باحتفال مؤثّر بهيج، شارك فيه المعلمون والعاملون والإدارة، كرّمت مدرسة تراسنطا في عكا، مساء أمس الأول، السبت 20/1/2018 ، في مطعم المرسى في ميناء عكا، أربعة من معلميها المتقاعدين، وهم الأساتذة: حبيب ناصر، نبيل متّى، طه حجازي والمربية مارلين فرنسيس. وقد أنهى هؤلاء المعلمون عملهم في السنوات الأخيرة، بشكل غير متزامن، لكن لجنة المعلمين في المدرسة، صاحبة المبادرة في تنظيم هذا الحفل، رأت أن تكرّم هذه الكوكبة بصورة جماعية. وبالفعل، كان لقرار اللجنة وقع كبير وتأثير ملحوظ على الأجواء الجماعية العامة المشحونة بالعاطفة الصادقة والخالصة التي صبغت كل لحظة في هذه الأمسية بألوان الفرح والانفعال والتقدير والامتنان والمودّة.
حضر المعلمون المكرّمون برفقة أزواجهم، وكان استقبال طاقم المدرسة لهم حارًا، حميميًا وعاطفيًا، فهؤلاء المربون تركوا في المدرسة وفي المجتمع المحيط بها، بعد عقود من العمل المخلص، في التربية والتعليم، بصمتهم التي لا يقوى الزمن على محوها أو حتى تغيير حدّة ملامحها. فالأستاذ حبيب ناصر، إضافة إلى كونه معلمًا لعقود في المدرسة، كان نائبًا لمدير المدرسة، وقد أسّس لمفاهيم جديدة، عصرية، تقدمية للإدارة لم تشهدها المدرسة من قبل؛ والأستاذ نبيل متى، أيضًا جمع في سنواته الأخيرة بين التربية ونيابة المدير، وكان معلمًا ذا خبرة غنية، ونائبًا متواضعًا يتسابق زملاؤه في التعاون معه، في تأدية الواجبات المدرسية؛ والأستاذ طه، أستاذ الفيزياء المرموق الذي تمسّك بالتعليم في تراسنطا عكا مع التعليم في بلده طمرة، رغم العروض من بلده للتفرغ للعمل فيها؛ والمربية المعطاءة مارلين، التي أعطت عقودًا من العمل الصامت والنافع للناس دون انتظار شكر أو تقدير من أحد. لقد حضر هؤلاء المعلمون وقد زيّنت ميزاتهم الخاصة حضورهم، بل زيّنت مُجمل أجواء الأمسية.
قام الأستاذ سليم بإلقاء كلمة يصف بها علاقته الخاصة بالأستاذ طه حجازي، هذه العلاقة التي تحوّلت إلى صداقة عمر متينة، وذلك لأن ما تمتّع به الأستاذ طه من صفات إنسانية راقية، يأسر القلب في علاقة لا يمكن التحرر منها، قام بعدها بتقديم درع تكريمية وهدية للأستاذ طه، باسم جميع معلمي وعاملي المدرسة. تلاه الأستاذ علي حمادة الذي قدّم كلمة عفوية وصادقة إلى الأستاذ نبيل متّى عدد فيها صفاته التي أكسبته احترام ومحبة جميع المعلمين، وتوقّف عند أسلوبه الإنساني في التعامل مع الآخرين، وقدّم درع التكريم وهدية إليه باسم جميع المعلمين والعاملين في المدرسة. أعقبته المعلمة جميلة خوري التي ألقت كلمة بحق المربية مارلين فرنسيس، فتطرقت إلى بعض ملامح شخصيتها المميّزة، وبعض الأعمال التي قامت بها لصالح المدرسة، وأشادت بروع التطوع والعطاء العالية التي تميّزت بها، وقدّمت لها درعًا تكريمية وهدية باسم جميع الحاضرين. وألقى الأستاذ رفيق أبو وردة كلمة كرم فيها الأستاذ حبيب ناصر، وقد أبرز الكثير من أفضال هذا المربي المعطاء على مسيرة المدرسة، وأشاد بسلوكه التربوي القويم وبأخلاقه العالية، وقدّم له درعًا تكريمية وهدية نيابة عن الحاضرين.
وقد تلا هذه الفقرات، كلمات للمحتفى بهم، فألقى المربي نبيل متى كلمة باسم المعلمين المتقاعدين، عبّر فيها عن اعتزازه بمسيرة عمله طيلة ثلاثة وأربعين عامًا، وأعلن أنه لو قُيّض له أن يبدأ مسيرته التعليمية والتربوية، من جديد، لاختار مدرسة تراسنطا مرة أخرى، دون أدنى شك. وشكر لجنة المعلمين على هذا التكريم الراقي والرائع.
وتحدّث الأستاذ حبيب ناصر فشكر لجنة المعلمين وإدارة المدرسة على هذا التكريم اللائق، وعبّر عن اعتزازه بزملائه وبعطائه الذي كان في مكانه الصحيح. وتحدّثت المربية مارلين فرنسيس بكلمة مؤثّرة عن تجربتها في العمل في المدرسة، ووجّهت بعض النصائح لزملائها استخلصتها من تجربة حياتها في تأدية رسالة التربية والتعليم. وتحدّث، أيضًا مدير المدرسة، قدس الأب سيمون بيترو حرو، الذي عبّر عن أسفه أنّه لم يستطع مواكبة عمل هذه النخبة من المربين، لأنه جاء في الفترة الأخيرة إلى إدارة المدرسة، وعبّر عن تقديره العميق لعمل هذه النخبة من المربين الأفاضل.
بهذه الأجواء الإنسانية الدافئة، استمر احتضان هيئة المعلمين والعاملين والإدارة، للزملاء المكرّمين، الساعات الطويلة، في غفلة من الحاضرين، وفي ذروة انشغال الحضور الواعي بدفء اللحظة الجميلة التي لا تتكرّر في الحياة.