الأستاذة آمال دلّة كرينّي كاتبة وشاعرة مخضرمة عريقة، كتبت الشعر والخاطرة والقصة للأطفال، لكنها لم تنشر سوى القليل من كتاباتها في الصحافة المحلية. ورغم مكانتها الثقافية والأدبية وعراقتها في مجال الكتابة للطفل، واصداراتها المتنوعة في هذا المجال، ورسالتها التربوية القيمية، إلا أنها للأسف لم تحظَ بالاهتمام النقدي المرتجى.
هي كاتبة ومثقفة لا تركض وراء المجد الرخيص، ولا تبحث عن أوسمة ونياشين وشهادات تقدير، ولا عن منابر إعلامية أو حاضنة ثقافية، وإنما الأدب والكتابة بالنسبة لها رسالة والتزام قبل كل شيء.
آمال دلّة كرينّي من مواليد كفر ياسيف في الجليل قضاء عكا، وتقيم فيها، أنهت دراستها الثانوية في مدرسة يني يني، والتعليم العالي بدار المعلمين في يافا.
اشتغلت مدرسّة للصفوف الابتدائية مدة 5 سنوات، ثم انتقلت لتدريس صف البستان لفترة امتدت 20 عامًا، ثم خرجت للتقاعد المبكر. وبعد ذلك التحقت بكلية اورانيم وحصلت على شهادة معلم كبير، وشهادة بموضوع التعليم البديل عن طريق الفن، واشتركت ايضًا في دورة لإكمال اللقب الاول في أدب الأطفال وأخرى عن الرسم للأطفال، ونالت شهادة ” لقب مضاعف “، واكملت دورة في أدب الأطفال ولغة انجليزية بجامعة حيفا.
واشتغلت آمال كرينّي مرشدة للبساتين والروضات من قبل كلية اورانيم، ومعلمة في دار الطفل العربي بعكا، وفي كلية المعرفة بيركا، وكلية المعرفة في شفاعمرو والناصرة، وفيتسو الناصرة جمعية للنساء.
واشغلت آمال رئيسة تحرير مجلة المرآة، السياسية الثقافية المتنوعة، التي أصدرتها باللغة العربية، ثم صدرت باللغة الانجليزية مدة 7 سنوات عن دار العودة بالقدس، بعدها توقفت عن الصدور.
بدأت آمال كرينّي كتابة القصص والاناشيد للأطفال في أواخر الستينات، حين كانت تعمل مدرسة لصف البستان، لكنها لم تطبع ما كانت تكتبه في تلك الفترة.
ومن بواكير قصصها ” قطرة ماء ” التي اطلع عليها في حينه البروفيسور ابراهيم جريس المحاضر في جامعة حيفا، والدكتور فهد أبو خضرة، وقاما بتدقيق وتنقيح القصة لغويًا، ولقيت التشجيع منهما للاستمرار في الكتابة، وفعلًا واصلت الدرب والمشوار وكتبت عشرات القصص والاناشيد للأطفال.
وتأثرت آمال بقصص وحكايات كثيرة كانت تسردها وتقصها عليها أمها وجدتها وعمتها، ثم تأثرت بقصص الأخوين جريم، وبالكاتب والرسام موريس سندك، لكنها في النهاية خطت لنفسها أسلوبًا كتابيًا خاصًا بها.
صدر لها: قطرة ماء، كتاب أناشيد الأطفال، مروة وضفيرة، عيد ميلاد حبيب، طيارة ورق بالعامية، طائرة ورق بالفصحى، أنا كبير، حديقة أم عليّ، بلبل بلابل، طير وهدّي يا فراش، متى أقول لا.
وشاركت في كتاب بساط الريح، وترجمة كتاب نهج الحياة الديمقراطي في بساتين الأطفال.
تتراوح كتابة آمال كرينّي بين العامية والفصحى، وتدور قصصها حول محاور وموضوعات تربوية واجتماعية، وتتركز على الجانب الإنساني القيمي والنفسي والتربوي والارشادي والتعليمي والتثقيفي والترفيهي.
وتتسم قصصها وأشعارها بالجمال والشفافية والصدق، ويطغى عليها عنصر التشويق والإثارة في سرد الاحداث، وما يميزها القيمة الفنية والفكرية والموضوعية، وتجسيدها للمشاعر الإنسانية الطفولية البريئة، فضلًا عن جودة السبك واللغة الجميلة وتوظيف التعابير البلاغية، بعيدًا عن السطحية والركاكة والأخطاء النحوية، فلغتها حية، رشيقة، سهلة، وفصيحة.
آمال دلّة كرينّي كاتبة رائدة جادة تمتلك ثروة لغوية، وتمتاز بالبساطة المدهشة، ونموذج صريح للامتزاج العجيب الذي يجمع بين التواضع والرقي، الخيال الجامح، والواقع المعاش، فهي ابنة البيئة الشعبية، وتمنح طفولتنا كل هذا الألق والسعادة المعجونة بالعلم والمعرفة والنور، واعمالها تستحق الاهتمام والدراسة والمتابعة النقدية، فلها كل التحيات العطرة، ونتمنى لها دوام العطاء والابداع.
بقلم: شاكر فريد حسن