هناء شوقي شاعرة من الناصرة، بعيدة عن الأضواء، لا تبحث عن النجومية، تكتب بروحها وإحساسها المرهف، لا تتكلف ولا تتصنع، عرفناها من خلال كتاباتها الشعرية والنثرية التي كانت تنشرها على صفحات الملاحق الثقافية في الصحف الأسبوعية المحلية كالصنارة وكل العرب وحديث الناس وبانوراما وسواها، وفي المواقع الالكترونية المختلفة. ولقيت نصوصها اهتمامًا نقديًا من قبل عدد النقاد والدارسين في الوطن العربي، الذين تناولوا بعضها بالنقد والتحليل والتقريظ.
وفي العام 2010 صدرت باكورة أعمالها الشعرية الموسومة ” أحلام صفر اليدين “، واحتوت على عدد من نصوصها الشعرية والنثرية التي جسدت ارتباطها والتصاقها بالمكان/ بمدينتها الحبيبة الناصرة، باهلها وناسها، بترابها واشجارها واطيارها.
قصائد هناء شوقي تبحث في موضوعات متعددة ومتنوعة الاغراض، وتحمل بعدًا وجدانيًا وإنسانيًا عامًا، وبعدًا شخصيًا في بعض الأحيان. وعلى الرغم من تعدد التقنيات الشعرية في قصائدها واختلاف طولها، والعمل على التكثيف تارة والسرد تارة أخرى، واختلاف المواضيع وطريقة التناول، إلا أنها حافظت على أسلوبها ومستواها الفني.
يقول الشاعر ناجي ظاهر عن تجربة هناء شوقي : ” منذ الاطلاع الاول على ما انتجته هناء من نصوص أدبية، شعرت بانني أقف قبالة صوت أدبي جاد، تعامل مع الكتابة بمسؤولية فلم يجر وراء الأضواء المضللة على كثرتها في الفترة الراهنة، إنما عمل على تطوير ذاته منذ كان، منتظرًا اللحظة المناسبة لان يقدم ما لديه، وهو هو يفعل .. وهي ترسم لقارئها في كتابتها أحاسيسها برهافة حس إنسانية تحفل بالأمل في التغيير، جراء عدم رضا وغضب تأصل في داخلها، لما حفلت به من محبة المحيطين بها، من ناحية، ومن ترك في لغة التواصل من ناحية أخرى “.
وما يميز قصيدة هناء شوقي الديباجة المشرقة، والاستعارات الرشيقة الموحية، والصورة الشعرية المبتكرة ممتدة الظلال، واللغة الشعرية الحية، والعفوية الجميلة، والبساطة الأخاذة، والالفة التي تنعكس بشكل واضح في كتابتها.
هناء شوقي كتبت اجمل القصائد لوالدها المتوفى، واهدته ديوانها، وغنت لبلدها الحبيب مدينة السلام الناصرة، وأنشدت لأمها الغالية، وللوطن والأرض والطبيعة، وخاطبت الإنسان في كل مكان، وكتبت عن الحب وللحب، وعبّرت عن أحاسيس الأنثى تجاه الحبيب، وقصائدها بشكل عام مترعة بالحس الجمالي ، ذات طابع إنساني وجداني وعاطفي ورومانسي ووطني، وهي سلسة في أسلوبها وانسيابها اللفظي ومعانيها وموسيقاها الداخلية، ولنقرأ هذا النموذج من قصائدها، حيث تقول :
اخترتك خيالا
فغمرتني بالتمني
أيها الرائق بسُمرته
ترقب المحال!
لا تقلب الحال.
عَلت الشمس
أبكانا الرحيل
يا مبعث النور في صدري
هذّب النسيان
تتصف موضوعات هناء شوقي بعاطفة مشبوبة ، وشدو شفيف هادئ، وشجن عميق، وسمو الأحزان، والتماهي بين الخاص والعام، وتنساب حروفها وكلماتها رقراقة هامسة نابضة بالحياة والأمل.
هناء شوقي شاعرة أنيقة، مرهفة الاحساس، رقيقة المعاني، تمتهن الحرف حبًا وفرحًا، وخريف الحرف حزنًا، وتبث عواطفها ومشاعرها وكل ما في دواخلها على الورق بشكل عفوي تلقائي صادق. نبعث لها أحر التحيات واطيب الامنيات وندعوها لمواصلة المشوار الأدبي، ومزيدًا من العطاء والتألق والتميز.