هذا هو الديوان الشعري الأول للشاعرة المبدعة معالي مصاروة، ابنة قرية عارة، الذي شقت به دربها في مملكة الشعر المقدسة. وهو صادر عن دار الهدى كريم للطباعة والنشر في كفر قرع.
ويضم الديوان مجموعة من القصائد النثرية والخواطر الوجدانية العاطفية الغزلية التي تداعب أوتار القلب والروح. قدم له الشاعر مسلم محاميد، مشيرًا إلى ” أن ما يلفت نظر الناظر إلى عيون هذه النصوص، هو أنّ العمق فيها لا يكتفي باستدراجك نحو أعماقها أو إغراقك في مجاهلها، بل يلسعُك حنانًا، ويربت على كتفيك غضبًا، ويوقظك حلمًا، ويضرب على أذنيك يقظة، فتمسي أنت ملك الشمال المضيّع للبوصلة، والباحث عن الخيال، عالقًا في وحل الواقع الذي غمز منه الخفين، من الأخمص حتى الأذنين ذلك الملك الباحث عن مملكته التي لا يريد “.
وتنم نصوص الديوان عن شاعرية حالمة، وموهبة على ساحة الشعر، بلغة النثر الايحائية الشفافة، تكتب إحساسها بمداد القلب، وترتدي حروفها حرير النسج الشعري المتقن، فتعبر بجرأة عن عواطفها الجياشة كامرأة عاشقة، وترسم للحب رؤيا مختلفة، وتسلط الضوء على الظلم والقهر المجتمعي الذي تعانيه المرأة العربية في ظل العادات والتقاليد الموروثة التي عفا عليها الزمن.
ويحلق القارئ من خلال نصوص الديوان في فضاءات معالي الرومانسية والروحانية الصافية الخلابة، وتنقله إلى عالم من الروحانيات العشقية الصوفية.
ويتفاوت الابداع بين نص وآخر من نصوص الديوان، وحتى في النص الواحد، ولكن ما يجمعها كلها هو الصدق التعبيري والجمال الفني.
قصائد معالي مصاروة غاية في الحسن والطلاوة، وما يسمها ويميزها البوح الرائع الرقيق، والنبض الحسي، والحيوية، والرونق التعبيري، وسهولة الألفاظ، ورشاقة المعاني، ووضوح الأفكار، تنساب فيها الكلمات انسيابًا عذبًا، وتتدفق بسلاسة، فضلًا عن الصورة الحية الناجحة المرتبطة بالشعور والحواس. وهذه الصورة هي وسيلتها في التعبير عن دواخلها وأعماقها وعواطفها النبيلة ومشاعرها الأنثوية، ونقل تجربتها في الحب، وتجاه الحياة والمجتمع. فلسمعها تقول في قصيدة ” اعترف يا قلبي “:
أرَاكَ
تَسْتَلْقِي
عَلَى سَرِيرٍ
مِنْ رَحِيقِ النَّدَى
وَعَبِيرِ الْفَجْرِ
تَكْتُبُ بِحِبْرٍ مُتَيَّمٍ
وَتُسَافِرُ
فِي أعْمَاقِ الشَّمْسِ
أَتُنْكِرُ
أَنَّكَ ارْتَدَيْتَ عَبَاءَةً
شَفَّافَةً
حِيكَتْ مِنْ أَوْتَارٍ
سَاخِنَةٍ
أَنَّكَ
عَزَفْتَ كَلِمَاتِ الْهَوى
بِرُومَانْسِيَّةِ
قَوْسِ قُزَحٍ؟
أَنَّكَ بَنَيْتَ
فَوْقَ
حُدُودِ الْخَيَالِ
ضَفَائِرَ وَرْديَّةً
وَوَسَائِدَ نَاعِمًةً؟
أَنَّكَ
اجْتَزْتَ
عَتَبَةَ السُّكُونِ
بِكُلِّ شَغَفٍ؟
أَرَأَيْتَ؟
أَرَأَيْتَ لَائِحَةً غَارِقَةً
بِاتَّهَامَاتٍ مُثْبَتَةٍ؟
أَلَا تَزَالُ نَاكِرًا
أَنَّكَ عَاشِقٌ.
عَاشِقٌ مُتَيَّمٌ؟ !
وتفيض قصائد معالي مصاروة النثرية القادمة من لغة الأنوثة، والاحساس العميق، ومن الرياح الدافئة، بذلك التفاعل والاندماج والتناغم بين اختيار الكلمات والألفاظ العذبة المترقرقة والصور المجازية والاستعارات البلاغية والتشبيهات والأوصاف الجميلة والمعاني الانسانية المعبرة عن الحب والوله والوجد، التي تخترق الوجدان، وتلامس شغاف الفؤاد، في شجن وموسيقية وايقاع آسر خلّاب متنوع.
وفي ديوان ” خطوات أنثى ” تمتزج المشاعر والأحاسيس والخيالات، بالفكر والنبض الروحي، في لحظات مشحونة منسجمة مع الحالة النفسية والوجدانية للشاعرة بكل تفاصيلها، فيتهادى النص في فضاء شاسع، متوتر بالإحساس الشعوري والهاجس الانساني والبوح الأنثوي، بعيدًا عن التكلف والغموض والابهام.
إنني أحيي الصديقة الشاعرة معالي مصاروة، وارى فيها شاعرة ذات مقدرة ابداعية طيبة في أداء نص له وقعه وأثره في نفس المتلقي، وإلى الأمام.