نشرت صحيفة هآرتس يوم امس 3/9/2014 مقالاً بقلم تسفي بارئيل جاء فيه: حمد عمار عضو الكنيست درزي من حزب “إسرائيل بيتنا”. أشادت به جدًا مجلة “العمامة” الألكترونية التي تتخصص بشؤون الطائفة الدرزية، فقد أطرته وذكرت أنه زعيم فريد من نوعه، فهو يبغي تطوير شؤون الطائفة، ويرعى الشبيبة، وذلك من خلال المحافظة على القيم التقليدية – التراث.
من المُهم أن نعرف ماذا ستكتب عنه المجلة بعد أن وقّع عمار في الأسبوع الماضي على مشروع قانون أخرق بادر إليه زميله في الحزب عضو الكنيست شمعون أوحيون- بالإضافة إلى توقيع كل من دافيد روتم، وأوريت ستوك، وموشه فايجلين.
وفقًا لهذا القانون تلغى المكانة الرسمية للغة العربية، ولن يعود هناك إلزام على مكاتب الحكومة أن تنشر تعليماتها وأنظمتها باللغة العربية.
لن يجد (جورج أورويل) في كتابه المعروف توضيحًا لمعنى العنصرية- أسهل في شرحه مما وضح به المتقدمون لمشروع القانون، وذلك في النص التالي:
“إن قبول مشروع القانون يساهم في التكتل الاجتماعي في دولة إسرائيل، وكذلك في بناء هوية جماعية ضرورية لبلورة الثقة المتبادلة بين أفراد المجتمع، وفي الحفاظ على قيم ديموقراطية”
“هوية جماعية”، “ثقة متبادلة”، “تكتل اجتماعي”؟
فهل هناك تعريف أنجح لمعنى (المجتمع العنصري)؟
إنه مجتمع مذعور من إمكانية سيطرة اللغة العربية- لغة الأقلية، حيث يمكن لهذه اللغة أن تسلب منهم هويتهم، -ويا حرام- من ثم ستتحطم ثقافتهم؟!
قبل ذلك كتبت ليمور ليبنات عن مشروع القانون الذي تقدمت هي به سنة 2008:
“ليس من المعقول ولا من المنطق أن تكون مكانة لغة ما في أرض إسرائيل مكافئة لمكانة اللغة العبرية، وخاصة في أيامنا هذه، حيث أن هناك منظمات عربية إسرائيلية تدعو إلى جعل إسرائيل دولة ثنائية القومية، فوجب تبعًا لذلك أن نراتب في القانون المكانة الخاصة للغة الكتاب المقدس- اللغة العبرية.”
ليمور هي مندوبة اليمين الإنساني، تذكر أيضًا في توضيحها لمشروع القانون:
“إن الجمع اليهودي ليس قائمًا تمامًا، لأنه بحاجة إلى أن “تُبنى هويته”.
إزاء ذلك هناك في دولة إسرائيل جمع آخر، هويتة واحدة، وتكتله مثبت، وهو يصبو إلى جعل إسرائيل ثنائية القومية. منظمات هذا الجمع يحفرون أنفاق- الهجوم من تحت لغة الكتاب المقدس، فإذا لم نحافظ على اللغة حالاً، فإننا حيال هجمة ثقافية تقضي علينا، فأول من أمس اعتبروا المدارس المختلطة- في اللغتين- أنها تهدد أطفالنا، وأمس كان هناك زواج مختلط- مورال ملكا ومحمود منصور-، واليوم ها نحن نجد المتهم الفعلي!!
فقط إذا قضينا على اللغة العربية، وإذا محوناها من برامج التعليم اليهودي، وإذا توقفنا عن طباعة أوراق الغرامات وحسابات الكهرباء في اللغة العربية، فعندها يختــفـي تهديد القومية العربية، وعندها تنجو الهوية اليهودية!
العبرية هي للدولة القومية اليهودية، والعربية هي للأعداء.
وهكذا نعرف كل طرف على حدة، ولا نرتبك بين العدو وبين من يتقنّع.
هكذا نهجت تركيا قبل عقود، حيث حظرت تعليم اللغة الكردية، وصادرت كل ما كتب فيها في الموسيقا أو أي كتاب كتب بلغة الأقلية الأصلانية الكبيرة.
أعتقدت تركيا أيضًا أن الدوس على لغة الأقلية تنتج مجتمعًا واحدًا موحدًا منسجمًا، لكن التطرف القومي الذي أتى به أتاتورك لم يحجب بأية حال المسألة الكردية، بل بالعكس، فقد أثار ما هو عنيف، وقاتل، وظل ذلك إلى أن توصل رئيس الحكومة التركية قبل ثلاث سنين – طيب رجب أردوغان- إلى أنه آن الأوان للمصالحة مع هذا الشعب ومع هذه الأقلية.
*******
إن الدولة التي لم تتأكد من هويتها هي فقط تلك التي تبني أسوارًا دفاعية- ثقافية ولغوية.
الدولة المذعورة هي فقط تلك التي ترى التهديد يأتيها من لغة الأقلية فيها.
الحكم العنصري فقط هو الذي يتشبث باللغة ذريعة لإقصاء خمس سكان الدولة.
من المُهم أن نعرف أي تحول فكري ألزم عضو الكنيست حمد عمار إلى أن يوقّع على مشروع قانون يلغي مكانة لغة أمِّـه؟
ربما هي طريقة الدهاء الذي ينتهجه للحفاظ على القومية العربية؟!
وربما هو أيضًا جزء من الطابور الخامس، وكأنه يقول:
هاكم لغتكم العبرية، ودعوا لنا العربية؟!
ومن يدري ماذا يدور في رأس درزي!
ترجمة: ب. فاروق مواسي