في المحبة … بقلم: الدكتور نجيب صعب – ابو سنان

 

1تنطوي هذه الكلمة (المحبة) على معان انسانية كثيرة , معان خلاقة عديدة , معان موضوعية صادقة , معان طاهرة ونزيهه , دعت اليها الديانات السماوية .   وقد تحتوي المحبة في بعض الاحيان على معان اخرى  خبيثة وواهية وغير صادقة ,  كما تقترن  بهذه الكلمة معان اخرى يصعب على المرء ان يتصورها,  الا انها متواجدة ومتفشية في صفوف الافراد والمجموعات وربما في المجتمع بغالبيته.

   فالزوج الصادق الصدوق والامين يرسم له نهجا  سليما  ومستقيما يبادل فيه شريكة حياته بكل ما في معنى المحبة بصدق واخلاص دوما دون اية اهداف خارجة عن هذا الاطار وبتفان وتقدير, وباعتبار الرأي الاخر واحترامه . وهي كذلك ,ويعملان معا على العيش باحسن وجه, وبانسانية متناهية في بناء الاسرة الواحدة , في العيش الكريم وبالتخطيط لمستقبل افضل,  عندها تعجز الكلمات عن الوصف والاطراء.

   وما من شك ان محبة الاب والام للابناء وللبنات وللاسرة محبة نابعة من القلب  ومبنية على اسس وركائز متينة لا تزعزعها الدهور,  وكذلك الحال محبة الابناء والبنات للوالدين فلا غبار عليها  ولا غرو في ذلك  .

  وندرك وعن قرب بعضا او نفرا  من الازواج او الزوجات الذين بتصرفاتهما على حساب المحبة يسلكان مسلكا في الخفاء , بعيدا عن اسس المحبة والامانة  والاخلاص,  وربما تضيع الامنيات المشتركة  وتندفن  السعادة اولا باول, وقد يكون ذلك الى غير رجعة , فتنهدم الاسرة وتتطاير المحبة من بينهما وتنفقد مع الايام, حتى يؤدي ذلك الى الهلاك , الى الدمار والى تدمير الاسرة التي بدأ كلاهما ببنائها  . هنا , اين الصدق, اين الامانة,  اين المحبة الصادقة؟  واين الوفاء …. بربكم اين كل هذا ؟؟؟ .

  وكثيرا ما يعبث ابناء الجيل الناشئ والمراهقون بالعواطف وقد ينجرفون بالتلاعب  او التمادي على نظيراتهم من الفتيات لغرض منحط غير مقبول ولمجرد اضاعة الوقت والنيل من شرف هذه او تلك من الفتيات لاشباع رغبة آنية , وهنا ينبغي الاخذ بعين الاعتبار مدى تأثير هذه التصرفات من قبل الفتيه والفتيات انفسهم , وكذلك اخذ الحيطة من قبل الاهل لوضع حد لذلك قبل ان يصبح الامر متأخرا  ويفوت الاوان, لان في ذلك تكمن اخطار وخيمة قد تولد نتائج مؤلمة وربما مدمرة .

  وفي هذه الحال حذار , حذار ايها الشباب والشابات , حذار من اللعب بالنار ثم حذار من هذا السلوك غير المقبول والمرفوض جملة وتفصيلا , فان كان  هذا السلوك منوطا بالانسانية وبالنوايا الحسنة والطيبة وبالوفاء بهدف بناء اسرة واحدة وعش للزوجية ويتماشى والنظم الاجتماعية الخلاقة ففي ذلك صلاح ونتائج طيبة والا فلا ,ويترتب على الجميع في مثل هذه الظروف اليقظة والحذر بما فيه الكفاية , حرصا على نقاوة المجتمع من الشوائب والنزوات .

  وقد يلاحظ المرء في حياته وبدون عناء محبة فجائية نشأت بين اناس يختلفون في الاراء وفي المستوى الثقافي والاجتماعي , وربما في العقيدة , وقد تتعمق هذه المحبة المتبادلة بينهما وتتطور وسرعان ما تنكشف جلية بان الطرفين كانا يبغيان سوءا كل من الاخر,  فتنقلب المحبة كراهية وضغينة , وقد تتطور الى ابعد حدود الخصام والابتعاد والنفور, ويمكنها ان تتعدى ذلك , محبة كهذه مبنية على اهداف سيئة منذ البداية , في نظري لا مكان لها بين الناس ويجب نبذها ومقاومتها بشتى السبل .

  وربما يرقب الانسان وعن كثب تقرب نفر منه ليس كعادته , يبدي ويشعر بالمحبة ويعطيها مقومات طبيعية وانسانية مجردة عن الغايات في نظره هو طبعا , الا ان الايام تكشف ان هذه المحبة لم تخلق بين الطرفين الا لتحقيق هذف معين ربما يكون الخيانة الكبرى , والنيل من ذلك الانسان بكل وسيلة والحط من قيمته وربما القضاء عليه اذا لم يحقق الهدف الذي من اجله ولدت هذه المحبة .

  محبة كهذه تكون في رأيي مع وقف التنفيذ اذ يجب على الانسان التروي والتفحص والتمحيص , ودراسة جوانب هذه المحبة التي ولدت بسرعة فائقة .

  وكثيرة هي الامثلة التي تغيب عن خاطر اي انسان يمعن النظر من حوله ويواكب الاحداث ويرى التناقض والتجانس , والتباعد والتقارب لاغراض معينة لدى انسان من انسان اخر , او مجموعة من مجموعة اخرى , وربما عائلة من عائلة اخرى , وفي غالب الاحيان كل يخطط لتحقيق غايته ومن اجل مصلحته الخاصة , وهنا تكون المصالح العامة معدومة تقريبا وبالاحرى محذوفة من هذا القاموس , وقد تقترن بذلك نوايا غير سليمة وغير انسانية وفي بعض الظروف والحالات تكون حقيقية وسليمة وطيبة صادرة عن اسس ومقاصد انسانية خلاقة شريفة .

  وفي النهاية يمكننا ان ندرك جميعا ان المحبة في الاساس تقرب القلوب وتعمل على تعزيز التسامح والاخوة والاحترام المتبادل والاستقامة في المعاملة والصدق في القول والاخلاص في الفعل,  مقرونة بنوايا طيبة صافية نقية تدعو الى التآلف والتعاون البناء وصلاح المجتمع, مجردة عن الخبث والتلون , بعيدة عن الخيانة بريئة من الانحطاط الخلقي, لا تمت الى الانحرافات بصلة ولا تتفق والاعوجاج,  مدعومة بالوفاء والانسانية , كل هذا يجعلها محبة بناءة صادقة تعمل على التفاهم والعيش الكريم لافراد المجتمع .

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .