انتشر مفهوم “صناعة المكان- Place Making” دوليًا كنوع من الرد على أفكار حركة التخطيط الحديث Modern Planning، التي بدأت منذ عشرينات القرن الماضي وأدت إلى تغيير كبير في هيكلة المدن وطبيعة الأماكن.
وهدف المفهوم إلى إعادة تصميم وتخطيط الأماكن العامة باعتبارها قلب المجتمع، بشكل يعزز الارتباط بين أفراد المجتمع وبين الأماكن التي يتشاركون فيها، حيث تم تطبيق المفهوم بشكل تعاوني خلاله يتم إعادة تشكيل البيئة والحيّز العام لترسيخ قيمًا مشتركة وهوياتيّة.
في فلسطين الـ 48، انطلق عام 2021 مشروع يعزز مفهوم صناعة المكان ويحمل أسم “قلب البلد”، حيث بادر إلى المشروع كل من المركز العربي للتخطيط البديل وجمعية “تشرين”، بمرافقة إعلامية من مركز “إعلام”، علمًا أنّ مركز العربي للتخطيط البديل.
ويتم تطبيق المشروع في 4 مدن رئيسيّة، وهي: الطيبة الطيرة عكا والناصرة، لدى مجموعات شبابية ناشطة في البلدات المذكورة بإحياء الحيّز العام في بلداتهم، ومنها مجموعة متطوعات في الطيبة، رابطة الأكاديميين في الطيرة، مجموعة “عكا 5000” في عكا وعدّة مجموعات في الناصرة.
يُشارك في المشروع في كل مدينة نخبة من الشباب الناشط سواءً في مجال الهندسة أو مجال التصميم والتخطيط، أو العمل الاجتماعي أو التربية والتعليم وما إلى ذلك، حيث سيتم العمل معهم سوية على مشاريع يتم خلالها إضافة لمسات وبناء تصاميم لأماكن عامة في المدن المذكورة بصورة تحاكي وتعزز الهوية الفلسطينية.
وعن المشروع، قالت رناد جبارة، مديرة مؤسسة “تشرين”: “صناعة المكان” هي عملية مُشتركة من قبل السكان المحليين تهدف لخلق وتحسين وادارة أماكن بصورة حضارية إلا أنها تحاكي الهوية المكانيّة والسكانيّة وفي حالتنا الهوية الفلسطينية، مما يجذب ايضًا لربطها بهوية مجتمع كامل.
بدورها، قالت د. عناية بنا، المديرة المهنية للمركز العربي للتخطيط البديل: مفهوم صناعة المكان بدأ بالتطوّر في سنوات الـ 60 ويحمل عدة أهداف منها تنمية مجتمعية من خلالها يتم جذب الأفراد إلى الحيز ويعزز انتماؤهم، وضمان العدالة الاجتماعية. م
وتضيف المهندسة هزار بدين، مركزة ومنسقة المشروع: “إن التشبيك بين الناشطين ومختصّين من مجالات متنوعة، بين الهندسة المدنية المعمارية وبين علوم الاجتماع والسياسة، مع التربية والتعليم، يثري النقاش حول الحيّز العام وأهميته.
المشاركة، سهى ابو عيطة، من مجموعة الطيبة، مركزة تربوية ومركزة تربية بيئية بمدرسة الحكمة الابتدائية في الطيبة، قالت عن مشاركتها في المشروع: “خلال سنوات عملي كمدرسة كان وما زال موضوع الاستدامة والمحافظة على البيئة والهوية المكانيّة، احدى المواضيع الشيقة والهامة لي كمربية.
أما المشارك فادي عراقي، مهندس سير ومواصلات وناشط من مجموعة الطيرة فقال عن مشاركته: “حيزنا العام يعاني من التهميش بشكل كبير، وهنالك حاجة أنّ يقوم الشباب بالعمل على التغيير.
يضيف المشارك محمد عرابي، مهندس معماري عكيّ، عن مشاركته في المشروع قائلًا: “المشروع يحمل رسالة مهمة، وهي الحفاظ على المكان وليس فقط المكان الفعليّ إنما على هويته،
أما المشاركة ريم قاسم، أخصائية علاج وظيفي وناشطة من مجموعة الناصرة فقالت عن مشاركتها: “في مجتمعنا العربي وفي محيطنا القريب نُعاني من قلة المساحة وعدم القدرة على استغلالها بشكل سليم. نحن بأمس الحاجة لمشروع يشبه صناعة المكان، لخلق وتخصيص مساحة مُستغلة وملائمة للسكان داخل الحيز العام .
بقي أنّ نشير أنّ المشروع جاء بدعم من صندوق التعاون ومؤسسة روزا لوكسمبورغ، ويهدف ايضًا إلى تفعيل الأجيال الشابة في المدارس، حيث سيتم إشراكها مع مجموعات العمل في مسار تغيير الأمكنة، ويستمر لمدة عام كامل. ترافق المشروع لجنة استشارية مُختصة يشارك بها كل من؛ المهندس البير ندريا، الناشطة ثراء قرّش، د. ميساء توتري- فاخوري، المحامية سناء بن بري، د. عروة سويطات، د. نهاية حبيب، المهندسة ياسمين شبيطة والناشط أشرف عامر.