بعد اللقاء الناجح في “كفار سابا”، عقد منتدى المثلث الجنوبي والشارون للمساواة ولمناهضة العنصرية، والذي تأسس بمبادرة من الائتلاف لمناهضة العنصرية وصندوق فريدريخ ايبرت، هذا الأسبوع اللقاء الثاني من مشروع “نفتح القلب والرأس على فنجان قهوة”، وهو مشروع يجمع بين عرب يهود من سكان المنطقة للحديث عن أهم المستجدات التي تؤثر على الحياة المشتركة بين الشعبين العربي واليهودي.
وعقد اللقاء هذه المرة في رعنانا في بيت النشطاء يئير ونعمي غلئور والذين استضافوا قرابة الـ 40 ناشطًا من اليهود والعرب.
وتطرق اللقاء، الذي جاء في فترة تصعيد أمني، إلى الوضع السياسيّ الحالي وضرورة العمل على تعزيز الحياة المشتركة كما وشمل على محاضرة قيمة من د. نهاد علي تطرق من خلالها إلى العنف المستشري في المجتمع العربي، أسبابه وتأثيره على المجتمع عامةً.
وأفتتح اللقاء المحامي نضال عثمان، مدير الائتلاف لمناهضة العنصرية، الذي رحب بالحضور مؤكدًا على ضرورة عقد اللقاء خاصةً في ظل التصعيد الأمني الأخير، الأمر الذي “يشدد على مقولتنا في ضرورة تعزيز الحياة المشتركة، بالذات في هذه الأيام العصيبة”.
بدوره، تحدث المُستضيف يئير غلئور ايضًا مرحبًا بالحضور ومؤكدًا على ما جاء في حديث المحامي عثمان. وفسّر غلئور للحضور أهمية عقد هذه اللقاءات والانكشاف على مواقف الآخر، موضحًا أنّ الآخر في هذه الحالة هو المواطن العربي مشيرًا إلى أنّ المواطن العادي، اليهودي والعربي، يرغب بالعيش بسلام دون اللجوء إلى حروبات وازمات أمنية.
الباحث المختص، د. نهاد علي، وخلال محاضرته المركزية في اللقاء، تطرق إلى مشكلة العنف في المجتمع العربي، حيث أوضح أن العنف في المجتمع العربي بات سياسة ممنهجة ترغب الحكومة في تكريسها الأمر الذي يدفع المجتمع العربي للانشغال في الموضوع وتحييد مواضع أخرى اقتصادية وسياسيّة مما يخفف العبء الحكومي في التعامل معها.
وتحدث د. علي عن أسباب وخلفية العنف في المجتمع العربي حيث أشار إلى أبحاثة في المجال وشخّص المشكلة قائلا إنه ومنذ عام 1948 وحتى يومنا هذا انكشف العرب فـي إسرائيل على الاغلبية اليهودية وثقافتها الغربية المهيمنة. ونتيجة لذلك فقد مروا بتغييرات كبيرة بكل مناحي الحياة تقريبًا، على المستوى الاجتماعي، الثقافـي، الاقتصادي والسياسي، الأمر الذي أدى انخراطهم فـي مسيرة حداثة وتسييس مكثفة شهدوا أثرها مسيرات تغيير فـي الهوية الشخصية والجماعيّة ومن بينهم نمت قيادة جديدة تمتاز بوعيها السياسي وتناضل من أجل المساواة بالفرص والحقوق، مع ذلك لم يفعل المجتمع العربي الانتقال المطلوب من مجتمع تقليدي لعصري.
وعدد د. علي العوامل التي عززت مشهد العنف في المجتمع مشيرًا إلى؛ تفكك مبنى الحمولة، ازدياد مشاعر الإحباط والاغتراب تجاه المجتمع الإسرائيلي، التعريف الداخلي للمجتمع الفلسطيني أي مجتمع انتقالي، بنيوية المجتمع العربي وهو مجتمع مقطوع الرأس تم طرد اغلبية قيادته في الـ 48، وقوف المجتمع على هامش مزدوج من التهميش سواءً مدني إسرائيلي أو قومي فلسطيني، المجتمع العربي لا يتصدر سلم أوليات المجتمع الإسرائيلي، عدم ثقة المواطن العربي بالشرطة، ووجود كمية كبيرة من السلاح غير المرخص في مجتمعنا مقابل معدلات بطالة وانعدام اطر شبابيّة.
وخلص د. علي بالإشارة إلى ضرورة دفع مشاريع عربية ويهودية مشتركة قادرة على التعامل مع هذا الملف باعتباره مشكلة قطرية وليست مجتمعية خاصة بالمجتمع العربي وحده.
بدوره، سامح عراقي، نائب رئيس بلدية الطيرة، اختتم اللقاء منتقدًا سياسة الشرطة وتقصيرها في تعامل مع ملف العنف المستشري في المجتمع العربي، محذرًا المجتمع اليهودي أنّ المشكلة ليست عربية داخلية إنما ستطال مستقبلا المجتمع اليهودي خاصة وأن الشراكة العربية اليهودية الوحيدة الناجحة في هذه الأيام هي الشراكة بين منظمات العمل الإجرامي-اليهودية والعربية.
وذكر عراقي بعض المعطيات التي تتعلق بالإجرام في المجامع العربي موضحًا أنّ هنالك حاجة من الجمهور أن يُسمع رأيه في المجال ورفضه للظاهرة الأمر الذي قد يدفع الشرطة للتعامل مع الملف بجدية، بخلاف ما يحدث اليوم.
وتطرق عراقي إلى غياب برامج حكومية تتعامل مع ملف العنف المستشري في المجتمع العربي، مثلا في وزارة التعليم، الأمر الذي يؤكد أنّ هناك نوايا لتكريس هذا العنف وعدم التعاطي مع المشكلة لحلها.
وخلص اللقاء بالاتفاق على تأسيس مجموعة تفكير مشتركة عربية ويهودية حول المسؤولية المشتركة وسبل مناهضة العنف في المجتمع العربي.