قانون القوميّة –رسالة للأصدقاء اليهود بقلم: نمر طريف ـ المغار

ان قانون القوميّة الذي أقره الكنيست في الأيام الأخيرة والذي لاقى أصداء كبيرة بين سكان دولة اسرائيل وخاصة بين أبناء الطائفة المعروفيّة , قد أثّر في نفسي كثيرا وأود أن أشرككم أفكاري وأحاسيسي كشخص من عامّة الشعب.

لست رجل سياسة ولست قائدا عسكريّا سابقا ولا أشغل اليوم أي وظيفة جماهيريّة.أنا عامل اجتماعي متقاعد ويوجد لي أصدقاء يهود كثيرون,أعزّاء على قلبي وهم بمثابة اخوان لي لم تلدهم أمّي .

منذ سنوات كثيرة تكونت بيني وبين أصدقائي اليهود علاقات عمل كثيرة وكانت علاقات مساواة بين الندّ والندّ ,علاقات أخويّة منذ الخدمة العسكريّة في وحدة ضباط المدينة(קצין העיר)ووحدة الارتباط مع الأمم المتّحدة (קישור לאום),في مؤسسة التأمين الوطني,في مراكز التأهيل المهني وأقسام الشؤون الاجتماعيّة وفي الجمعيّات الجماهيريّة مثل جمعيّة أكيم(אקים)وجمعية انوش(אנוש)وغيرها.

رغم خروجي للتقاعد مبكرا ومنذ ما يقارب العشرين عام ,ما يزال بيني وبين أصدقائي اليهود علاقات اجتماعيّة وثيقة من خلال لقاءات شخصيّة ,في المناسبات وفي ظروف مختلفة ,ان كانت مناسبات سعيدة أو مناسبات حزينة وكذلك نتواصل بيننا امّا بالهاتف أو عن طريق رسائل في الشبكات الاجتماعيّة.

من يوم سن القانون ,أنا أفكر ليل نهار كيف أتصرّف مع أصدقائي وكيف أنظر لهم في المرّة القادمة عندما نلتقي وجها لوجه في الشارع أو في مناسبة ما عندهم أو عندي.

هل يتوجّب عليّ أن أحيّيهم بكلمات دافئة كما عوّدتهم مثل:مرحبا أخي, سلاما عزيزي, تحيّة يا صديقي الغالي أم عليّ أن أبدّل تحيّتي بكلمات باردة جافّة والّتي لا أستطيع حتّى أن أفكّر فيها.؟!

هل يتوجّب عليّ أن أحضنهم وأقبّل خدودهم مثل ما كنت أفعل سابقا ,أم عليّ أن أمتنع عن ذلك وأكتفي بنصف قبلة أو بمصافحة اليدّ فقط أو أن أحيّي من بعيد وحتّى أن أتجاهلهم تماما كأنّني لا أراهم ولا أسمعهم .هل أستطيع ذلك وهل هم أنفسهم يحتملون هذا منّي.؟!

كيف أتصرّف مع صديق نفسي وأخي العزيز داني من رمات يشاي(דני מרמת ישי) والذي يتواصل معي دوما ويسألني عن صحّتي وصحّة أفراد العائلة شخصا شخصا وبأسمائهم. داني يذكّرني دائما بمواعيد الأعياد والمناسبات عندي ,اذا كان ذلك زيارة مقام النبي شعيب ,عليه السلام,عيد الأضحى المبارك, عيد النبي سبلان ومناسبات أخرى.؟!

ماذا أردّ على داني عندما يتصل بي ليعايدني وماذا أفعل عندما يأتي لزيارتي في بيتي أو يأتي ليساعدني في قطف الزيتون .هل أستقبله بالأحضان والقبلات  أو أحافظ على مسافة كافية بيننا وأقول له:لقد انتهى عهد الصداقة.؟!

واليكم هذه القصّة من اليوم صباحا:

منذ سنوات وفي كل ليلة سبت أقوم بمناوبة عند أمي العجوز المتقدمة في السن لأعينها في ما تحتاجه  ,وليلة هذا السبت استفقت في ساعة متأخّرة ولاحظت في موقف السيارات سيارتين لم اعرف لمن .في الصباح رأيت شابين يتناولان من السيارتين بعض الأغراض الشخصيّة,عندها عرفت أنهم من أبناء العائلة العزيزة من مبسيرت تسيون(מבשרת ציון) من ضواحي مدينة القدس,واتّضح لي أنّ أفراد العائلة قدموا في الليل وناموا عند أخي سعيد في الطابق الثاني فوق بيت الوالدة.

ان أفراد عائلة أصدقائنا يوسي ,موطي وميخا (יוסי,מוטי,ומיכה)  هم أفراد عائلة محترمة من مبسيرت تسيون,عائلة غالية عندنا كذلك نحن عندهم.يشاركوننا في أفراحنا وأتراحنا مثلما نشاركهم في أفراحهم وأتراحهم ,ينامون عندنا في اجازاتهم وقدومهم الى الشمال ويعرفون أنّ لديهم بيوتا في القرية عندنا وعند أقاربنا.

نحن أيضا نتصرّف مثلهم عندهم في بيوتهم عندما نصل الى القدس في رحلة أو مناسبة سارة أو لنؤدي واجب التعزيّة وحتّى اذا اضطر أحد أفراد العائلة لتلقي العلاج في مستشفى هداسا.نحن نعرف حقّ المعرفة أنه يوجد لدينا مكان للنوم وللضيافة الصادقة الكريمة.

انني أتساءل كيف نتصرّف معهم  وكيف يتصرّفون تجاهنا الآن وبعد سنّ قانون القوميّة والذي أقره الكنيست والذي أكّد وثبّت التمييز والفصل  بين عائلتين صديقتين تصرّف أفرادهما كأفراد أسرة واحدة  رغم فارق الدين والقوميّة وجعل من الغير يهودي مواطن من الدرجة الثانية هذا اذا كان يعتبره مواطنا أصلا.

وكلمة أخيرة لأصدقائي اليهود الأعزاء . أنتم الشعب البسيط المساوي لنا,المحبّ لنا كما نحبه,أنتم فقط تستطيعون الضغط على أفراد الحكومة وعلى رئيسها وعلى أعضاء الكنيست ومشرّعيها. أنتم تستطيعون الضغط  لالغاء القانون ,قانون القوميّة العنصري والذي أعتبره كما يعتبره الكثيرون, قانونا سيئا لدولة اسرائيل ,لسكانها اليهود قبل سكانها غير اليهود.

أنا واثق ومتأكد أنّكم لستم موافقين ولستم راضين من اقرار القانون,وأنا واثق أكثر أنّه لا يوجد قانون في الكون الذي يمكنه أن يمنع أحاسيسنا تجاه بعضنا البعض ولا يستطيع أن يهدم الجسور التي شيّدت والارتباطات التي تأسست بيننا منذ قيام الدولة وحتّى قبل ذلك بأدوار.

أنتم ونحن نصرخ سويّة صرخة الاستنكار وعدم الرضا عن هذا القانون وسويّة يمكننا اجبار الحكومة والكنيست على الغائه ومحوه من صفحات التاريخ.

 

العامل الاجتماعي نمر طريف

المغار 29.07.2018

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .