لعلي لا أبالغ إن ذهبت إلى القول بأن الأدب والثقافة بشكل عام من ضحايا الثورة الرقمية !!
الأديب بطبعه روح نقية .. تواقة للكمال .. ميالة للعزلة للتفكير والتأمل .. ومساءلة الذات .. ومناجاة الكائنات .. لهذا فهو لا يميل إلى الضوضاء ..ولا يحب المجتمعات الافتراضية ذات الأقنعة المتعددة الأصناف!!
لقد صار الفيس بوك لدى المواطن الفلسطيني والعربي والعالمي من الأسياسات اليومية كالخبز والماء !! وامتلأ بالصالح والطالح .. وبالغث والسمين ..ونال الأدب قسطا لا ينكر من نقاشاته .. إنما لا يرقى إلى المواضيع الاجتماعية التي يشترك فيها عامة الشعب .. الأمي منه والمثقف . الجاهل بالأشياء والعالم بها .
الفيسبوك أصبح شيئا فشيئا مكانا لا يلائم الأدباء والمثقفين .. بالأحرى أغلبهم .. لأن الأديب الحقيقي يبحث عن الصدق في الآخر .. يريد أن يقاسمه رؤية الموجودات الجميلة .. ويريد أن يعيش في بيئة فيها أدباء الحقيقة لا الزيف .. يصنعهم الإيمان بالحب والجمال ولا تصنعهم الجماهير .. يريد أدبا له غاية شريفة وأهداف سامية .. يريد الأديب إنسانا يحب الجميع وليس في صدره ذرة من الكراهية .
لكل ذلك رأينا الأدباء يزهدون عن العالم الافتراضية ، صانعين عوالمهم الروحانية البعيدة . . لا يَأذون ولا يُأذوْن .. يبدعون لتحقيق ماهية الإبداع .. ولا يبدعون لإرضاء المصالح العابرة .. والمواقع الثقافية المتصارعة التي تستقطب من يبدي لها الولاء .. وتبعد من ينبس ببنت شفة نقد صريح شفاف .
متى تعلو في المواقع الافتراضية راية الحقيقة .. وتصبح الأعين متجهة إلى الغايات الشريفة التي ترفع من القيم الروحية والجمالية وتنشر ثقافة المحية والسلام ؟؟ حينها قد نرى عودة للأدباء الحقيقية وعودة للأدب الحقيقي لتكون الثورة الرقمية أداة نهوض بالإنسان والثقافة والمجتمع .
.
.
الناصرة