استاذ الموسيقى كريم مهنا ـ الصورة من ارشف الوديان
هو ابنُ عمّي لَزًّا.. تلفَّعَ بالطّيبةِ مذ كانَ يافعًا.. أَحبَّ الخيرَ فصادقَ النّاسَ الطَّيِّبين.. وأَحبَّ الحياةَ فعشقَ الجمالَ من طيرٍ وزهرٍ وشجر.. ففاضَ عشقُهُ زفرةً على ناي، ولحنًا على وتر.
لا أَكتبُ هذا الكلامَ لرابطةِ القربى الّتي بيننا، كيفَ؟ وأَنا أُنادي (قريبي القريبُ الى قلبي)؛ لا ولا لأَنّنا من رهطِ العظيمينِ ماركس ولينين؛ بل لروحهِ الهادئةِ إِلّا إِذا راودَها نايٌ أَو وترُ عودٍ أَو كمان.. أَكتبُ هذا الكلامَ عن موسيقيٍّ لم يجرِ وراءَ شُهرةٍ أَو مال.. كان يجري وراءَ نايهِ وعودِه وكمانِهِ الى دنيا لا يسكنُها غيرُ الملائِكةِ والموسيقيّين، علَّهُ يُقدِّمُ لسامعيهِ لحنًا يفتحُ لهم أَبوابَ الفرحِ كي يدخلوا أَفواجًا وليُنزلوا عن أَكتافهم، لو لساعاتٍ، همومَ الحياةِ، وهمَّ الوطن.
ما أَكبرَ أَبناءَ الفنِّ وما أَرقى دَوْرَهم في الحياة! كم من شعوبٍ أَفاقَت على أَنغامِ عازفٍ أَو لوحةِ رسّامٍ أَو قصيدةِ شاعر! أَمّا العازفُ فيضحكنا أَو يبكينا وفي الحالينِ يحرِّكُ فينا إِنسانيَّتَنا؛ وأَمّا الرَّسّامُ فَيُلوِّنُ حياتَنا كي لا تظلَّ موزَّعةً ما بينَ الأَبيضِ والأَسودِ؛ وأَمّا الشّاعرُ فيُخرجُنا من غفوةٍ قد نكونُ فيها.. وليسَ صدفةً أَنّي أَضعُ الموسيقى أَوَّلًا؛ بل لِإيماني بأَنّها لغةُ العالم!؟
فيا رفيقي الفنّان كريم مهنّا.. يا حارسَ النّاي.. اعزفْ ما طاب لكَ العزف.. وامسحْ بعزفِك الكلالَةَ عن قلوبِ مُتعبين.
المصدر: صحيفة الاتحاد (4/10/2020) من زاوية صباح الخير