في اليوم العالمي للفتاة والطفلة، عليك البقاء داخل فستان الأنوثة/ شوقية عروق منصور

%d7%9c%d7%9b%d7%99%d7%93%d7%94
عندما أعلنت الأمم المتحدة اليوم الموافق 11/ 10 أن يكون اليوم العالمي للفتاة والطفلة، لحثهن على العلم والطموح وبناء الشخصية ورفض الزواج المبكر، شعرت أن موعد النفاق العالمي وقف على محطة المرأة، لأن طبقات غبار الإهمال والعنف والقسوة والظلم أقوى من يوم سيتحول الى منصة خطابات يجدها البعض فرصة للدخول الى فساتين الأنوثة، ويفك أزرار وجودها ليمنحها لقب الجميلة وينسى الوجه الآخر لها، الوجه التعيس، الشقي، المعذب.
الأمم المتحدة لا تطوي في داخل دساتيرها الحب والحنان والرأفة والقلق على البشر!!  وتحاول بين الحين والآخر اهداء البشرية أيامًا تحلق بها في سماء الاهتمام، وتناشد الشعوب العيش في محبة وإخاء ومساواة ورفض الظلم ومناشدة العدالة والعدل، وأحيانًا تتحول قاعة الأمم المتحدة في خيال الأدباء والشعراء والحالمين بأوطان هادئة الى “كسارة صخر” حيث تقوم الأم الرؤوم التي تحمل اسم “الأمم المتحدة” بتكسير صخر العقبات وطحنها وتقديمها للشعوب عبارة عن فيتامين يغذي شرايينها، ولا ننسى الأمين العام للأمم المتحدة الذي هو حاليًا بان كي مون الذي لا ينام الليل وهو يفكر قلقًا على مصير البشرية.
“اليوم العالمي للفتاة والطفلة” عنوان رومانسي في الزمن الصعب، كيف يكون هذا اليوم عالميًا وهي العالم الذي نعيشه يوميًا، حيث تخضع كل النساء من كل الأعمار لعمليات تشويه، لا اريد الركض فوق خطى عمليات التجميل، وسماع هدير التغيير الحاصل على شكل المرأة، حتى تحولت معظم النساء الى  شكل واحد، الوجه واحد، والأنف واحد والشفاه واحدة، والخدود والأرداف والشعر والرموش، جميعها ضاعت في ملامح التقليد و مشارط أطباء التجميل، ولا بد أن يخطر على بالنا الشاعر الفرنسي شارل بودلير الذي قال “وودت أن يكون لجميع النساء فمًا واحدًا لقبلته واسترحت” لأن في هذا العصر جميع النساء  تحولن الى فم واحد.
نرتبك حين نحاول تذكر الملامح السابقة للمرأة، ونصاب بالهلع حين نكتشف ان مطاردة بضاعة تغيير الجسد  قد أصبحت تجارة رائجة في أسواق الجمال، يشتريها من يملك المال، أما تغيير الظروف والقوانين الخاصة بالمرأة فقد بقيت على حالها.
المرأة العربية تخوض أكبر عمليات تشويه لوجودها، لحياتها، لخوفها، لاستقرارها، لقد شوهت كإنسانة وتحولت بفضل الحروب التي تجري فوق أوطانها، الى مذعورة، لاجئة، جائعة، متسولة، يتاجرون بها في أسواق النخاسة، تباع وتشترى علنًا، عدا عن دخولها في أسوأ تجارة تدعى ” جهاد النكاح ” حيث نسمع ونقرأ عن قصص تشيب لهول تفاصيل استغلال كونها امرأة الرؤوس  وتقشعر الابدان.
لم تدن منظمة حقوق الانسان المنبثقة عن الأمم المتحدة بيع النساء والمتاجرة بهن، لم تسلط الأضواء على مأساة المرأة العربية  كأم هاربة من وطنها المحترق، كفتاة ليس لها مستقبل، كأنثى تحلم بحياة، كطالبة تحقق طموحها.
أسوأ أيام المرأة العربية تعيشها الآن، تتقاسم الشقاء اليومي مع الأوطان المقسمة والمدمرة، ومع الأراضي المحتلة، ومع نيران الأسلحة التي تنير ليلها ونهارها بأشلاء وأمطار من الدماء.
هناك نسبة ضيئلة من الجسد الأنثوي يعيش برفاهية الواقع – من الفنانات الى المطربات الى صاحبات الحياة المخملية – لكن من يبكين سرًا في ظلام الواقع يتابعن حلقات مسلسل طردهن من أنوثتهن الوجودية، وتحويلهن الى لا شيء، يغتسلن بالهموم وأدوات مكياجهن معرفة الزاوية التي تقوم بحمايتهن من عنف الوطن وعنف العائلة أكثر من النسب والأرقام.
مثلًا لماذا لا تقوم الأمم المتحدة ومنظمة حقول الانسان بإدانة قتل النساء الفلسطينيات بدم بارد في الضفة الغربية من قبل الاحتلال  – لا اريد التطرق هنا الى قتل المرأة تحت عنوان  شرف العائلة – لماذا لا تذكر الأمم المتحدة في هذا اليوم قتل النساء العراقيات والليبيات والسوريات واليمنيات، وباقي نساء العالم اللواتي يعشن في تعاسة القوانين والعادات والتقاليد، لماذا لا تذكر الأمم المتحدة في هذا اليوم أن 14 الف امرأة سعودية وقعن على عريضة تطالب الحكومة بإنهاء ولاية الرجل على المرأة، اذ ليس بإمكان المرأة السعودية استصدار جواز سفر دون موافقة ولي أمرها كما لا تستطيع السفر خارج البلاد دون تصريح منه، كما تواجه المرأة صعوبة مستمرة في القيام بعدد من المعاملات دون ولي أمرها مثل استئجار شقة أو رفع دعوى قانونية، 14 الف امرأة لا أحد سمع لهن  ومزقت  العريضة وتبعثرت الأسماء النسوية، وما زالت المرأة السعودية تعيش في خانة الرجل الذي يمنعها ليس من قيادة السيارة بل من قيادة نفسها.
صور كثيرة تباع في اليوم العالمي للفتاة والطفلة، لكن الصورة الكبيرة التي لا تراها الأمم المتحدة، المرأة العربية  التي تعيش بين الرصاصة والرصاصة، بين الجوع والجوع، بين الخوف والخوف، بين الجسد وتاجر اللحم الذي كشر عن أنيابه وجيوبه في عصر الأمم المتحدة. 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .