- حنين حيفا إلى حيفا
الحنين ظاهرة حاضرة في الأدب العربي عموما، القديم منه والحديث، وقد انشغل الدارسون والنقاد في هذه المسألة ولا يزالون. وأجمعت الدراسات على التسمية المتداولة بين الدراسين، الحنين إلى الماضي في الأدب العربي والنوستالجيا في الأدب الغربي. وأجمعت الدارسات كذلك في مسألة الأنواع، والأنواع هنا تفصيل لمستويات الفعل (الحنين) كما يتجلى برؤية النقاد في الأعمال الأدبية المختلفة، فحددّت نوعين اثنين جامعين له: الحنين الفردي والاجتماعي – السياسيّ (مع اختلاف التسميات والمصطلحات). ولا تبتعد دواعي الفعل عن نوعيه كثيرا، فهي شخصية كما هي سياسية واجتماعية، ولا شكّ أنّ الفعل يستدعي مخزونا هائلا من العاطفة والشوق إلى الأشخاص (الأهل والأحبة مثالا) إذا كان فرديا، وإلى الوطن في المقام الأول إذا كان اجتماعيا – سياسيّا. لكن يبقى السؤال الأهم بعد هذه التعريف العاجل، لماذا ينزع الشاعر نحو هذا الفنّ، ونحو هذه الممارسة؟ يحلينا هذا السؤال بصورة تلقائية إلى الحاضر وإلى الواقع، فلا يمكن أن يلتفت الشاعر إلى الماضي إلى من خلال حاضر، فهذه هي الحركة الطبيعية إذا كان نقصد فعل الحنين، فالإنسان يحنّ إلى ما كان (وربما إلى ما لا يمكن أن يعود)، وهو يتشوّق لما يحتمل الرجوع، أو يحتمل الوقوع (مستقبلا)، وهكذا يكون الحنين عادة مثقلا بالألم والحسرة واليأس، بينما يقوم الشوق على الرجاء والأمل، واليأس أشدّ وطأة وقسوة من حرارة (شوق) الرجاء واللقاء. وعليه حركة الحنين ماضية (إلى ما كان) دائما، والشوق يصحّ فيه ما كان وما يمكن أن يكون (مستقبلا). فإذا كان فعل الحنين مشعب باليأس والحسرة، و….، فلا بدّ أن يكون الحاضر، بكل تفاصيله وممارساته، متهما مركزيّا في المقام الأول. أحنّ إلى ما كان لأنّ الحاضر مؤلم موجع إلى حدّ لم يدع مجالا لحركة طبيعية تقدميّة نحو المستقبل. فيكون استدعاء الماضي وذكرياته اتهاما صريحا ومباشرا للحاضر، هي محاولة رفض الغربة والاغتراب التي يفرضها الحاضر بكلّ أشكالها ومستوياتها. فالأصل أن يتطلع الإنسان من الحاضر إلى غد أفضل، لا أن يعود في تطلعاته وآماله إلى ما انقضى وانتهى ولن يعود. ما تقدّم فيه ما يجيب عن السؤال السابق، ويؤكّد في الوقت ذاته أنّ فعلي الرفض والاتهام، ممارسة دفاعية – نفسية في المقام الأول وهامّة في فعل الحنين.
وبعد، كيف نقرأ قصيدة الشاعر مفلح طبعوني “حنين حيفا إلى حيفا” في ضوء هذه الومضة النظرية؟
لم يكن فعل العنونة وحده ما وجّه النقد ناحية الحنين، وإن كان جليّا واضحا. بل القصيدة بكلّ ما فيها من تفاصيل ودلالات استدعت قراءة كهذه. وعليه سنحاول قراءة هذه القصيدة في هذين المستويين: العنونة والنصّ.
- العنونة أوّلا
“حنين حيفا إلى حيفا” يقوم على، كما هو الحال في فعل العنونة عموما، على الجانب على اللغوي – النحوي، والمعنوي – الدلاليّ. نلحظ في الجانب الأوّل أنّه معرّف في مفرداته الثلاث الأساسية: فالأولى (حنين) معرّفة بحكم الإضافة إلى العلمية (حيفا)، والثانية والثالثة هي العلم المعرَّف بذاته والمعرّف للمفردة الأولى بحكم الإضافة كما تقدّم. يكون العنوان في هذا الجانب محدّد، معروف معرّف لا يدع مجالا لتأويلات وتخمينات كثيرة، هو الحنين لمكان محدّد معروف، حيفا. وفي ذلك تثبيت واضح للمعنى في هذا السياق. أمّا الجانب المعنوي – الدلاليّ فالعنوان يقوم على تصريح واضح بهوية الطرف الثاني في فعل الحنين، بافتراض مسبق بديهي أنّ الحنين يفرض لا محالة طرفين اثنين على أقلّ تقدير، هما الجهة الفعالة للفعل والجهة المقصودة منه، وفي هذه المسألة لا يخالف الشاعر هذه المعادلة نظريّا، ولكنه يخالف ذلك معنويا ودلاليّاـ أعني أنّ النظرية (وما جرت علية العادة) تفترض أن يكون الحنين غالبا من آدميّ إلى آخر، والآخر هنا قد يكون آدميا وقد يكون خلاف ذلك. وهنا بالضبط تكمن قوّة العنونة عند الشاعر في تقديري، عندما خالف المأنوس في هذه النظرية. فحيفا هي ذاتها التي تحنّ إلى حيفا، يعني إلى ذاتها، وهذا في مستوى التوقعات التي يحاول القارئ تحديدها في قراءته للعنوان، من خلال نشاط قبليّ هامّ وملزم. ولا ننسى بطبيعة الحال أهمية الإشارة المكانية هذه ومركزيّتها. حيفا هي الصورة المصغّرة عن الوطن، عن فلسطين دون شكّ. كما يفرض فعل العنونة عند الشاعر تساؤلات لازمة وهامة، بل وضرورية في نشاط التأويل هذا. فهل هناك مثلا، اختلاف دلاليّ بين حنين الآدميّ (والآدمي هنا مواطن، شاهِد، محبّ…) إلى حيفا المدينة، وهي الإمكانية الطبيعية التي يفرضها فعل الحنين غالبا. وبذلك يمكن تقدير الفعل (فعل الحنين) حنيني (أنا الشاعر مثلا) أو حنين (فلان) إلى حيفا، وبين حنين الشيء إلى ذاته، وفي هذه الحالة حنين المكان (حيفا) إلى ذاته، لا أكثر ولا أقلّ؟ حنين المكان إلى ذاته، بتقديري، أعمق وأدلّ من حنين الآخر إلى المكان. فليس هناك مَن هو أخبر “بالشيء” من نفسه، وعليه لا شكّ أن الاختلاف جليّ دامغ بين القول: أحنّ إلى حيفا (ونحيل هنا إلى الاحتمالات الكثيرة التي سبق ذكرها، لتقدير الفاعل في الفعل)، وبين القول: أنا حيفا أحنّ إليّ إلى “حيفاي”، يعني حيفا التي كنتها، حيفا التي قطع الحاضر امتداد حضورها وتقدّمها! وفي هذا السياق تحنّ حيفا الحاضر إلى حيفا الماضي، حيفا الحاضر تئن وتتألم وتعيش غربة، تدفعها إلى الالتفات والهروب إلى حيفا الماضي. فالماضي وإن كان مثاليا لن يعود يظلّ أرحم من حاضر لا يرحم! التفات حيفا هذا من الحاضر إلى الماضي، اتهام واضح ورفض يسعى، معنويّا على الأقل، إلى تغييب هذه الغربة المفروضة عليها.
- النصّ – القصيدة
كيف تدلّل حيفا على حنينها لذاتها؟ هل تكتفي بتصوير اللوعة، والحسرة والألم فقط، أم تراها تستدعي وتتكئ على تقنيات وعناصر أخرى لهذا الغرض؟ حيفا في حنينها “لحيفاها” تتكئ على جملة التقنيات والعناصر التي يفرضها فعل الحنين عادة. الحنين هنا إلى مكان بحجم الوطن، إلى مكان هو الوطن مجازا، والوطن – المدينة هو تاريخ، ومكان، وشخصيات. وهذا بالضبط ما يصوّره الشاعر في حنين حيفا إلى ذاتها. تتكئ حيفا على المكان في هذا الحنين: عين الغزال، الطنطورة، معبد مار إلياس، الكرمل، وادي النسناس، الهادار ومشفى حمزة. تفضح هذه الأماكن حنين حيفا الحاضر إلى حيفا الماضي. الطنطورة وعين غزال قريتان مهجّرتان في ضواحي حيفا، شاهدتان في القصيدة على حيفا الماضي. فحيفا الحاضر تئن وتتوجّع من الحاضر، فلم تعد البهيّة الرشيقة التي تهبط من كرملها الأشمّ لتسبح في البحر، كما يقول طبعوني! ونلحظ أنّ الأفعال التي ينسبها شاعرنا لبعض الأماكن الشاهدة على حنين حيفا، أفعال ترسّخ الوجع، فالكرمل يعاتب ووادي النسناس ينزف ويندب، معبد مار إلياس يحتضن حيفا في صومعته، ومشفى حمزة “تلاحقه أسماك القرش”، وحيّ الهادار (الذي كانت تقطنه معظم الجالية اليهودية في حيفا قبيل النكبة) حاقد!
ومنذ أن غيبّت النكبة بعض هذه الأماكن (الطنطورة وعين غزال)، أصبحت حيفا ثكلى، انقطعت عن البحر، وتصومعت في الدير، وامتدّ ذلك إلى أطرفها وأحشائها (الكرمل ووادي النسناس)، لكنها لم تمت! “حيفا ما زالت حيفا”! وهذه هي “اللازمة” الهامّة التي يردّدها الشاعر في أكثر من موضع في القصيدة، ليؤكّد أنّها بالرغم من “غول” الحاضر لا تزال حيفا حيفا، وهذا النزعة التفاؤلية، هي نزعة الشاعر الفلسطيني أينما حلّ وارتحل.
لا تقلّ أهمية الشخصيات عن المكان، عند طبعوني، في “مشروع” الحنين هذا. فحيفا الحاضر تحنّ إلى أبنائها الذين رحلوا إلى غير رجعة، وعهد الأمّ أن تحنّ إلى أبنائها ما دام فيها عرق ينبض، ولا تزال عروق حيفا نابضة حيّة. تحنّ حيفا إلى إحسان عباس وإلى شاعرها نوح إبراهيم، أو إبراهيم النوّاح كما يسميه الشاعر في القصيدة، شاعر الثورة. فاستدعاء الشخصيات، في فعل الحنين، له أهمية لا تقلّ عن المكان برمّته. فهم وجه من وجوه المكان المشرق، من وجوه حيفا، يمجّدون المكان ويعلون من شأنه في ميدان اهتمامهم المختلفة. فحيفا تبحث عن نوح إبراهيم الذي يلهب الصدور بأغانيه وأهازيجه، ويدبّ الحياة فيها من جديد، “فتعود الريح إلى الأرواح” وهي الجملة التي يختم بها الشاعر قصيدته، في تصريح لا يخلو من تفاؤل وأمل.
كما يستدعي الشاعر في هذه القصيدة، إلى جانب العناصر من مكان وشخصيات، التقنيات الأدبية، وعلى رأسها التناص. والتناص استحضار النصّ السابق ليسدّ بعض فجوات النصّ اللاحق، والنصّ اللاحق هنا هو حيفا الحاضر التي عاشت ويلات شمشون الحاضر، فهل تكون دليلة امتدادا لحيفا؟ تحضر أسطورة شمشون ودليلة في هذه القصيدة لتبرز وتدلّ على ممارسات الحاضر، فالكاتب يتكئ على التناص هنا ليفرغ مخزون هائل من الألم والوجع، ما كانت اللغة في سياقتها العادية لتنجح في التدليل عليه، تأتي صورة التناص – الأسطورة لتجسّد هذا الألم. لكن اللافت عند طبعوني في هذه القصيدة، عدم “استسلامه” لمفردات اليأس التي يفرضها الحنين إلى الماضي، وهذا جانب آخر عزّز من قيمة هذه القصيدة بتقديري. فهذا الحنين على ما فيه من وجع وحسرة ما زال يرى حيفا التي “ما زالت حيفا”، حيفا التي لم ينل منها الماضي بويلاته ولم يغيّبها، حيفا موجوعة ومتألمة، لكنها ما زالت حيفا، ترثي وتبكي لكن أثر أبنائها وأماكنها ما زال يبعث فيها ريحا تبعث حياة في الأرواح! وبذلك يكون الشاعر مفلح طبعوني قد تجاوز المأنوس في الحنين إلى الماضي أدبيّا، ولم يغنّ مرثية حيفا الأخيرة، بل غنّى للرياح التي تبعث الأرواح من جديد على شواطئها وجبالها وحواريها.
- راهب البروة
إن كانت النظرية الأدبية، والتوجهات النقدية المختلفة تحرص على قراءة قبلية أوليّة للنصّ الأدبي من خلال العنونة، باعتبارها نصيّة كاملة متكاملة، تختزن كلّ ما يمكن أن يعين القارئ في فهمه للنصّ، إذا أحسن العمل فيه! فتغدو لذلك قراءة العنوان نهجا متبعا لا يخالفه مَن يؤمن بقدرة العنون على القولّ، نقول إنّ العنونة عند طبعوني فيها أبعد من هذا الحرص، فيها طاقة استفزازية هائلة، ولنا في العنوان السابق خير مثال. تحرّك في القارئ نشاطا وطاقة “للعمل” منذ اللحظة التي تقع فيها عينه على عناوين قصائد الشاعر. قدرتها في بساطتها أحيانا، وبساطتها لا تنتقص من قدرة الشاعر، بل تدلّ على قدرة وتمكّن. قدرة الشاعر في صياغة العادي والمأنوس، صياغة مستفِزة قادرة على تجاوز الكثير من الحدود. راهب البروة، عنوان معرّف كلّه. تتجاوز لفظة الراهب في هذا العنوان، دلالاتها القدسية الدينية، عندما تضاف إلى المكان، فتغدو “الرهبنة” حالة شعرية بكلّ المقاييس، ينقطع فيها الشاعر – الراهب إلى القصيدة! “والبروة” مكان شاهد، شاهد على التاريخ وعلى الشاعر في الوقت ذاته.
ماذا يكتب طبعوني في هذه القصيدة، رسالة حب ووفاء، أم هي مرثية، اعتراف، اعتذار، إهداء…؟ أراها رسالة جمعت كلّ ما تقدّم. رسالة الشاعر إلى الشاعر، رسالة مفلح طبعوني إلى محمود درويش، ودرويش بوصلة شعراء فلسطين، عند شاعرنا على أقلّ تقدير كما تقول القصيدة. يبدأ الشاعر رسالته لمحمود بتحية الصباح، والصباح أمل، تجدّد وبعث جديد. يجعل طبعوني “تحيته الصباحية” هذه صاخبة مفعمة بالحياة، تُلقى وتقرأ على “نَفَس واحد” ويعينه في ذلك “تقنية التتابع” (إن صحّت التسمية) المستخدمة فيها، أعني اعتماد الشاعر للكلمة الأخيرة في البيت الأول كفاتحة للبيت والثاني، والأخيرة في البيت الثاني تغدو افتتاحية في الثالث (صباح الحبّ والورد…صباح الورد والشهد… كلمة “الورد” في هذه الحالة). لا يدع هذا التتابع مجالا لقراءة هذه التحية على مهل، بل يفرض إيقاعا خاصا وسريعا، يمدّها بالحياة!
المقابلات (الأضداد) التي يذكرها الشاعر في قصيدته هذه (أورثناك الضياع، أورثتنا الحقيقية….) هي اعتراف في المقام الأوّل بقيمة درويش الشعرية في المشهد الأدبي الفلسطيني عموما، فالشاعر درويش، بلسان حال الشاعر طبعوني، قدّم لنا نحن الفلسطينيين، محاولة لقراءة واقعنا الغرائبيّ. فقصيدته في هذه الحالة حافظة للذاكرة والتاريخ والوطن برمّته.
يتحوّل طبعوني في “تحيته الصباحية” الثانية من التحية المباشرة، من الحبّ /التحية المباشرة إلى الخاصة والمخصوصة، إنّ صحّ القول، ويعمد طبعوني في ذلك إلى تقنية التفكيك أعني تفكيك الاسمية، فكلّ حرف من حروف الاسم “محمود” يغدو مبعثا لتحية كاملة متكاملة، وهذا “التوغّل” يصبّ في تدعيم قصيدة الحبّ والوفاء والاعتراف التي يقولها طبعوني في حقّ درويش. وإذا كنّا قد أشرنا سابقا إلى أنّ قصيدة طبعوني ترثي إضافة إلى الحبّ والودّ والاعتراف، من خلال تناصية واضحة مع قصة يوسف الصديق، ودرويش نفسه قد تماهي في أروع قصائده مع قصة يوسف الصديق (أنا يوسف يا أبي…)، فإنّ طبعوني يتابع هذا التماهي باعتماد هذه التناصية كاملة (يوسف!!! أحببناك كموهبة الأيائل…)، كما يلتفت طبعوني في رثائه إلى قصيدة درويش ويمتح منها، بقدر محدود من المواربة والاستعارة، مفردات الرثاء (لماذا لم تخيّب ظنّ العدم؟ / لأنّك أنت الذي نسيت أنت تموت / الأبجديات/ وما هنا سوى هناك/ لازورد السرمدية/ كزهر اللوز أو أبعد) هذه الاقتباسات التي “يعجّ” بها رثاء طبعوني لدرويش، هي إقرار بعبقرية الأخير، وإعلان حبّ من الأوّل لا يقطعه الرثاء – الموت. هل يمكن الحديث عن درويش دون الحديث عن فلسطين – الوطن – القضية التي شكّلت هاجس الشاعر الأوّل والأخير؟ فهو يوسف في تناصية الرثاء والألم، وهو الفلسطيني كذلك، لكن عندما تحضر فلسطين في رثاء الشاعر، يزهر الشاعر والرثاء معا، ويغدو قمرا ينير ويغازل. يعدو مع الأزهار والريح، ويعشق يافا وحيفا.
وهكذا تأتي “التحية الصباحية” الثالثة عند طبعوني فلسطينية خالصة، عامة وحاضنة، لتشمل “التحيتين” السابقتين باعتبار أنّ الوطن – فلسطين هو الحاضنة والأمّ. كما يعود طبعوني في التحية الثالثة إلى التقنية ذاتها المعتمدة في التحية الثانية: تفكيك الاسمية. فتكون تحية الصباح للوطن هي تحية الصباح لمحمود، والعكس صحيح. وهذا ما تؤّكده تحية الشاعر الصباحية الرابعة والأخيرة، حين “يفكّك” الشاعر في تحيته هذه ألوان فلسطين.
لم تكن رسالة طبعوني لدرويش، في الحبّ والاعتراف والرثاء، تقليدية، بل محاولة جدية وجديدة لخلق قصيدة أخرى مغايرة، لا يخلو منها “نَفَس” درويش، ولا رؤية طبعوني كذلك، مما يحفظها من شرّ الاقتباس والتقليد الأجوفين، ويتحقّق ذلك عندما يبلغ الشاعر أعلى مراتب الحبّ، التورّط، الوفاء والاعتراف، والمعرفة. والمعرفة هنا شاملة، معرفة طبعوني القارئ وطبعوني الشاعر بقصائد درويش، مما يعزّز من زخم هذه القصيدة المغايرة وقيمتها، وطبعوني هنا أحبّ وتورطّ واعترف دون أدنى شك!