فؤاد لا يسيله المدام

فُؤادٌ لا يُسَلّيهِ المُدامُ

وَجِسمٌ لا يُفارِقُهُ السَقامُ

وَأَجفانٌ تَبيتُ مُقَرَّحاتِ

تَسيلُ دَماً إِذا جَنَّ الظَلامُ

وَهاتِفَةٌ شَجَت قَلبي بِصَوتٍ

يَلَذُّ بِهِ الفُؤادُ المُستَهامُ

شُغِلتُ بِذِكرِ عَبلَةَ عَن سِواها

وَقُلتُ لِصاحِبي هَذا المَرامُ

وَفي أَرضِ الحِجازِ خِيامُ قَومٍ

حَلالُ الوَصلِ عِندَهُمُ حَرامُ

وَبَينَ قِبابِ ذاكَ الحَيِّ خَودٌ

رَداحٌ لا يُماطُ لَها لِثامُ

لَها مِن تَحتِ بُرقُعِها عُيونٌ

صِحاحٌ حَشوُ جَفنَيها سَقامُ

وَبَينَ شِفاهِها مِسكٌ عَبيرٌ

وَكافورٌ يُمازِجهُ مُدامُ

فَما لِلبَدرِ إِن سَفَرَت كَمالٌ

وَما لِلغُصنِ إِن خَطَرَت قَوامُ

يَلُذُّ غَرامُها وَالوَجدُ عِندي

وَمَن يَعشَق يَلَذُّ لَهُ الغَرامُ

أَلا يا عَبلَ قَد شَمِتَ الأَعادي

بِإِبعادي وَقَد أَمِنوا وَناموا

وَقَد لاقَيتُ في سَفَري أُموراً

تُشَيِّبُ مَن لَهُ في المَهدِ عامُ

وَبَعدَ العُسرِ قَد لاقَيتُ يُسراً

وَمَلكاً لا يُحيطُ بِهِ الكَلامُ

وَسُلطاناً لَهُ كُلُّ البَرايا

جُنودٌ وَالزَمانُ لَهُ غُلامُ

يَفيضُ عَطاؤُهُ مِن راحَتَيهِ

فَما نَدري أَبَحرٌ أَم غَمامُ

وَقَد خَلَعَت عَلَيهِ الشَمسُ تاجاً

فَلا يَغشى مَعالِمَهُ ظَلامُ

جَواهِرُهُ النُجومُ وَفيهِ بَدرٌ

أَقَلُّ صِفاتِ صورَتِهِ التَمامُ

بَنو نَعشٍ لِمَجلِسِهِ سَريرٌ

عَلَيها وَالسَماواتُ الخِيامُ

وَلَولا خَوفُهُ في كُلِّ قُطرٍ

مِنَ الآفاقِ ما قَرَّ الحُسامُ

جَميعُ الناسِ جِسمٌ وَهوَ روحٌ

بِهِ تَحيا المَفاصِلُ وَالعِظامُ

تُصَلّي نَحوَهُ مِن كُلِّ فَجٍّ

مُلوكُ الأَرضِ وَهوَ لَها إِمامُ

فَدُم يا سَيِّدَ الثَقَلَينِ وَاِبقى

مَدى الأَيّامِ ما ناحَ الحَمامُ

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .