منظر عام من بلدة عرابة
نجحت جمعية “محامون من أجل إدارة سليمة”، ممثلة بمديرها العام المحامي نضال حايك والمحامي معتز عدوي من الطاقم القانوني، بإبطال تعيين السيّد حاتم ياسين لمنصب مدير عام بلدية عرابة، بعد دعوى لمحكمة العمل، أشارت فيها لعدم قانونية تعيين السيّد ياسين، نظرًا لوجود العديد من علاقات القرابة الّتي تربطه بموظفين وأصحاب مناصب داخل السلطة، دون التبليغ عنها والحصول على مصادقة اللجنة المختصة في وزارة الداخليّة.
وتعود بداية الملف إلى صيف عام 2021 حيث علمت الجمعية بوجود عدد من علاقات القرابة الّتي تربط السيّد ياسين بجهات داخل البلدية، بادرت على أثر ذلك لفحص قانونيّة التعيين، ليتبيّن عندها أن تعيين السيّد ياسين تمّ في العام 2012 رغم عضوية أخيه حينها في مجلس عرابة، وعلاقات قرابة وثيقة وعديدة تربطه بموظفين، بما في ذلك مدير قسم المعارف وأمين الصندوق، إلى جانب أخوات وأبناء عائلة، بينما لم يصرح السيّد ياسين بتلك العلاقات واكتفى بذكر ثلاثة منها فقط، مع العلم أن الحديث يدور عن عدد كبير من الأقارب.
بعد جلستي مداولات، تخللتها شهادة مطولة للسيّد ياسين، تبيّنت جملة من التناقضات في روايته، حيث أشار بداية إلى ماضيه المهني كمستشار قضائي للسلطة المحلية في عرابة لمدة 13 سنة، واطلاعه على القوانين المتعلقة بالقرابة العائلية في الحكم المحلي، وبعدها برر عدم تصريحه بالعلاقات الّتي تربطه بالأطراف المختلفة في البلدية بأنه ظن نفسه غير ملزم بالتصريح عنها، وفي المقابل علل اكتفاءه بذكر العلاقة بثلاثة أشخاص في السلطة بوجود ثلاثة أسطر فقط في النموذج الّذي قام بتعبئته!
وزارة الداخلية من جهتها أشارت إلى عدم قانونية التعيين، لعدم إفصاح السيد ياسين عن علاقات القرابة المذكورة وعدم حصول على المصادقة اللازمة في مثل هذه الحالة، وطالبت هي الأخرى بإبطال التعيين.
مؤخرًا، ومع تقدم الملف، خلص الأطراف لتسوية تقضي بإنهاء عمل السيّد ياسين حتى شهر شباط (2) المقبل، نظرًا لحيثيات الملف ولفترة الانتخابات والتقييدات على تعيين موظفين جدد خلالها.
بنظر الجمعية هذا الملف يكاد يكون غير مسبوق في مجال الحكم المحلي من حيث خطورة المغالطات الّتي شابت التعيين، عدد العلاقات العائلية، عمل موظفين بمناصب مرموقة رغم القرابة الّتي تربطهم، دون فحص ومصادقة، وكذلك من حيث مدة التعيين والمبالغ الكبيرة الّتي صرفت عليه من خزينة السلطة.
الملف يكشف عن تصرفات مخجلة وصورة قاتمة لفوضى التعيينات وسوء الإدارة في سلطاتنا المحلية. مثل هذه الحالة ما كانت لتتم دون صمت مخجل من إدارة البلدية وكبار الموظفين وغفلة المعارضة.