(قراءة واستعراض لكتاب الثروة الحقيقية لفضيلة القاضي ابو زايد فارس فلاح)

‏‏לכידה

 رجل الثروة الحقيقة

 

                                                              بقلم – مالك صلالحه – بيت جن

هناك رجال تتقزم الكلمات والتعابير حينما تريد ان تكتب عنهم وتسرد اعمالهم   حيث ان انتقاء الكلمات المناسبة للموقف المناسب والرجل المناسب هي مهمة صعبة بحد ذاتها فكيف لك ان تُلخّص مسيرة رجل حافلة بالعطاء الخيّر والمواقف المشرفة من خلال صفحة او صفحتين  خاصة عندما تقف امام انسان تجسدت فيه كل معاني الانسانية ورجلا عصاميا قلما تجد مثيله في ايامنا هذه.. كان ولا زال نبراسا لدماثة الاخلاق والصدق والعدالة واحقاق الحق واصلاح ذات البين في المجتمع .. فهو مثال التواضع والاحترام حيث احب الناس واحترمهم فبادلوه حبا واحتراما .

لقد كان ولا زال فضيلة القاضي العم ابو زايد.. رجل المجتمع من الطراز الاول في مشاركة الناس في جميع مناسباتهم وصاحب الضمير الحي والنقي والعين الساهرة على رفع شأن مجتمعه في كل مناسبة وفي كل زمان ومكان ..

ان فضيلة القاضي العم ابو زايد علم بارز بين اعلام الدوحة المعروفية خاصة والعربية عامة .. فلا يُذكر اسمه الا مقرونا بالعدل والتسامح والاحترام والتواضع ورجاحة العقل والاتزان والراي السديد والحكمة.

فهو الرجل المخضرم الذي عاصر فضيلة المرحوم الشيخ ابو يوسف امين الرئيس الروحي للطائفة آنذاك  رجل التقى والايمان وكان الصديق الوفي للمرحوم الشيخ ابو داهش جبر معدي رجل الرجال وركن الشجاعة والكرم  .. عاملين ساهرين على المصلحة العامة ورفع اسم الدوحة المعروفية عاليا ..كما كان صديقا للعديد من قيادات المجتمع السياسية والاجتماعية والدينية من رؤساء دولة وحكومة ووزارة ورجال مجتمع واصلاح ورجال دين ولجان صلح عشائرية والتي لا يتسع المجال لذكرها ..

لقد حالفني الحظ وتشرفت بمعرفة العم الوفي ابو زايد من خلال علاقته الوطيدة والحميمة مع المرحوم والدي ابو مالك تلك العلاقة التي ترجع لجذور قربى ونسب بين العائلتين .. وقد تعلمت منهما الكثير الكثير من خبرتهما وحكمتهما في الحياة  اذ كانا مدرسة في المناقب والعادات والاخلاق الحميدة .. فكانا  ولا زالا نبراسي ومثالي الاعلى في الحياة ..

وكم سررت عندما زرته في بيته مهنئا اياه على سلامته من الحادث المروع الذي تعرض له والذي خرج منه سالما بعون وقدرة الله  .. حيث اهداني كتابه الاخير ( الثروة الحقيقية)  الذي هو عبارة عن سيرة حياة مليئة بعطاء الخير والحسنات و المواقف المشرفة والاصيلة .. من خلال عمله كقاض في اروقة المحكمة .. هذا الكتاب الذي سجل ووثق في داخله مواقفا وقصصا من واقع الحياة التي عايشها مع الناس والتي القى الضوء من خلالها على طبيعة عمله وكيفية تعامله الانساني مع البشر والتي عمد على مدى مسيرته لإصلاح ذات البين بين الفرقاء ….كل ذلك بطريقة التعامل بالحسنى واحقاق العدل وانصاف المظلوم واضعا نصب عينيه ان- العدل اساس الملك – واحب لغيرك ما تحبه لنفسك -واعمل خيرا تلقى خيرا – وان الله لا يضيّع اجر المحسنين ومؤمنا بالمقولة – كل حال يزول وكل موظف معزول لا يدوم غير وجه الله والعمل المليح ..

لقد جاء الكتاب ليضم بين طياته 400 صفحة و بحجم كبير وبطباعة انيقة وبغلاف سميك  يليق بالمؤلف والصادر عن دار اسيا للنشر في دالية الكرمل لصحبها الاخ الشيخ سميح ناطور ..

ان فضيلته يسرد من خلاله حكايات ومواقفا وقصصا عاشها مع المتهمين في اروقة المحكمة وكيف كان يتعامل معها بموضوعية  وصدق وامانة وضمير حي .. متوخيا الحذر على احقاق العدل  وعاملا كل جهده للإصلاح بين الناس قبل اصدار الحكم  متوخيا اعطاء الحد الادنى من العقوبة التي يجيزها القانون.. كل ذلك للحفاظ على بقاء النسيج الاجتماعي سليما  بين الناس ..

ان كل قصة وموقف جاء واورده المؤلف في هذا الكتاب ينم عن حكمة وعبرة تنير طريق الناس وتهديهم الى درب الرشاد والهدى.. وبان الصلح سيد الاحكام ..علهم  يستطيعون التعلم منها دروسا في مدرسة الحياة جاءت من انسان خبر الحياة بكل جوانبها وتعرف على كل انواع  ونوعية الناس وطباعهم ومشاكلهم على مختلف مذاهبهم وعقائدهم محاولا حل المشاكل بالتي هي احسن دائما ..

فما من انسان وقف بين يديه في المحكمة الا وخرج حامدا شاكرا لعدله وانصافه ورحمته.

ان القارئ لمحتويات الكتاب من قصص ووقائع تعرض لها فضيلته وعالجها او القارئ لشهادات اصدقائه لدليل على عظمة هذا الرجل الذي كان تقاعده من سلك القضاء خسارة لكل المجتمع بشتى اطيافه ..

لقد تحاشيت ان اقتبس من شهادات عشرات الاصدقاء لفضيلته من كافة انحاء البلاد وكافة الطوائف معتمدا المثل القائل :خير الكلام ما قل ودل.. حيث انها جميعها تصب في خانة واحدة  وهي ان العم ابو زايد كان الرجل المناسب في المكان المناسب وان الفراغ الذي تركه كقاضٍ متقاعد لا يستطيع احد ان يسده والكل يشعر به ويتحسر  على ايامه وعلى عدله ورحمته في الاحكام ..

وان ما يثلج الصدر ان العم ابو زايد وحرمه المصون كانا من اوائل المتعلمين في الطائفة المعروفية والمثال الذي يحتذى به .. ليكونا الشعلة التي تنير درب الاجيال القادمة ..كما ان ثمرة زواجهما المبارك كان انجاب بنين وبنات من خيرة ابناء وبنات المجتمع فخرج بينهم القاضي والمحامي والطبيب والجامعي ممن يحملون القابا مختلفة فكانوا وما زالوا خير خلف لخير سلف.

ان القائمة طويلة بأسماء الشخصيات ممن ساهموا بنشر فضائل ومزايا ومواقف سماحته الحميدة … لذا اترك للقراء الكرام سبر اغوار هذا الكتاب القيم الذي يعد مرجعا لحقبة تباركت بوجود قاضي عادل  وانسان بكل ما تحمله الكلمة من معنى  كالعم ابو زايد  .. اذ سبق وكتبت عن هذه الشخصية اللامعة والفذة وذلك  في احد مقالاتي عن كتابه الاول (دواليب الحياة )

تحت عنوان فارس العدل هذا الشخص الذي استطاع ان يفرض احترامه ومحبته على الصغير قبل الكبير وعلى البعيد قبل القريب .. واتخذ من قول احد الشعراء منهجا له في الحياة والذي يقول :

لا تظلمن ان كنت مقتدرا   فالظلم ترجع عقباه للندمِ

تنام عيناك والمظلوم منتبه  يدعو عليك وعين الله لم تنمِ

واخيرا اتمنى لفضيلة القاضي والعم الوفي ابو زايد العمر المديد مع الصحة التامة وان يبقى قلمه سيّالا ليؤرخ لنا ويوثق حقبة من الزمن مليئة  بتجاربه وحكمه في الحياة ويلقي الضوء على تاريخنا المشرف في هذه البلاد وليبقى لنا رمزا للإنسانية والعدالة اينما وكيفما كان .. وسأبقى منتظرا المزيد من ابداع قلمه وعصارة فكره وحكمته فوفقك الله وامد في عمرك يا عماه..

(ملاحظة لم يجر تصريف كلمة ابو وابقيت كما هي رغم ان موقعها في الجملة قد يكون غير ذلك)

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .