منذ أن أقرت الكنيست في يوم الاربعاء الماضي القانون المؤقت الذي يسمح لوزارة الصحة بالاستعانة بأجهزة الشاباك لتحديد وتعقب المواطنين الذين تواجدوا في القرب أو محيط مصابين مؤكدين بفيروس كورونا من أجل ارسالهم إلى العزل. والمشاكل والشكاوى لا تتوقف وتظهر بشكل واضح الفجوات الموجودة في المنظومة التي تعتمد على التنسيق المشترك بين وزارة الصحة وجهاز الشاباك وتكشف بشكل واضح عن عشوائية هذا التنسيق وفوضوية التحضيرات اللوجستية التي كان من المفروض أن تضمن نجاعة هذا الاسلوب في الحد من انتشار الفيروس. فيكون هذا التخبط الواضح في ادارة موضوع تعقب علامة واحدة ل تخبط أكبر وأشمل لهذه الحكومة في تعاملها الفوضوي والعشوائي وغير المنضبط وغير المعتمد على خطة واضحة للتعامل مع جائحة كورونا على كل المستويات الصحية والاقتصادية، خاصة في موجتها الثانية.
خلال نهاية الاسبوع الماضي فقط، بعد دخول قانون استخدام تعقب الشاباك حيز التنفيذ تم ارسال أكثر من 30 ألف رسالة لمواطنين تأمرهم بالتزام الحجر الصحي بسبب “تواجدهم بالقرب من مصاب كورونا مؤكد”. الا أن عدد كبير من متلقي هذه الرسائل أكدوا أنهم كانوا في بيوتهم اثناء الوقت المذكور في الرسالة وأنه يستحيل أن يكونوا بقرب مصاب كورونا، ولم يتمكنوا من التواصل مع وزارة الصحة كي يعترضوا على القرار. وأجبروا كما ينص القانون على البقاء في العزل رغمًا عن كل اعتراض.
فوفقًا للقانون، يجوز للشخص الذي تم إخطاره بأن يدخل الحجر الصحي ولديه شك في صحة الرسالة أن يتقدم بطلب إلى وزارة الصحة من أجل “إعادة فحص البيانات”، والتي يتعين عليها الرد في غضون ثلاثة أيام. ومع ذلك، في الواقع ، يقول المواطنون بأنه لا يمكن التواصل مع وزارة الصحة ولا يمكنهم الاستئناف على القرار، الأمر الذي يتطلب الدخول الفوري في العزل الصحي. وحتى الذين نجحوا بالتواصل مع الوزارة قيل لهم أنه في الوقت الحالي لا يمكن تقديم أي استئناف على القرار ولا امكانية لاعادة فحص البيانات.
كما أكدت صحيفة يديعوت أحرونوت في تقرير لها أن من بين عشرات الالاف من الإسرائيليين الذين تلقوا رسالة من وزارة الصحة في الأيام الأخيرة بأنهم يجب أن يدخلوا إلى العزل، الكثير منهم يؤكدون أنهم كانوا بمفردهم في الساعات المذكورة. من بين هؤلاء المواطنين، هناك أيضًا أولئك الذين يُتوقع أن يدفعوا مقابل ليلة أخرى في فندق أو يضيعوا يوم عمل اضافي، لأن وزارة الصحة لم تقدم لهم إجابة بعد بشأن مراجعة الرسالة.
ونقلت صحيفة هآرتس شهادة عن أحد سكان الجنوب أنه : “تم إخطاري يوم الجمعة بالذهاب إلى الحبس الانفرادي. راجعت الوقت الذي زُعم فيه في الرسالة أنني كنت قريبًا من مريض كورونا، وتبين أنه في وقت متأخر من الليل عندما كنت في المنزل نائماً. وحينما حاولت التواصل مع وزارة الصحة، تبين أن لا أحد يرد، والمكالمة تنقطع.”
كما نقلت الصحيفة عن أحد سكان مركز البلاد أنه تلقى رسالة يوم السبت بأنه تعرض لمصاب كورونا مؤكد قبل أسبوع واضطر إلى الدخول الى العزل. “لا يمكن أن يكون الأمر كذلك. وفقًا للرسالة، تعرضت لمصاب في الساعة 12 ظهراً ، ولكن في ذلك اليوم نمت حتى الساعة 1:00 مساءً وغادرت المنزل فقط الساعة 3:00 مساءً. إنه أمر محزن أنه لا يوجد فرصة للاعتراض، لأن لدي خطط لبقية الأسبوع وكل العائلة والبيئة المحيطة مصابة بالتوتر الآن، ولا يمكنني التواصل مع الوزارة”.
وافادت صحيفة يديعوت أحرونوت أن بعض المواطنين الذين اتصلوا بوزارة الصحة انتظروا ساعات على الخط ، والبعض الآخر الذين تلقوا ردًا من قبل الوزارة لم يتلقوا أي مساعدة حقيقية من العاملين على الخط الهاتفي.
وافادت الصحيفة أنها في الايام الأخيرة تلقت العديد من التوجهات والشكاوى، والتي تبين منها أن الوزارة لم تكن مستعدة بشكل صحيح لاستئناف اسلوب التعقب الهاتفي، وأولئك الذين تمكنوا من الوصول إلى مكالمة مع وزارة الصحة لم يتمكنوا من الحصول على مزيد من التفاصيل – مما قد يشير إلى انفصال بين جهاز الشاباك ووزارة الصحة عندما يتعلق الأمر بالبيانات الواردة في الرسائل.
وقد علقت صحيفة هآرتس على الفوضى التي خلفتها منظومة تعقب مصابي كورونا بواسطة أجهزة الشاباك في افتتاحيتها اليوم: “التساهل والغرور والعودة غير المنضبطة إلى الروتين عرّض إسرائيل لموجة ثانية من كورونا في حالة “بطاريات” اقتصادية فارغة ودون استعداد مناسب لمواجهة أخرى مع الجائحة. كما هو الحال في الجولة الأولى ، يصر نتنياهو على إدارة الأزمة مركزيا عن طريق الاندفاع إلى اجتماعات الحكومية وتمجيد نفسه على شاشة التلفزيون. وهذا يتناقض بشكل صارخ مع تعالم الدول المنظمة، الذين تصرفوا بشفافية ومن خلال عملية صنع قرار منظمة، ووضعهم اليوم أفضل من وضع إسرائيل.”
وتطرقت الافتتاحية إلى سبب لجوء الحكومة لاساليب تعقب الشاباك دون أي تحضير منظم:” لتغطية الإخفاقات يبحث نتنياهو وحكومته عن طرق مختصرة، باستخدام وسائل مثيرة للجدل. لقد أحرجت الحكومة من فشلها “المدني” ولا خيار أمامها كان سوى مناشدة الأجهزة “الأمنية” حل مشاكلها المدنية. ”