بعد شهرين، بعد عشر سنوات متواصلة في سدة الحكم، سيصبح نتنياهو أكثر رئيس حكومة يحتل هذا المنصب بتاريخ دولة إسرائيل. لا تنقصه القوة. سلطة – لديه أيضًا. ما من شخصٍ يشكّل تهديدًا على حكمه. وما الذي يفعله هو مع كل القوة العظيمة التي يتمتع بها؟ يحصّن سلطته. يسنّ قوانين تخدمه هو والمقربين منه – لكنها بالمقابل سيئة للشعب.
الشخص الذي يستهزئ على الدوام بالشعب، الذي يعمل فقط على دعم مصالح أصدقائه أصحاب المناصب العليا، الشخص الذي يملّ من الشعب، والذي لم يقم أبدًا بشراء مستلزمات لبيته (لمجرد أنه لا يملك محفظة) – يعمل الآن بكل القوة والسرعة والحماس لتمرير رزمة قوانين ضدّنا. نحن لا نتكلم عن قانون الحصانة الشخصية لنتنياهو – فلديه منها. نتكلم عن قدرة نتنياهو على إضعاف كل من يُعارضه ويعارض سياسته. ليس لديكم مستشفى في البلدة؟ ليس بإمكانكم تسديد الإيجار؟ ليس بمقدوركم العيش من مخصصات الشيخوخة؟ كل ذلك بالطبع لا يهم نتنياهو، بل وأكثر من ذلك، فإنّ القوانين التي يسعى لسنها وُجِدت لكي تصعّب علينا النضال من أجل حلول حقيقية لكل هذه المشاكل. هذا سيء لنا. هذا جيد له.
نتنياهو – كأصدقائه، بوتين وأردوغان – يحاول تحصين مركزه كحاكم قادر على كل شيء وتعزيز مكانة النُخَب التي تحيطه – نُخَب رأس المال والمستوطنات. هذه الخطوة التي لم نشهد مثلها من قبل، تهدف لتجريد الناس من القوة، وإجهاض جميع محاولات تبديل حكم اليمين بحكم الشعب.
والمدهش هو استمرار نتنياهو بالادّعاء بأنه الضحية في هذه الرواية. أنه هو الملاحَق، الضعيف، وأن الجميع ضده. لكن الحقيقة هي عكس ذلك تمامًا: الضحية الحقيقية في هذه القصة هم الناس الذين يعيشون هنا. ذوي الأصول الأثيوبية الذين سيبقون معرّضين للتمييز العنصري في السكن ولتهجّم الشرطة عليهم. ألقادمون دول الاتحاد السوفياتي الذين سيستمرون بالعيش دون رواتب تقاعد متّكلين على شركات القوى العاملة. سكان الأرياف الذين سيعانون كما هو حالهم اليوم من عدم اجتياز لجان القبول لدخول البلدات الشراكية، لكنهم سيستمرون بتلقّي الصواريخ فوق رؤوسهم. وبالطبع المواطنون العرب في إسرائيل الذين سيتعرضون دومًا للتمييز الممنهج بجميع مجالات الحياة. هذه هي الحصانة الحقيقة التي يسعى لها نتنياهو – حصانة من الشعب، ومن النضال ضد سياسته.