كتب : شاكر فريد حسن
صدر مؤخرًا للشاعرة السورية ابنة جبل العرب – السويداء، ملاك نواف العوام، ديوانان شعريان، الأول بعنوان ” غفوة بحضن الفجر ” عن دار بعل للطباعة والنشر والتوزيع في دمشق، والثاني ” غصة بعين لا تدمع ” عن مؤسسة النيل والفرات للطبع والنشر في القاهرة.
ويضم الديوانان بين دفتيهما نصوص شعرية ونثرية، متعددة الأغراض والموضوعات، ما بين غزل ونسيب، ووصف وتصوير لحالات الشوق والهيام والغرام، وحب الوطن وجراحاته، وهموم الأنثى وعذابات الإنسان وغير ذلك من الموضوعات الاجتماعية والإنسانية.
وكان صدر لملاك في الشعر والنثر : ” امرأة بلون ليليكي، من رحم الأمنيات، ترياق روح، ملحمة ارواح نقية “.
ملاك العوام شاعرة ممسكة بزمام القصيدة، حققت حضورًا كبيرًا وانتشارًا واسعًا عبر المواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، وفي الصحف الورقية السورية والعربية، لها بصمة خاصة، وطابع مميز في البوح والتعبير عن مشاعر العشق والوجدان، من خلال أسلوبها السلس الانسيابي، ولغتها الشعرية، وأخيلتها التي تتسم بالفرادة، بما لديها من صور وخيالات، وموضوعات تشغل وجدانها قبل فكرها، وقيمة الشاعر يعرف بمدى تمكنه من لغة الشعر وبمدى خصوبة خياله وجمال صوره واناقة حروقه وعذب موسيقاه وصدق عبارته وجمله الشعرية.
ونصوص الديوانيين هي همسات حُبَ ورسائل عشق ونبضات روح، ومشاعر جياشة، وألحان عذبة لها وقعها في القلب والنفس والروح، جاءت بلحن موسيقي، ولفظ جزل أنيق، ولغة مجازية عذبة، مفعمة بالمعاني والايحاءات والرومانسية الجميلة، والاستعارات والمحسنات البلاغية، وخيال يعانق عنان السماء.
يقول الشاعر والناقد السوري الدمشقي في مقدمة ديوانها ” غفوة بحضن الفجر ” : ” عندما يكون الحب هو المتكلم .. يغدو كل الكلام عطرا و ينهمر رحيقا ملائكيا على صفحات القلوب … هكذا هو حرف الرائعة ملاك العوام، هي شاعرة سلمت للحب كل كلماتها و منحته دور الناطق الرسمي باسم قلبها، حرفها يجعلنا نسافر في عالم من المشاعر الجميلة بعيدا عن همومنا وأحزاننا، شاعرة متصالحة مع الحياة، تنظر للكون بعين فراشة عاشقة حالمة، لا تفلسف الحياة ولا تعقدها، بل تشرب من مائها بيديها وتنام على أعشابها وبين إزهارها.
ملاك العوام ابنة مدينة السويداء التي تشتهر بصخورها البازلتية و تربتها الخصبة وأزهارها الجبلية النادرة … في حرفها وداعة تشبه روحها ومدينتها … عندها عنفوان وشموخ أهل الجبل ورقة وعذوبة أحاسيسهم، هذا هو ديوانها السادس لأنها تعتبر الشعر تنفسا و حياة.
عناوينها منسجمة مع مشاعرها .. بعيدة عن كل أشكال التعقيد .. العشق فيها مقيم دائما .. فهو ليس مجرد عشق عقيم بل هو خبز الحياة … هو صلاة ومواقد دفء وأحيانا همجية وجنون. وهي أول من آمن برسول الحب رغم رماد الحروب وأعلنته ظلها الأجمل، تنصت لأسرار روحها وتحفظ أنشودة المطر وتشدها رائحة اللقاء، تلبس ثوب الفرح حتى في لحظة غسق ورغم فوضى الحواس وكينونة الشتاء.
من يقرأ لملاك العوام يشعر براحة نفسية وكأنه ينام على شط أمان يستمع الى موسيقى رومانسية هادئة متناغمة من همسات البحر … روح شفيفة فيها أصالة السويداء وعبق أزهار جبل الشيخ التي لا تشيخ أبدا”.
في ديواني ملاك العوام شعرية عميقة تتسامى معها الروح ويتسامى معها القلب، تحمل في طياتها رسالة تموج بالمشاعر والعواطف الغزيرة، تفرحنا وتطربنا تارة وتارة تشجينا وتبكينا، فيها تجدد للقصيدة، وتميز في التعبير، بصور تتماهى مع الايقاع الجميل، وسلاسة العبارة، وكثافة المعاني، وهي كلمات لا أرق ولا أجمل، مشحونة بالصدق والعفوية.
ولنقرأ من اجواء ديوانها ” غصة بعين لا تدمع ” :
تقمصتُ بحلمي ذاك
جنونَ امرأة عشقتك … وذاب قلبُها في هواك ….
كم منَ القبلات
وذاك العناق ….
و
كم الآهات
سمعتُها بأُذني الصمَّاء ….
وشَمَت على ضفافِ روحي
مراكبَ وسُفناً
أُبحرُ فيها إلى عالمِكَ السِّحريّ….
لفيض بحر به أعـوم
ألقاك …و ….أنتشي …
ألبسُ ثوبَ امرأةٍ قويَّة …
لا تعرفُ معنى الانكسار
ولا تُحسَب مع الضعفاء …
شامخة كالأرز ….
عالية كالنخيل .. تعانقُ السَّحاب…
.
لم يكن حُلمًا.. ولا تقمُّصاً
بل كنتُ تلك الملاك
العاشقة
تبوح بقانون جديد في الحياة
تحطِّمُ مواجعَ التقاليد
ترسمُ للفرح واحة أمان…
وتدفنُ القُبحَ على أسوار مدينتها
تزرعُ الفرحَ بقواريرَ عِطر
تُخمدُ نيرانَ الحُزن
لم يكن حلماً…
رعشة صدرٍ كانت
لأكتب عن وجعٍ أُضمِّدُه بالقصيد….
ومن أحرفه أنسجُ جناحَيْ طير
وإليك أطير
وغني عن القول، ملاك العوام تحلّق في فضاء الكلمة السحرية العذبة، وتقدم لنا لوحات شعرية ونثرية بإشراقات روحها المجنحة، بلغة الجنون والروح.
إنني إذ أبارك للصديقة الشاعرة ملاك العوام، متمنيًا لها المزيد من النجاح والتألق والتميز والعطاء المتواصل، مع خالص التحيات وأطيب الأمنيات.