الكاتبة الفلسطينية دلال عبد الغني وروايتاها “ظل التانغو” و “غربة الحجل” في نادي حيفا الثقافي

 

خلود فوراني سرية-

استضاف نادي حيفا الثقافي  في أمسية ثقافية يوم الخميس 27.06.2019 الكاتبة الفلسطينية المغتربة في السويد دلال عبد الغني حيث تم مناقشة وإشهار روايتيها  “ظل التانغو” و ” غربة الحجل” .

افتتح الأمسية مرحبا بالجميع رئيس نادي حيفا الثقافي المحامي فؤاد مفيد نقارة. استعرض بعدها الأمسيات الثقافية القادمة داعيا لحضورها، ثم قدم شكره للمجلس الملي الأرثوذكسي، راعي تلك الأمسيات ممثلا بالسيد جريس خوري.

كانت البداية مع الطالب أيوب أيوب الفائز في مسابقة الخطيب الصغير بالعربية عن المرحلة الابتدائية بين مدارس حيفا.

فألقى خطبة حارقة، تأثر بها الحضور، بعنوان ” معا نرتقي من جديد”.

تولت عرافة الأمسية بأنيق حرفها وعميق فكرها وجميل حضورها الشاعرة فردوس حبيب الله.

أما المداخلات فكانت بداية مع د. محمد صفوري حيث تناول رواية ” ظل التانغو” بمداخلة أكاديمية جامعة وشائقة حول الرواية. جاء فيها أنه تُعتبرُ الرواية صرخةَ احتجاج وثورةً نِسْويّةً ضدَّ المنظومة الاجتماعيّة الذكوريّة في المجتمعين العربيّ والغربيّ؛ إذ ترصد الراوية عبرَ ذاكرتها، أحداثًا عديدة تعكس عمليّةَ سحقِ المرأة وتهميشِها في هذين المجتمعين، وخصّ بالذات المجتمعَ العربيَّ لما يقترفُه من جرائمَ في حقّ المرأة؛ كسلبِ حرّيتِها، حرمانِها من مزاولة الحياة بصورة طبيعيّة، حرمانِها من التّعلّم، حرمانِها من التعبير عن رأيها، اغتصابِها ومن ثُمّ قتلِها دفاعًا عن الشرف ليبقى المعتدي (الرجل) حرًّا طليقًا دون أيّ مساءلة أو عقاب. ثمّ تأتي الحربُ لتزيدَ من مآسي المرأة فتصبحَ عرضةً لاغتصاب الجنود، سرقةِ ما لديها من أموال أو مجوهرات، تشريدِها في البلاد، ومن ثمّ حرمانِها من لَمِّ شملِ أبنائها بعد لجوئها إلى بلد آخرَ، وهذا ما تشير إليه الكاتبة في استهلال روايتها، إذ تقول موضّحة سببَ كتابتها عن الحرب والنساء أو النساء والحرب بقولها: “لا يحقّ لي أن أنكر حقيقة كون النساء ظللْن موضوعًا مرتبطًا بالحرب من أقدم العصور إلى حاضرها […] والحرب ما زالت تقتصّ في كلّ ساعة وكلِّ يوم من إنسانيّتها، من وطنها، من انتمائها، ومن مستقبل فلذات كبدها. تلك الحرب التي ضيّقت الخناق حولَ عنقها حلْقةً تلو حلْقة حتّى أوشكت السلسلةُ على إغلاق الطوق. لم يبقَ لها مهربٌ سوى الكتابة”(الرواية: ص8).

تلته د. لينا الشيخ حشمة بمداخلة نقدية فذّة معمقة ذات بعد نسوي شامخ.

جاء فيها، إنها رواية عن الغربة والاغتراب، عن الوطن والمنفى، السّجن والحرّيّة، الحضور والغياب، وعن الحروب والنّساء. تكمل رحلة القهر والنّزوح، وتفتح صناديق الذّكريات واحدًا تلو الآخر، مؤكّدة أنّ الماضي لا يزال يتكرّر في الحاضر، وأنّ حضرة الذّكرى لا تزال تشهد على مرارة التّاريخ. تعود الذّاكرة إلى الوراء، حيث تلوب الذّكريات ولا تملّ عن الدّوران، فتصرّ على إفراغ نفسها كي تنشد الخلاص.  إنّ ذاكرة فرح، تلك الّتي لا تدري من الفرح إلّا حروف اسمها، صناديق مغلقة على الألم، مغلقة على الحزن الّذي لا يكفّ عن النّدب، مقفلة على الفقد والغربة، فتعود الأسئلة لتواجهها: “من أيّ بلد أنا؟ هل بلدي مسقط رأسي؟ ربّما توجّب عليّ أن أعدّد هجراتي، أو أن يقع الاختيار على البلد الّذي سكنت فيه المدّة الأطول. وإذا كان الأخير جوابي فمن أيّ البلاد أولادي؟”(70)، “ضاقت بنا الدّنيا ونحن نبحث عن هويّة تعترف بإنسانيّتنا، لم يبق للشّرف والأمانة مكان في هذا الوطن الواسع”(ص16).

وتابعت، تنتمي الرّواية إلى السّرد النّسوي وأدب السّجون معًا. فلمّا كان الأدب النّسوي أدبًا اختراقيًّا ثائرًا على الأعراف الذّكوريّة والتّابوات السّياسيّة والاجتماعيّة والدّينيّة، ويسعى إلى كسر الأغلال التّقليديّة على مستوى الشّكل والمضمون، فإنّ أدب السّجون يتقاطع معه في هذه النّقطة. ولمّا كان السّجين يكتب ليثور ويعرّي القمع بتعزيز صرخة الذّات في وجه الظّلم والاستبداد، فكذلك هي المرأة تناضل ضدّ الاضطهاد وتتوق للحرّيّة.

كانت بعدها كلمة للابنة الفنانة، دالية عبد الغني ياسين، والتي رافقت لوحاتها الفنية الأمسية وزينتها. فحدثتنا عن مشوارها الفني وموضوع

“المرأة” في لوحاتها وعن حاجتها للفن كأسلوب تعبر فيه عن ذاتها، لا سيما في بلاد الغربة- السويد.

ثم كلمة لصديقة الكاتبة ورفيقة دربها، بسمة أبو صوي،  قدمت فيها تحية خالصة وخاصة لصديقتها.

أما الختام فكان مع صاحبة الأمسية فقدمت شكرها للحضور والمشاركين على المنصة ثم للقيّمين على نشاط النادي المحامي فؤاد نقارة وزوجته سوزي. وللناشطة الثقافية خلود فوراني سرية على تغطيتها أخبار الأمسيات والتعميم. وعلى اللقاء الحواري الذي أجرته معها لاحقا.

أطلعت بعدها الحضور على تجربتها في الكتابة كمترجمة من العربية للغة السويدية بداية ، وعن دورها الفعّال في “وطنها” الجديد من أجل خدمة وطنها الأصلي فلسطين، عن طريق الكتابة حفاظا على الذاكرة. وطرق أخرى مع المجتمع المحلّي والمغتربين الفلسطينيين هناك. يجدر بالذكر أن الكاتبة دلال عبد الغني مقيمة في السويد منذ ما ينيف عن الثلاثين عاما. ورغم خروجها  واغترابها  كل تلك السنوات عن وطنها، فلسطين  لم تخرج  منها . بقيت حاملة فلسطينيتها على ظهرها لأنها مؤمنة أن الذاكرة تغذي جذورا ممتدة في وطنها الأول وتزهر في الغربة لخدمة هذا الوطن.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .