهَا لِلأَطِبَّاءِ، وَلَمْ تَقْدِرْ أَنْ تُشْفَى مِنْ أَحَدٍ، جَاءَتْ مِنْ وَرَائِهِ وَلَمَسَتْ هُدْبَ ثَوْبِهِ. فَفِي الْحَالِ وَقَفَ نَزْفُ دَمِهَا،
فَقَالَ يَسُوعُ: «مَنِ الَّذِي لَمَسَنِي؟” لوقا 8: 43-45
(اشتهرت البانياس في التاريخ خلال العهد اليوناني، الذي صبغ عليها اسمها أي بانياس. فتعود تسمية بانياس إلى اسم الإله “بان” – حارس الحقول والغابات والمواشي والصيادين، الذي أطلقوه على المعبد الذي بنوه في المغارة التي ينبع منها أهم روافد نهر الأردن. من الجدير بالذكر بأن الملك هيرودوس الكبير قد بنى أمام مغارة بانياس معبداً للإله “بان” كما وأطلق على البانياس أسماء أخرى وهي بانياس الحولة او بانياس الجولان.
ازدهرت مدينة بانياس وأصبحت مدينة مُهمة في عهد الملك فيليبوس الذي جعلها عاصمة له، ودعاها قيصرية إكراما لطبياريوس قيصر، وأضافها إلى اسمه فصارت قيصرية فيليبس ثم حسنها هيرودوس اغريباس الثاني ودعاها نيرونياس إكراما للقيصر نيرون وأصبحت بانياس من مدن الإمبراطورية الهامة.
إلا أن الاسم بانياس هو الذي بقي مسيطراً حتى اليوم. في سنة 70 ميلادية جاءها تيطس واحتفل فيها بانتصار الجيوش الرومانية في معارك جنوب سوريا وفلسطين .
بعد اعتناق الرومان المسيحية، في القرن الرابع أصبحت بانياس مركزاً أسقفياً، وتعتبر البانياس مكاناً مهماً للمسيحيين، توجد فيها آثار كنيسة بيزنطية، وتوجد كنيسة لا تزال قائمة حتى اليوم شامخة على تل بانياس وكانت مستعملة حتى سنة 1967م، ويزور البانياس الآلاف الحجاج والسياح المسيحيين سنوياً.
في سنة 636 م دخل المسلمون بانياس ودمروها، وسكتت التواريخ عن ذكرها عدة قرون كثيرة، ولذلك لم نعرف عنها في تالك الحقبة من التاريخ، وعاد ذكرها في فترة حروب الإفرنجة. فقد تعرضت البانياس لغارات متكررة وتداورتها أيدي الصليبين والمسلمين مرارًا، يوجد فيهيا مسجداً من قبل سنة 1967 ويسختدم مخزناً للمحمية الطبيعية.
يوجد للدروز في محيط البانياس، مقام الخضر (ع) وهو مقام معروف منذ زمن طويل يقع على مرتفع صخري فوق منابع نهر البانياس، ما زال مفتوحاً للزوار. ويوجد مقام سلطان إبراهيم (ع) الموجود بالقرب من القسم الجنوبي لبانياس القديمة وقريب من بوابتها، هذا المقام للسلطان إبراهيم، هو إبراهيم ابن أدهم الزاهد المعروف وكبير المتصوفين، ما زال مفتوحاً للزوار.
يعود تاريخ الدروز في منطقة الجولان إلى عهد الأمير فخر الدين المعني الثاني(1590-1635م) وكان هذا الأمير يسعى إلى الانفصال عن الدولة العثمانية وتأسيس دولة مذهبية، حيث طلب من علي جان بولاد الجد الأول لآل جنبلاط في لبنان تعود أصولهم الى الأكراد السنة، ومعنى جان بولاد بالكردية ذو الروح الفولاذية. طلب الأمير فخر الدين المعني الثاني، منهم الرحيل من جوانب حلب إلى الكرمل والجولان وتوطين الدروز هناك، كان يسعى فخر الدين إلى ذلك ليضمن توسيع نفوذه وتقوية دولته الخارجة عن السلطنة العثمانية.
يعتبر نهر البانياس، أحد الروافد الرئيسية لنهر الأردن، وينبع من كهف بانياس عند حافة جبل الشيخ في الأراضي السورية. ويجري في الأراضي السورية مسافة تقارب 2 كم قبل دخوله اسرائيل قبل سنة 1967. وكانت خطة لتحويل مياه البانياس بقناة حفرتھا من النبع، سارت جنوبا على السفوح الغربیة للجولان لتصل الى سد مخیبة على نھر الیرموك جنوب الجولان، كان ھدفھا سحب المیاة واستغلالھا للاراضي الزراعیة في منطقة غور الاردن، التابعة للمملكة الاردنیة، وهناك من يعتبر حرب 1967 حرب المياة لمنع سوريا من تنفيذ هذا المشروع ولفتح مضايق ثيران في البحر الأحمر. لقد احتلت اسرائيل الجولان وهجرت سكان قرية البانياس ودمرت بيوتها باستثناء الكنيسة والجامع.
نبع البانياس عبارة عن نبع كارستي يقع على سفوح جبل الشیخ، یزود نھر الاردن سنویا بمعدل 120 ملیون متر مكعب من المیاه العذبة. في اتفاقیات الحدود سنة 1923 بین الانتداب البریطاني والفرنسي ، وقع نبع البانیاس مسافة 2 كم من النھر ضمن حدود الانتداب الفرنسي (سوریا)، اما المیاه الجاریة بعد ذلك والتي تعتبر الحدود فھي لصالح الانتداب البریطاني(فلسطین).
أصبحت منابع البانیاس والمنطقة المحیطة بمجرى النھر محمیة طبیعیة، فیھا مسار جمیل جدا من النبع حتى الشلال، وهناك مسار دائري يصل للآثار، یتطلب الدخول الى المحمیة دفع رسوم . یمتاز المسار بنباتات كثیفة واشجار عالیة خاصة الحور، الصفصاف والدلب، يمكن مشاهدة أشجار مثمرة التي كانت لأهل البانياس مثل الزيتون، الجوز، اللوز، الحمضيات والرمان ، كما ويمكن مشاهدة طواحين القمح التي كانت تعمل بقوة الماء بقيت مطحنة سليمة ومفتوحة للزوار. میاه النهرغزیرة صاخبة وبالأخص قرب الجسر الروماني.