حسن حميد كاتب فلسطيني بارز، من مواليد العام 1955 في الجليل الفلسطيني، بكراد البقارة قضاء صفد، تلقى دراسته في القنيطرة ودمشق، وعاش وما زال في سورية الشام. التحق بجامعة دمشق ونال إجازة في الآداب من قسم الفلسفة وعلم الاجتماع عام 1980، وعلى دبلوم تربية عام 1981، ثم نال الإجازة في اللغة العربية من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسًا في دمشق، وكذلك رئيسًا لتحرير صحيفة ” الأسبوع الأدبي “، الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب في سورية، وهو عضو في جمعية القصة والرواية في اتحاد الكتاب العرب.
وكان حسن حميد فاز بجائزة حنا مينا للرواية التي ترعاها الهيئة العامة السورية للكتاب التابعة لوزارة الثقافة السورية.
بدأ مشواره مع الكلمة شاعرًا ثم وجد ضالته في السرد القصصي والروائي واعطاه روحه كلها. صدر له في مجال القصة : اثنا عشرة برجًا لبرج البراجنة، زعفران والمداسات المعتمة، ممارسات زيد الغاثي المحروم، طار الحمام، دوي الموتى، هناك قرب شجرة الصفصاف، مطر وأحزان وفراش ملوّن، أحزان شاغال السّاخنة، قرنفل أحمر .. لأجلها، حمّى الكلام، كائنات الوحشة “.
وفي مجال الرواية صدر له عدة أعمال، منها : ” السواد، جسر بنات يعقوب، تعالي نطيّر أوراق الخريف، الوناس عطية، أنين القصب، مدينة اللـه “.
وحسن حميد من أفضل من كتب عن المخيمات الفلسطينية التي أهملها الكثير من الكتاب الفلسطينيين، وكتابته عن المخيم مختلفة تمامًا عما كتبه آخرون عنه، وهذا يعود إلى أنه نشأ وترعرع وعاش في كنف المخيمات، ولذلك فالمخيم على الدوام حاضر في كتاباته القصصية والروائية، وبالنسبة له ليس مجرد كلمة عابرة، وصورة في الخيال، بل حياة ومعاناة وألم ووجع يومي في الصدر. وقد نجح في تصوير وتجسيد الحياة الاجتماعية في المخيم، وما يعانيه الإنسان الفلسطيني داخله من حياة صعبة بائسة وشقية.
وهو في رواياته يكتب عن أمكنة لا يعرفها، وازمنة لم يعشها ولم يكن شاهدًا عليها، وإنما كتب عنها وصور الأحداث بعد أن سمع عنها من الاصدقاء والأهل.
والقارئ لقصص حميد يلحظ أن جميعها يكاد يكون بمستوى واحد من حيث الجمالية والنضج والمستوى الفني، وهي تعتمد التكثيف في السرد والتركيز على الموضوع والتفاصيل دون الافاضة في حوادث غير ذات جدوى، وما يشغل باله وذهنه هو الهم الوطني والقضية الوطنية، وتصوير الحالة الفلسطينية ومعاناة شعبه، وواقع الناس الاجتماعي في المخيم.
ويُسجَل لحميد اقترابه من واقع الناس البسطاء والمحرومين الذين يكتب عنهم وينحاز لهم، ويركز على المكان، والمخيم والأزقة، والبؤس والمعاناة المزدوجة، ويختار شخوصه الفاعلين والمناضلين الايجابيين، ويعمد لالتقاط حديثهم اليومي وتسجيله بلغتهم، كما ينطقون بها، ويضعنا في اجواء القصة المعاشة لا في أجواء الكتب والخيال.
وغني عن القول، أن أبناء المخيمات من الطبقات الكادحة المسحوقة هم أبطال قصص حسن حميد، والهموم والمشاغل التي يفرض أن تكون هموم كل فلسطيني اينما تواجد، يحصرها في هموم أبناء الطبقة الكادحة العاملة، فالفقر والحزن والظلم والجوع والبؤس والشقاء والتهجير والموت من نصيبهم، مثلما الوعي والاعتزاز والكرامة والتحدي والصمود والمواجهة من نصيبهم أيضًا.
وفي قصصه ورواياته اشارات ودلالات لحياة الوطن والنفي والغربة والتشرد وظاهرة الحنين وواقع الاحتلال والاصرار على المواجهة والمقاومة حتى الخلاص واطلاع النهار، وهي اشارات واضحة وتطغى بقوة على مضامينه وموضوعاته.
وفي روايته ” جسر بنات يعقوب ” يتناول حسن حميد المأساة الفلسطينية من خلال قصة تاريخية، وتعرض أرض فلسطين لأطماع الدخلاء والغازين منذ الأزمان الغابرة. فيحكي ويسرد قصة رجل يهودي هاجر في القرن الثالث عشر ميلادي من شمال فلسطين مع بناته الثلاث، وأقام قريبًا من بحيرة طبريا، وعمل حارسًا للجسر الذي يعرف بجسر بنات يعقوب على ضفاف نهر الأردن، ووضع لنفسه هدفًا للسيطرة على الجسر وفرض ضرائب على المارين منه مستخدمًا بناته في تحقيق غاياته واغراضه واطماعه بكل الوسائل المشروعة والممنوعة.
وتركز الرواية وتشدد في مجمل أحداثها وتطوراتها وتداعياتها على أهمية الانتماء الوطني والوفاء للوطن ولأبنائه، والتشبث بالأرض وعدم التفريط بها، وعدم افشاء أي سر يضر بالوطن ومصلحة أهله وسكانه، وعدم القبول بأي مقايضة من شأنها أن تدفع بالآخر ليكون صاحب نفوذ على أرضنا، وهو يسقط سلوكيات يعقوب وبناته وصديقه سليمان على بعض الشخصيات التي تمتلك نفس الاحساس والتفكير والنزوع، محذرًا من قبض أي ثمن لقاء مصلحة الوطن والأرض والقضية الوطنية ومستقبل شعبنا.
حسن حميد كاتب غني التجربة والمعرفة، ملتزم ومهموم ومسكون بقضايا وطنه، يمتاز بالتفكير الإبداعي المفيد والممتع، ويدهشنا بلغته الأدبية الرشيقة الجميلة، وبصدقه وشفافيته التي تتجلى في عمق كتاباته، فله التحية، ودام فخرًا وذخرًا لشعبنا وقضيتنا الوطنية المقدسة ولمخيماتنا الفلسطينية في الوطن والشتات والمنافي القسرية، ومزيدًا من العطاء والإبداع والتألق يا صديقي الرائع.