كتب الاستاذ الباحث اسكندر عمل عن الديوان الثاني للشاعرة حنان جريس خوري إبنة حيفا والجليل:
الورد هو الأجمل ، هو الأرقُّ هو الألطف، وليس صدفةً أن يجني من عبِّه النَّحلُ الرَّحيقَ الأعذب وما أعذب عسله وشهده. نذكر دائماً جمال الورد وحضنه وننسى أو نتناسى شوكه، فهذا الشُّوك هو الحامي لذلك المهد الدَّافئ ويمنع من كلِّ عدوٍّ أن يصل إليه ولا يقرَبه إِلَّا المحبُّ المعجب الذَّائب والحنون.
الهمس في إهداء الشَّاعرة لديوانها يشعرنا بالرِّقة والحنان، حنانها ورقَّتها وهدوؤها. التَّفاؤل طريق سلكته الشَّاعرة في قصائد ديوانها، حتَّى الخريف الذي يذكر الشُّعراء أساه وصفرته وأوراقه المتناثرة، يقف عند شاعرتنا متمرِّداً ثائراً وتسقي الجنَّة في راحتيك هي أجمل وعد. وفِي “اسمع صوته” تكسر القيد وتزرع الشَّوق، فما أروع هذا التَّحدي وما أعذب زرع الشَّوق لينبت الأمل.
الإنسياب الرَّقيق ديدنُ شاعرتنا فهي” آتية فوق امواج الصَّباح” و”حلمها ينساب كنهر بلا حدود” و”تطير بها عصافير القلوب” و”في غفوة النِّسيان تمشي وتعلو كالبَّخور”، و”ضحكات الأقاحي وتصير الأحلام أنهاراً وأنهارا”. أهناك انسياب وانطلاق وأمل كهذا؟
الشَّوق والعناق والهمس والصَّلاة والقبل تعجُّ بها قصائد الدِّيوان، لكنَّ عند التَّحدي من أجل الحبِّ والحياة تصرخ شاعرتنا حتَّى “يصحو الفجر ويذوب الصَّخر” وتخاطب “إنزع عنك دمع القلب وازرع خطوك مارداً يمحو عام الدَّرب”.
القيود في شعر حنان تُكسَر وتتهاوى والطَّريق تصبح ممهَّدة التَّحرر والحرِّيَّة “في صوتها بركان ولصمتها نهاية، فيد يتهاوى ويتهاوى في دربه”.
قصائد الدِّيوان وإن احتوت بعض الألم إِلَّا أنَّ الأمل يكون خاتمتها، وإن دلَّ هذا على شيء فإنَّه يدلُّ على تفاؤل الشَّاعرة وحبِّها للحياة والنَّاس والوطن.
التَّناقضات في قصائد المكرَّمة تحمل التَّفاؤل أيضاً “في جمره رقَّة”، “رقَّة تقصف تذيب الشَّمس”، “لون الخريف هو ليس شاحباً أو ذابلاً، هو آتٍ من الريح من حبٍّ منسيٍّ” و”تنثر الحبَّ نوراً في عتم الآهات” و “هي أجمل وعد في موت شفتيك”، ” تطفئ البرد تشقُّ سحب الأحلام تمرُّ فوق الرَّدى لا تنحني في صخب الآلام”، و”إزرع وطناً من نار في برد يديك “ويا من يخبِّئ في برده بركاناً من شوق”.
الصُّور الشِّعريَّة تكاد تكون لوحات فنيَّة لرسَّام ماهر، اللغة سلسة يشعُّ منها أمل وحبٌّ وصفاء.
ديوان يبشِّر بدواوين أخرى في الطَّريق ننتظرها فاحترامي وتقديري لك يا حنان وإلى الأمام.