سهيل ابراهيم عيساوي شاعر وكاتب وباحث أثبت وأكد حضوره الابداعي في المشهد الشعري والثقافي المحلي برصانة وهدوء، وبدون ضجيج. وهو من قرية كفر مندا الجليلية، ولد فيها العام ١٩٧٣، ترعرع بين أحيائها، وتعلم في مدارسها، وانهى تعليمه الاكاديمي وحصل على شهادة البكالوريوس بموضوع تاريخ الشرق الأوسط والعلوم السياسية، وشهادة الماجستير في تاريخ الشعب اليهودي من جامعة بن غوريون في بئر السبع.
اشتغل مدرسًا في مدينة رهط بالنقب لمدة ٩ سنوات، ثم عين مديرًا لمدرسة ابن سينا بقريته كفر مندا ولا يزال.
بدأ سهيل مشواره مع الكتابة الادبية حين كان على مقاعد الدراسة الثانوية، وعمل على تطوير ملكته وأدواته الشعرية ونشر بعضًا من محاولاته في صحيفة “بانوراما ” وغيرها من الصحف والمجلات، ولقي التشجيع من اصدقائه وأهله والمقربين والمحيطين به، ما دفعه الى الاستمرارية ومواصلة المسيرة، وراح ينشر كتاباته في المواقع الالكترونية وعلى صفحته الشخصية في الفيسبوك.
تتنوع اهتمامات سهيل عيساوي بين الشعر والمقالة والبحث التاريخي والكتابة للأطفال، وصدر له عدد كبير من قصص وكتب الأطفال ، وله دراسة وافيه عن أدب الأطفال المحلي.
أما في مضمار الشعر فأصدر عددًا من المجاميع الشعرية، وهي: ” وتعود الأطيار إلى أوكارها، فردوس العاشقين، وتشرق أسطورة الانسان، قصائد تغازل الشمس، وعندما تصمت الطيور “.
وصدرت عنه دراسة للكاتب والناقد المغربي محمد لافي بعنوان ” إضاءات في شاعرية سهيل عيساوي “.
وفي كتابته للأطفال يحاول عيساوي أن ينمي في داخلهم قيم الخير والمحبة والعطاء، والطموح والعصامية والأمل والتفاؤل والتمسك بالحياة، والاحساس بالسعادة والفرح، بالإضافة الى توسيع آفاق الطفل ومداركه وتطوير ذائقته، واثراء ملكته اللغوية.
وما يميز قصصه أنها قصص مشوقة وماتعة تلائم جيل الطفولة والصغار.
يعالج سهيل في كتاباته الشعرية قضايا اجتماعية وسياسية وانسانية وفلسفية، وهو يكتب عن الحب والانسان والطبيعة والجرح العربي وأوجاع الوطن المعتقة ومأساة العراق والقدس الجريحة، ويرثي عنقاء الشعر محمود درويش، وصديقه الشاعر ماجد عليان وغيره من الاصدقاء، ويناجي أمه الحبيبة، ويصور مأساة العراق، والهموم الانسانية ويغازل الشمس.
وتتصف نصوصه بانسانيتها وتصويرها لهموم وعذابات ومحنة الانسان الفلسطيني، وطرح قضايا الانسان عامة، وهذا دليل واضح على رهافة حسه، ورقة مشاعره، واحساسه الكبير بالهم الفلسطيني، والوجع العربي، والانساني العام.
وأغلب قصائده مطبوعة بالحزن والأسى والرثاء لحال أمتنا العربية الواقعة تحت الاستعمار الغربي، وما آلت اليه أوضاعها من الخنوع والذل والاستسلام.
لنسمعه يقول عن مأساة العراق:
حين هوت بغداد
كان المعتصم يقف حائرًا
على أعلى ملوية سامراء
تنحدر من مقلتيه دمعة خجولة
وتنزف حروفه لظى وشظايا من غضب ووجع وألم داخلي عميق، ويتمنى لو كان جرعة دواء ليمسح الأحزان عن الجرحى:
أخفف الألم عن جريح
وأمسح الحزن الرابض في عيون أم ثاكل
فقدت طفلها في ملجأ العامرية
اما غزله فنجده جميل شفاف صادق وعفيف، بعيد عن الايروسية.
ويبهرنا سهيل عيساوي بمعانيه وايقاعه الموسيقي، وتنضوي نصوصه على الاحساس والشعور الانساني، والخيال الخصب، والايحاء العميق، والوصف الجميل، ووهج اللغة.
وغني عن القول أن أشعاره تفيض عاطفة، وترقص على رقة المعنى، وأناقة الحروف، ورهافة الحس، وصدق الاحساس، ووضوح الصورة وحسنها وجماليتها الفنية، وتذهب بسلاسة نحو تخوم العشق بلغة رقراقة منسابة.
سهيل عيساوي شاعر مجيد، وصاحب نفس شعري دافئ، يصب همومه وآلامه، ويعبر عن مشاعره في نعمات كلها شجن، وبصور مجازية وأوصاف دقيقة مكسوة ومبطنة بالحزن الرقيق الشفيف، ويشدنا برصانة تعابيره ولغته المتفجرة السلسة العذبة، والحنين الذي يعبق في أجوائها.
وخلاصة الكلام أن سهيل عيساوي شاعر يجيد رسم الحروف ونسج المفردات في تعابير وقوالب جميلة، وكلماته منتقاة ومختارة بعناية ودراية ومعرفة، وتعبر عن قصدها بكل وضوح وشفافية تامة.
فتحية من القلب للصديق الشاعر والكاتب المنداوي سهيل عيساوي، السابح في مرافئ الوجد، والغارق في بحور الحزن والألم والوجع، وارجو له المزيد من العطاء والتفاؤل، ولعل القادم أجمل.
وكم هو جميل الابحار والغوص في أقاصي حروفك الوثيرة، ودمت مبدعًا دائم الحضور متوهجًا.