“كمثل السحب، لا أعرف أين أقف”… جديد الشاعرة الفلسطينية نداء يونس

صدر، اليوم، عن دار التكوين في دمشق، مجموعة المختارات “كمثل السحب، لا أعرف أين أقف للشاعرة الفلسطينية نداء يونس ضمن سلسلة شعر المرأة العربية هيَ أنتَ، التي، يختارها ويشرف عليها الشاعر العالمي أدونيس وانطلقت كرؤية ثورية تحقق رؤية دار التكوين التي يديرها الشاعر والكاتب سامي أحمد في “أن تكون” الدار “مع الآخر المختلف أينما كان، وتعتبر استكمالا لجائزة الديوان الأول التي أطلقتها الدار عام “2008. وتضم المجموعة إلى جانب مختارات من دواوين يونس الخمسة السابقة – ديوانا جديدا بعنوان يأتي متأخرا، فيما صمم لوحة الغلاف الفنان أحمد جاريد.

 وكتب الشاعر أدونيس “هكذا، بدأت المرأة العربية تكتب شِعْرَ الدّخولِ في عالم الأشياءِ الحميمةِ، وبَدأتِ تقولُ الجِنْسَ بشعرٍ هو نفسهُ شكلٌ جِنْسيّ لِلُّغةِ نفسها … الشعر، بوصفه حياةً وحُباًذلك هو الأساس العميقُ الذي تنهض عليه، اليوم، كتابة الشاعرة العربية. والشعر، في هذا المستوى، حريّةٌ ومَشْحونٌ بِطَاقةِ التحريرالمقُولُ فيه والمعيشُ وحدةٌ لا تتجزّأ، وفي هذا ما يتخطى الخريطة السائدة للشعر والحبّ، معاً، ويرسمُ خريطةً جديدةً.”

 ومن أجواء المجموعة:

  استبدال

 عليّ أن اعترف:

زوَّرَ أبي شهادة ميلادي.

لم يكن التزوير كما جرت العادة على تاريخ الميلاد،

ما فعله ببساطة أنه وضع اسمي مكان اسم لشقيقة ميتة.

 

كان هذا الاحتلال بالنسبة للمدرسة

للسجل المدني

لشرطة مكافحة الشغب

للمشفى

للمكتبة

للسجل الانتخابي

للأمم المتحدة

لمنظمات حقوق الانسان

وحتى حقوق الحيوان

عاديا،

وعكس ذلك،

كان هذا مكسبا لا يمكن الطعن فيه.

 

ربما يفسر هذا لماذا أحس دائما أنني أفعل أشياء لا تشبهني،

أنني أرتدي أشياء ليست لي

أن قراراتي لا تشبهني

أنَّ حبيبي غريب

أنني أبكي بلا سبب بينما أضحك بصوت عال

وأنني أتخذ قرارات لا أنفذها

ولا أحب أن تلتقط لي الصور.

ربما لهذا أيضا عندما يقول لي أحدهم أنني جميلة

أشعر أن امرأة أخرى تبتسم.

وبينما أحاول أن أُطمئن نفسي أن لا أحد يعرف ذلك

وأنني لم أمسح شخصا آخر،

لم أقتل

لم أطرد

وأنني أستخدم ميراث العائلة،

أستمر بحياة لا تشبهني

في مكان لا أنتمي إليه

وأغضب؛

حين يناديني أحدهم: ريم.

 الهامش فيه

 لا تتوقف قطارات الليل في كازابلانكا

ولا تسأل عن الاتجاه.

لم أعتمد على الوقت الذي تقوله الساعات

ولا على دقة الحسابات كالتجار،

أو على ذاكرتي المحشوة بالخرائط والمتجهات

أو روائح الخيول الهرمة،

أو على فكرة الذباب عن النجاة،

أو الآن لأنه الماضي دائمًا،

أو الآتي لأنه الآن،

أو على الأسيجة التي لم تثقبها الذئاب

أو الطريق الذي لم يصبح شائكًا

أو التاريخ المشذب دائمًا،

بل على الحب

أو الصراخ

الذي أمتلئ به

ـ ويقول أدونيس أنه أكثر من ذلك، أكثر ـ

حين أكتب الشعر.

 متوحش

قاس وغريب،

مشبع بالأبخرة،

يقايض كمؤجر عقار فرنسي،

كالفخاخ يفتح فمه،

مصاب بالتأتأة،

جثة مجهولة،

كالمدمنين أو المصابين بالزهايمر لكنه لا ينسى الأغنية،

الرقص

ولا كيف ينخز أجولة القمح كي تصل فارغة،

الذين يعرفهم يموتون،

الظلال رفيقة له

والعتمة،

كأرشيف ممتلئ بالعث

أو اللوردات في عصر النهضة،

يهج،

يهيج،

يهجو،

يهجر،

يهجم،

يهجس،

يهجع،

ليس كائنًا فضائيًا،

ولا ابنا للمدينة أو فلاحًا من الجنوب،

يتحدث عن أشياء لا مفر منها،

يوافقك الرأي كمن يحاول إنقاذ غريق،

الهامش فيه،

مثل قابس الكهرباء المعطل أو المصباح المحترق،

خيانة كالنصل،

لامع ويلوم،

لا أخلاقي كالمقدس،

ملجأ هو للعواصف اليتيمة وكان صاحب الحانة،

يسهو كعجوز قديمة،

يكتب كطفل يغفو بينما يأكل،

يخيط كالبدويات ثيابًا ملونة لمناسبة واحدة،

تحت أظافره تراب؛

يرفض أن ينظفها،

يرفض أن يقصها،

يضعها في أي شق،

يحتكر وحده الرؤية،

ينحاز إلى المهام السهلة،

كسول في طبعه،

يقول: العموميات للقادة،

مفرط في حساسيته تجاه الطرد وإغلاق الأبواب،

فاشل في انتقاء الوقت،

ينحاز للمهمل،

الجراح كمادة له،

الهزائم وسيلته إلى عدم الانقراض،

بدائي، 

لا يعرف كيف يقف في صف

ولا ينتظر دوره،

عنيف كالظلال،

رقيق كالأثر،

بركة للوحل،

مثل ترجمة لا تتذكرها أمام جندي لكلمة المريمية

التي تملأ حقائبك

وجهازك التنفسي

وتاريخك الشخصي الذي لا يعرفه،

عابس كالخاسرين في أسواق التداول،

الحواس متشابكة مع حباله الصوتية،

الحرائق تشبهه والزلازل،

ينبش ماضيا لم نكن ندركه،

وقادما لا نلتفت إليه في العادة،

سخيف في مرافعته حين يفكر بالدفاع عن القضاة،

هزيل حين يعُّد انتصاراته،

نبي حين يصمت،

فوضوي في طبعه ويعيد تدوير الكائن،

لا أعرف ان كنت أحكي عن الحب أم عن الشعر

لأنني مثل راقصات الفلامنكو 

أركز على موضع قدمي

وكمثل السحب

لا أعرف أين أقف.

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .