مركز الثقافة والفنون البلدي في شفاعمرو احتفى بالإصدار الأوّل للكاتبة الناشئة حلا يوسف عوض، بتاريخ 21-11-2015، وقد حضره الكثير من الشباب والشابات والأهل والأصدقاء والأقرباء، وشارك فيه كلّ من السادة: أمين عنبتاوي رئيس بلدية شفاعمرو، وعزيزة دياب إدريس مديرة مركز الثقافة والفنون ، والأستاذ فاروق فرهود مدير الأسقفية الثانوية، وصابر يوسفين مدير وحدة الشبيبة في بلدية شفاعمرو، والأستاذ إلياس طوباسي مربّي الصف الحادي عشر، والطالبة رهام عبد اللطيف، والأديب إبراهيم مالك، والأديب الباحث والمترجم د. محمود عباسي، والشاعرة الأديبة آمال عوّاد رضوان، وجمعٌ كبيرٌ من أبناء الأسرة وأهالي شفاعمرو وعبلين وكفر ياسيف. وقد تولت عرافة الحفل المربية هالة حاج اسكندر، ورافق الحفل بعزفه على الكمان الفنان يوسف مخول، وفي نهاية الاحتفال شكرت الكاتبة الواعدة حلا يوسف عوض كل الحضور، وقرأت بعض نصوصها، وتمّ التقاط الصور التذكارية!
كلمة هالة إسكندر عريفة الحفل: حضرات السيّدات والسادة الأفاضل، ورئيس بلديّة شفاعمرو السيد أمين عنبتاوي، ومديرة مركز الثقافة والفنون البلدي السيدة عزيزه دياب إدريس، ومدير المدرسة الاسقفية الكاثوليكية السيد فاروق فرهود، ومدير وحدة الشبيبة السيد صابر يوسفين، والأديب الكاتب د. محمود عبّاسي، وأديبنا إبراهيم مالك، والمربّي إلياس طوباس، والشاعرة آمال عوّاد رضوان، وأصدقاءنا الأحبة وأهلنا الكرام، أهلا بكم. لقد نادانا الحنين فلبّينا النداء، غازلنا الشوق فاستعذبنا غزله، داعبتنا الكلمة فطربنا لسحرها، فلأجل كلّ هذا اجتمعنا اليوم لافتتاح روضة ولا أحلى من رياض الشعر والأدب، روضة كاتبتنا الصغيرة الكبيرة حلا يوسف عوض، وقد غرستها كلمة كَلِمَة وحرفا حرفا، وروتها بأمطار عشق سرمديّ للأبجديّة الحالمة، وزيّنتها بالحبّ والأصالة. أهلا بكم أعزائي في مشاركتنا رعاية بُرعمٍ من براعم الأدب الواعدة، يُبشّر بغدٍ مُشرقٍ ربيعيّ، لا يُشبه واقعَنا الخريفيّ الشاحب، غدٍ يَفتخر فيه أبناؤُنا بضادّهم ويرفعون شأنها عاليًا، ولا يَسعني في هذه المناسبة، إلّا أن أقدّم لكم أفرادًا ومؤسّساتٍ، باقاتٍ من عباراتِ الشكر والامتنان على دعمكم وتشجيعكم لكاتبتنا المحتفى بِهَا، أشكركم على مشاركتكم حفل توقيع باكورة إنتاجها الواعدة “ما تبقى من..”، ولا يفوتنا أن نهديها دفْءَ أمنياتنا، بمزيد من النجاح والتقدّم في مسيرة الفن والإبداع نحو مجدٍ مُشرّف. لقد سمحتُ لنفسي أن أجلسَ مكانه للحظاتٍ، فوجدتُهُ فخورًا جدًّا، وتعابيرَ وجهِهِ تُعبّرُ عن الفرح والسرور والفخر والاعتزاز بمثل هذا الإنجاز النادر، ويتمنّى لكلّ أجيالنا الصاعدة والواعدة أن تحذو طريق الإبداع الثقافيّ والتربويّ بأُطرهِ المختلفة، ويُحاول جاهدًا أن يُوفّر كلّ ما بوسعه، لدعمهم الذي نحن بأمَسّ الحاجة إليه، فأدعو رئيس بلديّة شفاعمرو أمين عنبتاوي ليُلقي كلمته.
كلمة أمين عنبتاوي رئيس بلديّة شفاعمرو: الحضور الأفاضل، لعمري طربت حيث قبل ذلك همس لي د. محمود عباسي أبو إبراهيم قائلا: فعلا هذا إنجاز نادر أن يأتي هذا النتاج الرائع من طالبة في الصف الحادي عشر، وأؤكد لكم عندما فتحت الكتاب وقرأت الإهداء طربتُ، فأنا من عشاق اللغة العربيّة، فتقول: لي.. لجهدي وتعبي.. للهفتي وفرحي.. لسَهري وقلقي.. لأناملي الّتي خطّتْ قلبي ورسمَتْ روحي ولوّنتْ عقلي.. لحاسوبي الّذي احتملَ مشاكستي، وحفظَ حِبرَ عينيّ.. لكلّ مَن يُواجهُ المَصاعبَ مُتحدّيًا، مِن أجلِ النّجاح.. لكلِّ مَن أنجَزَ إبداعًا وما زالَ يُحاولُ أن يُنجِز، ولكلِّ مَن تُعجبُهُ كلماتي أو لا تُعجِبُهُ.. لكلِّ مَنْ عانى مِن أجْلِ الوُصولِ للإنسانيّةِ بكلِّ تبعيّاتِها.. لكلِّ مَن لمْ يَعرفْ بَعْدُ، أنّ الكلماتِ حياةٌ داخلَ الحياة.. لعائلتي الحبيبةِ الصّغيرِ والكبيرةِ.. لأصدقائي الشّغوفين.. وإليكم قرّائي.. أُهْدي كِتابي الأوّلَ (ما تَبَقّى مِنْ..)، أَنْثُرُ ورْدَ حروفِهِ وزهرَ كلماتِهِ، في بساتينِ قلوبِكم..
هذا كان مفاجئًا لي، ولا زلت أشعر بانفعال، وإن لم تخنّني الذاكرة، فأوّل مرّة أقرأ إهداءً يبدأ بكلمة لي، وتهدي الكتاب لنفسها؟ إن دلّ هذا على شيء، فإنّما يدلّ على الكثير من جرأةٍ وفكرٍ إبداعيّ خلّاق، وقد خرجتْ من المسار في الإهداءات: (لأبي، لأمّي، لزوجتي، لأحفادي، لأبنائي، لأصدقائي، لأستاذي والخ..)، فأنت فعلا أوّل مَن يستحقّ أن يكون الكتاب لها، فللمُحتفى بها الكاتبة حلا أقول، إنّي في خضمّ الضغوط والانشغالات لا أنجح كثيرًا في القراءة والمتابعة، رغم أن إحدى المُتع الأولى لديّ هي القراءة، وحين قال الفيلسوف ديكارت: أنا أفكّر إذن أنا موجود، أضيفُ عليها وتحديدًا اليوم، أنا أقرأ وأكتب، إذن أنا موجود، لأنّه إن لم نجد أمثالَ حلا يكتبون لنا فماذا سنقرأ؟ لعمري لا أبالغ حين أقول، بأن هذه الفتاة الرائعة حلا ينتظرها مستقبل واعد واسع، وينتظرها أن تُحلّق في قمّة الأدب والكتابة، فهنيئًا لك ولوالديك ولأسقفيّتنا الكاثوليكية، وهنيئًا لنا جميعا كمجتمع وكبلد وكشعب، ومَن يظنّ أنّنا في تراجع يطمئنُّ، حين يرى حلا وكتابتها بهذا المستوى والحلاوة والرونق والجرأة والإبداع النادر في مثل عمرها. وتأكّدي يا حلا وكلّ شبابنا وشابّاتنا، أنّ بلديّة شفاعمرو انطلقت بمسيرة لن تتوقف عن العطاء المادّيّ والمعنويّ، وبكلّ ما أوتينا من قوّة، لأنّك تعيدين لنا الابتسامة والتفاؤل رغم الظروف، فأنتم عمادنا ومستقبلنا وأملنا، وفي النهاية أقول: أنت في بداية الطريق، ومثلما قيل: خيرٌ لكَ أن تنامَ على ما تبغي إنجازُهُ، مِن أن تبقى صاحيًا على ما أنجزت. ولطالما أنّ إصدارك بهذه الروعة، فننتظر إنجازات أكثر روعة، واختم قولي بمثلٍ عبريّ: صَوِّبْ الى القمر، فحتى وإن أخطأتَ، فسيأتي سهمُكَ بين النجوم، فأتمنّى لك مكانًا في العلا وألف مبارك.
العريفة هالة إسكندر عن عزيزة دياب: كمديرةٍ للمركز الثقافيّ البلديّ، كانتْ تطمحُ وترنو إلى تحويل المركز الثقافي البلدي إلى خليّة من العمل الثقافيّ والوعي الإبداعيّ، ليصبحَ مركزًا ثقافيًّا للإبداع والفنون، ومنصّة للتعبير، وفرصة للتطوّر والتقدّم في مجالاتنا الإبداعيّة، ومساعدَة ومساندة لمبدعينا.
كلمة عزيزة دياب: حضرات السادة الكرام، والمربين والضيوف الأعزاء والطلاب والحضور الكريم. يسعدني أن نستضيفَ اليوم في دار الثقافة والفنون أمسية توقيع كتاب “ما تبقى من..”، للطالبة المبدعة حلا يوسف عوض، فمن الإبداعات ما جمّل بها الإنسان هذا العالم، فالكتابة هي صياغة الكلمة الإبداعيّة، حين تنطبعُ بروح الكاتب، فتلمسُ قلبَ القارئ وتنيرُ عقله، وتصبح القطعة الأدبيّة هي المبدع، لأنّها تُعبّر عن أفكاره وهواجسه ومشاعره وأحلامه، كما تصبحُ هُويّته الأساسيّة، تُعرّفُ عنه وتعكس صورته.
بعد تصفُّحٍ سريع للكتاب وجدت نفسي أتجوّلُ في فِكر حلا، وأتعرّف إلى شخصيّتها، فهي مزيج من الرقة والأنوثة، التمرّد واندفاع الألم، الثورة الشفافة والصدق، وأعجبت لصغر سنّها وقدرتها على التعمّق والتأمّل فيما يدور حولها، وترجمته إلى لغة تعبيريّة، تُحوّل التفاصيلَ السطحيّة اليوميّة إلى مَشاهدَ تصويريّة مليئة بالمعاني والعمق. أقدّم شكري لحلا ولوالديها اللذيْن أتاحا لنا الفرصة لنجتمع هنا في هذه المناسبة الراقية، ولتذكيرنا بدوْرنا الأساسيّ كمؤسّسات ثقافيّة وتربويّة بدعم المواهب المبدعة، والمساهمة في تطوير الإبداع في شتى المجالات، ومن هنا اوجه نداء للمُربّين وأولياء الأمور بالتعاون معنا، بهدف المساهمة في صقل المواهب الشابّة وتشجيعها، وأخذ هذه الميول الإبداعيّة على محمل الجدّ والاهتمام، أتمنّى لكم أمسية ممتعة.
كلمة العريفة هالة: مِن بنود رؤيته التربويّة: تعزيز الانتماء القوميّ العربيّ والإنسانيّ، ورفض التطرّف والعنصريّة والطائفيّة، وتعميق ارتباط الطالب بلغته وتراثه التاريخيّ. زرع حبّ المعرفة والثقافة في نفوس الطلاب، لتوسيع آفاقهم وطموحاتهم ومواكبة روح العصر.
كلمة مدير المدرسة الأسقفيّة الكاثوليكيّة فاروق فرهود: في هذا العصر نشاهد أنّ القراءة والكتابة تأخذ مكانًا ثانويًّا، ويحلّ مَحلّها شبكات التواصل الاجتماعي والإنترنت وكلّ وسائل التكنولوجيا المتوفرة، وللأسف، فنحن كشعب عربيّ نسبة كتابتنا وقراءتنا قياسًا هي خفيفة، مقارنة مع الشعوب الغربيّة، فعشرين شخص يقرؤون كتابًا في السنة، بينما لليهودي الذي يعيش معنا معدّل قراءة الشخص الواحد خمسة كتب سنويّا، ونفس الأمر بالنسبة للكتب الصادرة والمترجمة، فنحن بحاجةٍ ماسّةٍ كطلاب، أن نأخذ مثالا من الطالبة حلا ككاتبة ناشئة، ومن كبارنا الكتاب، لنطوّر الكتابة والقراءة، لأنّه دونهما لا تطوُّرَ ولا تقدُّمَ لنا. سُئلَ أحدُ الكُتّاب المصريّين: لماذا تقرأ كثيرًا؟ أجاب: “لأنّ مدينة واحدة لا تكفيني، وحياة واحدة لا تكفيني، وبالقراءة أعيش في أكثر من مدينة، وأعيش أكثر من حياة”. أهنئ حلا وأقول لها: إنّ المدرسة بكلّ مؤسّساتها وشفاعمرو أيضًا داعمة لهذا الشباب الناشئ، ولرعاية ودعم هذه المواهب والقدرات الذاتيّة وتنميتها، فمبارك لك ولنا وإلى الأمام.
كلمة العريفة هالة اسكندر عن آمال عوّاد رضوان: نفتخرُ أنّ حلا هي من الأسماء الناشئة الواعدة النادرة التي دخلت مجال الأدب والكتابة، وهذا ناتج عن دعم الأهل والأقارب، ولكن هناك نورٌ آخر سطعَ لتبنّي هذه المبدعة، وليفتح لها مجال الإنتاج الإبداعيّ، ألا وهي فارسة ديوان العرب الشاعرة والأديبة آمال عوّاد رضوان، فنوجّه لها كلمة شكر على دعمها وتبنيها وتوجيهها للكاتبة الناشئة حلا يوسف عوض، ولكثير غيْرها من كتّابنا، ونتمنّى لها دوام العطاء والتقدم والنجاح، وندعوها لنسمع كلمتها.
كلمة آمال عوّاد رضوان: نهنئ أنفسنا بالحضور الشبابيّ الخاصّ في هذه الأمسية من طلاب وطالبات وأصدقاء الكاتبة، وهذا مبعث ابتهاج وفرح، نأمل أن يزداد ويستمرّ مشعّا في مرآتنا الثقافية المشرّفة، كما نهنئ أنفسنا بميلاد كاتبة يافعة جديدة، تابعتُها منذ أكثر من سنتين ووجّهتها إلى الكلمة الإبداعيّة، حين لمستُ إصرارها في خوض غمار الحرف والكلمة الحرة، وبكامل الجرأة الشابّة والتمرّد العقلانيّ والعمق والتأمّل، انطلقتْ حلا الطالبة ابنة السادسة عشرة، لتعبّر عن فكرٍ نيّرٍ يكاد يكون أكبر من جيلها، إذ تحمل عقليّة منفتحة على ما هو أوسع من عالم الطفولة، وأبعد من حدود المدرسة والعائلة والبلد، بل تنطلق إلى الإنسانية ومخاطبة الإنسان ككيان كامل غير منقوص، له حقه في الحياة والحرّيّة.
حلا تمثّلُ جيلا مبدعًا يتمتعُ بمواهبَ طيّبة، علينا رعايتها وتنميتها وصقلها بما يليقُ بها، كمؤسّساتٍ منظّمةٍ مموّلةٍ داعمةٍ وبكلّ الموضوعية وليس كأفراد، وذلك لتتابعَ مسيرةَ حركتِنا الثقافية التي تؤكّدُ حضورَنا ووجودَنا، ونحن بكلّ أسفٍ نفتقرُ إلى مؤسّساتٍ ترعى الأدباء والناشئين بما يتوجّب، وأتمنى على مؤسّساتنا الثقافيّة في بلادنا، أن تكثف جهودَها التنمويّة المنظمة والمدروسة، لرعاية الشباب في المجال الرياضي والثقافيّ والإبداعيّ والفنّي والتوعويّ بكل فئاته وشرائحه. أتمنى أن تستمتعوا بالأمسية، ولكِ حلا، أتمنى أن تطوّري موهبتكِ بالقراءة المكثفة لتطوير لغتك الإبداعية، ولتختمر معرفتكِ الواسعة ككاتبة تلامس هموم الحياة بكل تفاصيلها.
كلمة العريفة هالة عن إبراهيم مالك: يقول: “كتاباتي نابعة من قلبي، تُعبّر عن أحاسيسي الداخليّة اتّجاه الغير، وقلمي لن يتوقف عن الكتابة حتى آخر يوم من عمري، وما يُشغلني مِن سنواٍت هي مسألة الجشع المنتشر في عالمنا، جريًا وراء الثروة المُتوهّمة، وما يترتب عنه من عنف، ويُشغلني سؤالُ المصيرِ الحياتيّ الوجود، وقد علمتني التجربة ضرورة أن يَسعى الشاعر دائمًا لتوسيع مخزونه الثقافيّ والمعرفيّ، وفهم ما يدورُ حوله، والتسلح بفكر مُنسجم مع هذا الفهم”، وقد حاز على جائزة التفرغ والإبداع.
كلمة الكاتب إبراهيم مالك: جاري يوسف عوض والد حلا، وهو كأحد أبنائي، وحين جاءَ ليدعوني لهذه الأمسية، أخبرته أنّني سآتي وبكلّ سرور، رغم وضعي الصّحّيّ الذي لا يَسمح لي أن أكون في لقاءات كثيفة، لذا أعيش عزلة متعِبة. ولكن أنا أعرف عائلة عوض في كفرياسيف منذ سنوات طويلة، وفوجئت بتلك الظاهرة حلا، وقبلها كان وديع عوض، وبرأيي كان فنّانًا ورسّامًا، لكنّه ما أعطى ميزته الاهتمامَ الكافي، ومنذ سنوات طويلة كانت تأتي فتاة صغيرة مع جدّتها مع قصائد، والقصّة أشعلت تفكيري، وبدأت أطرح نقاشًا، هل يمكن أن تكون حرّيّة مع جوع؟ وهل يمكن أن تكون حياة بلا حرّيّة؟ وقبل أيّام قليلة من مجيء يوسف، جاءت طفلة صغيرة بنت كارم عوض، وعرضت عليّ رسوماتها، واكتشفتُ أنّها ذكيّة باختيار اللون ومزج الألوان، فشجّعتها وأنا أعتقد إذا كان هناك اهتمام بهذه الطفلة، فهي مرشّحة بأن تكون فنانة، ونحن كشعب بحاجة لتصوير الفنّ الموسيقيّ، وفنّ الرسم، وفنّ الكتابة والإدارة والعمل، وحلا هي الحالة الرابعة للتسلسل العوضي، وأنا عندي قناعة بأنّ هناك ألوفًا ذات موهبة تحتاج إلى تطوير لتكون رائدة. وهناك شيءٌ آخر، فيجبُ أن تُحسِنَ التمييز بين الهُواية وبين المهنة، فالمهنة ضرورة حياتيّة لضمان المعيشة، والهواية ضرورة حياتيّة لتطوير العقل، والعقل لا يتطوّر إلّا بالصفات الصحيحة من تجربة الحياة، فأملي أن تنجحي أوّلًا بالثانويّة، وخذي امتيازا بالمدرسة احترامًا لمستقبلك، واحترامًا للأساتذة الذين علّموك ولأهلك، وأن تهتمّي أكثر بالقراءة، واحضري لنا ما هو جديد، لأنّ الجديد هو الأدب وليس طقّ الحنك، فالجديد والتجديد هما الأدب، ونحن بحاجة دائمًا للتجديد.
سأقرأ الكتاب وأحسن توظيفه، فهناك نصوص معيّنة يمكن نشرها على مستوى أكثر من بلد، وهذا مُهمّ جدًّا، قد تكون نثريّة وقد تكون شاعريّة، والأدب الحقيقيّ هو نصّ نثريّ وشعريّ، والنصّ الشعريّ يُعزفُ فيه موسيقا يشعرني بالفرح الداخليّ، فالموسيقا هي موسيقا الوعر والزيتون والتين والريح، فالموسيقا هي كلّ عالمنا من حولنا، ويجب أن تطوّري النصّ النثريّ والشعريّ في داخلك ومن معاناتك.
أنا سعيد جدّا بوجودي بين حضراتكم، والبلديّة يمكن أن تقدّم مساعدة كبيرة في تنمية طاقات ومواهب كثيرة، فقوّة الإنسان بعقله لا بيديه ولا بإحساسه فقط، وردود الفعل يجب أن تكون بالعقل. وكلمة أخيرة أقولها: إنّ المدرسة الكاثوليكيّة في شفاعمرو بإدارة فاروق فرهود، تذكّرني من أوّل ما بدأت أتعلّمه قول المسيح: أحِبّوا أعداءَكم، فإذا انتصر العقل وصلنا إلى الحلّ، فالعقل ضرورة حياة، وأنتِ يا حفيدتي حلا سعيد بك جدّا، لأنّك اخترت هذا الطريق الذي مشيتُ فيه وأنا في جيلك.
كلمة هالة عن د. محمود عباسي: يحمل شهادة MA في آداب اللغة العربيّة والعبريّة قديمها وحديثها، وحصل على إجازة الدكتوراة على أطروحته في الأدب القصصيّ العربيّ في إسرائيل. يحتضن شهادة الدكتوراه P. H. D في الأدب العربيّ، وشهادة الدكتوراه الفخريّة L. H. D على مؤلفاته من الأكادميّة العالميّة للثقافة والفنون التابعة لليونسكو. عمل في مناصب تطوعيّة عديدة في أكثر من عشرين مجلسًا إداريًّا في شؤون التعليم والثقافة، والجامعة والإذاعة والتلفزيون والصحافة، وعمل في لجان تحقيق في محكمة العدل العليا. كتب أكثر من ٤٦ كتابًا في القصة والمسرح وأدب الأطفال والدراسات الأدبيّة. ترجم حوالي ٤٧ كتابًا من روائع الأدب العبريّ والإنجليزيّ. أعدَّ قاموسًا إلكترونيًّا وقاموسًا مصوّرًا، وقاموسَ عبريّ عربيّ عبريّ، وهو يُلمُّ في اللغات العربيّةِ والعبريّة والإنكليزيّة، والفرنسيّة واليونانيّة.
كلمة د. محمود عباسي: المجموعة الشعرية البكر للشاعرة الطلائعية المبدعة خلا يوسف عوض: أتحفتنا كاتبتنا الموهوبة المبدعة بخواطر ناضجة، تُبهج النفوس، وتُثلج الصدور فتقول ص5-7: رغمَ أنّني أكتبُ وأكتبُ وأكتبُ/ ولا أنتهي مِنَ الكتابةِ!؟/ علاقتي بالكتابةِ صارَتْ وطيدةً جدًّا؟/ تُشعِرُني بشيْءٍ غامِضٍ؟/ تُكسِبُ مَزاجيَ الباهتَ رِقّةً؟/ تُقَرّبُني إلى فجرٍ مُلوّنٍ؟م/ الويلُ لأقلامي الشّريكةِ/ في اقترافِ جَرائمِ ليلي!/ بِضعُ رصاصاتٍ ثائرة؟/ وفقط قَليلٌ مِن حِبرٍ؟/ لكني أكتبُ وأكتبُ وأكتبُ/ أكتبُ بحبرٍ مُلوّنٍ/ بالنّيروزِ.. بالجوريّ/ بالرّبيع/ وبِضعُ زهراتِ نرجسٍ/ تضفي روْنقًا إلى مائدتي المَألوفة/ لكنّ بَصماتِ المُجرمِ الأوّلِ/ تبدو واضحةً على الضّحيّة/ تُرتّبُ خطوطُ الرّصاصِ مَسَارَها/ وبدقّةٍ متناهيةٍ/ تترابَطُ الخُطوطُ .. تتمازجُ الألوانُ/ بحبَكةٍ مُتناغمةٍ../ وتتمُّ تفاصيلُ الجريمةِ/ بنجاح؟ بفشل؟/ لقد نفذَ وُقودُها.
ثم تقول في قصيدتها ص(8-10) بفحوى مدهشة: “ثورة أنوثة”: ثُوري../ كَوْنَكِ أنثى تعشقُ الشّمسَ/ وَاكْسِري/ كُلَّ الحَواجِزِ .. وأسلاكَ النّار/ لا تَخافي / مِنْ حَديثٍ بشِعٍ/ أو أيَّ عَمَلٍ/ في دَهاليزِ القضبانِ/ أوْ ما أَسْمَوْهُ حُدودَا/ اُعْبُري الْجُمودَ/ حَطِّميِ القيودَ/ وَأَحِبّي نفسَكِ لِنفسِكِ/ لأنّكِ أُنثى/ أَحِبّي نفسَكِ لِنفسِكِ/ ليْس لأَجْلِهِ/ أو لتفاهةِ تَفكيرِهِ الجِنّيِّ/ وليسَ لأجْلي/ أو لثَقافةِ فِكْري القزَحِيِّ/ أَحِبّي نفسَكِ.. لأنّكِ أُنثى/ أَحِبّي نفسَكِ.. لِنفسِكِ/ لأنّكِ أُنثى../ بكُلِّ ما كَوَّنَها اللهُ/ مِنْ روْنَقٍ نابضٍ/ أَحِبّي نفسَكِ/ بكلِّ حالاتِكِ المائجةِ/ وبكلِّ كلماتِكِ الماطرةِ/ إنْ كُنتِ سمينةً/ سَمراءَ خافتةً/ إنْ كُنتِ نحيفةً.. شَقراءَ باهتةً/ لا يَهُمُّ مَنْ تَكونينَ/ بلْ كيفَ تَكونينَ/ ويَكفي كوْنَكَ أُنْثى/ لِتُعلِني ثوْرَتَكِ بقُوّةٍ/ وَلْيُسُجِّلِ التّاريخُ أنّكِ/ أُنْثى صَنَعَتْ ثَوْرَة!
وفي قصيدتها إنسانية واحدةٌ.. برقَعٍ تتعدد، تثيرُ حلا موضوعًا يفيض بالحساسيّة والنزعةِ الإنسانيّة، ثم تتناولُ حلا الجريئة موضوعًا حساسًا عاشقة خلقت في الخيال ص18!! فتتحدث عن العشق الذي يُولد خطأ في أيام المراهقة، والعشق الذي يحلّق في الخيال ويعصف رياحُ الهذيان، والعشق الذي يُفجّر الآهات ويجتاز حدود الأدب والعشقُ المراوغ الذي تجرفه الأيام: لا حديثَ بعدَ حُبٍّ/ يولَدُ خطأً/ في حِضنِ مراهقة/ ولا رصيفَ يَترُكُها/ إلى أنْ.. يَلُفَّ جَسَدَها الكَفَن/ في عتمةِ الأقاويل/ يَقولونَ/ إنّها عاهرة/ رسبَتْ في القاع!/ وفي منارةِ الأناشيدِ/ أقولُ/ إنّي عاشقة/ حّلقَتْ في الخيال!/ أحبَبْتُ.. وأعترفُ/ قلبي بَحرٌ/ في مدِّهِ وجَزرِهِ/ لكن/ عصَفَتْني رياحُ هذَيانِكم/ وما ألعَنَ الساعَةَ القاسية!/ حَمَلَتْني كذبَةً/ إلى أحضانِ جَحيمِكُم/ إلى أحْكامِ خَريفِكُم/ لأكْتَوي بِنيرانِكُم/ وتَحْرِقَني ألْسِنَتُكُم/ لكنّي/ ما كسَرْتُ حدودَ الصّمتِ/ وما اجتزتُ حدودَ الأدبِ/ تفجّرتِ الآهاتُ.. في صدْري/ وصَمَتُّ/ مِن بعيدٍ .. راقبْتُهُنَّ/ يَحملنَ الطّيوبَ إلى أزواجِهِنَّ/ كلٌّ تنتظرُ../ أن تُلامِسَ خدّيْهِ/ أن تُداعبَ شفتَيْهِ/ أنْ تَشتعِلَ بنارِ حُبِّهِ/ وأنا / أنا بعيـــدةٌ.. بعيدة/ أبعدَ مِن خيالي عن أفُقِك/ أنا وحيــدةٌ.. غريبة/ أغْرَبُ مِن إنسانِيّتي عن ظُلمِك/ اخترتُ أن أكونَ مِن أجلِكَ/ لتكونَ مُلكي.. ولتمتلِكَني/ لتكونَ حُبِّيَ الأكبرَ/ وأكونَ مطرَكَ الأغزرَ/ لكنّكَ امتلَكْتَ جَسدي/ و.. غِبتَ/ أوْصَدْتَ النّوافذَ والمَنافِذَ/ ودونَ ذاكرةٍ .. مَضَيْتَ/ بكيْتُ بكاءً مُرًّا/ بَعدَ ما أهْدَيْتَني النّسيانَ/ و.. رَحَلْتْ/ دُموعٌ تساقطتْ/ على كَرامةٍ طارَدْتَها/ وأدراجَ الرّياح ذهَبَتْ/ على شَرَفٍ رَسمْتَهُ/ في دَفاترِ ضَياعي/ و.. هَرَبْتَ/ رمَيْتَني وَردةً/ على وجهِ مستنقعٍ/ وأغلقتَ بابَ الرّجوع/ جرَفَتْني الأيّامُ.. بقَساوَتِها/ ترَكَتْني.. سَجينةَ قلبِكَ/ أجْبَرْتَني/ للسّيْرِ دُونَكَ ودوني/ وحدي مع وحدي/ فلا أجدُ نفسي/ سوى جسدٍ بلا روح/ سوى جَسَدٍ كــ خَمرِ/ لرَجُلٍ أرادَ أن يَثمَل/ فــ شَرِبَ وشربَ ونَهلَ/ حتّى ثَمِل/ بعدَها/ نَسِيَ خمْرَتَهُ جانبَهُ/ نسيَ سَكْرَتَهُ وراءَه/ و.. / نـــام
وتبرُزُ في قصائد شاعرتنا الملهمَة بالأفكار المعبرة، بالإيحاءات والتسامي، بالمنطق والوعي والعدالة والإنسانية والكرامة والحنان والعواطف، والتعاطف والمحبة لذوي القربى، فتصوّر لنا في قصيدة عنبر، مدى اشتياقها وحنانها لأمّها، لأبيها لأخيها وللجيران فتقول (ص28- 29): في قاعِ الغربةِ/ المسافةُ.. كم بعيدةٌ/ عن قلب أمي/ وأنا أشتاقُ وأشتاقُ وأحنُّ/ أحنُّ/ لكأسِ شاي.. بالنعناع الأخضرِ/ لحِضن والدي يُدفئُني/ للبيت… لجدران غرفتي/ للجيران.. ولأخي الأكبر.
وفي قصيدة لا تحزني صديقتي، تثير كاتبتنا المُلهمة لواعِجها وأشواقها لصديقتها ومدرستها وخيمة الذكريات (ص33): وسنبقى نسكنَ…. بينَ جدران الذكرى/ تُنعشنا/ رائحة مدرستنا الثانوية/ نتنفّسُ من براءتها/ ومن أريج ما قبْلها. و(ص34): فإننا وإن افترقْنا/ فستبقى أرواحُنا مُتحدة/ وإن اجتمعْنا.. ستبقى مُتمسكةً.
لقد انفعلتُ وتهيجتُ للزخم الذي رافق خاطرَتها دفؤك وصوت فيروز، التي أشعلت نار الارتباك في داخلها: بجملةٍ: “أنا لـ حبيبي وحبيبي إلي” (ص25). ولنسيان المتنكر بالهذيان، تتمايل زهورُه ما بين حنين وحنين وذكريات عابرات سبيل، فتقول (40-41): لكَ نسيانُ/ سجدَتِ الزهورُ والرسومُ/ لك تبسّم الرّيحانُ/ وترنّم الرّيحانُ/ لطَ كُتبتِ الكلماتُ/ والأشواقُ والحُروفُ/ وكتبتُ أنا/ قبل أن أتبعثر/ وقبلَ/ أن تُبعثرُنا الظروف
لشاعرتنا الشابة قصيدة رائعة جدا ومثالية للغاية، مؤثرة حتى انهيار الدموع “أسطورتي”، هذه القصيدة فعلا تثير في النفس الانفعال والحب العميق، الصافي النزيه ، تتحدث فيها عن نفسها بكل أمانة من أعماق مشاعرها القلبية فتقول(42-45): في جزيرة عمري/ اصطفاها القدرُ/ فوُلدتْ أُنثى/ وهزمَت عتمة الضبابْ/ وُلدَتْ/ وتخطّت جميعَ الحُدود/ واجتازتْ جوْقَ الغامضين/ وُلدَتْ أملاً/ تُفتحُ براعِم الحياةِ حُبًّا/ وتسيرُ.. في بساتين اليقين/ تسوقُ روحي/ إلى مرحٍ عادلٍ/ دونَ ألمٍ/ دونَ أنين/ فهل يكونُ لي مثلها/ هل يُنجبُ التاريخُ/ لها مَثيل؟/ هي الوحيدةُ تنصهرُ بي/ وترتدي ثوبَ تميُّز/ لا يَتبَدّلْ/ تاجٌ من سنابل حُبّها/ يُتوجُ هامتي/ وأبدًا لن يذبُل/ وأشربُ كأسًا/ من خمرِ حنانها/ لكني/ لا أرتوي ولا أثملْ/ إنها.. أسطورتي التي/ لن تتعدَدَ ولن تتكرر/ إنها أُمي.
سيداتي سادتي! يتبين لنا من خلال ملفات الاصدارات والتوثيق في مجلة الشرق أن عدد الكاتبات والشاعرات اقتصر على عشر كاتبات عام 1968، لكن العدد أخذ يتزايد تدريجيا حتى وصل الى أكثر من مئة مبدعة عام 2002، وبالتعاون مع الزميل محمد علي سعيد في سنة 2012، توصلنا الى أن هذا العدد يزيد عن المئتين، وقد يصل في أيامنا الى 220 على الأقل واذا أضفنا الشاعرة الجديدة حلا فيمكنني أن أقول أن العدد قد زاد الى 221، فأهلاً بالمبدعة الجديدة. وأخيرًا، إنني متفائل أن تواصل الشاعرة حلا في ابداعها المتميز الرائع الى أرقى المستويات وتصبح بإذن الله شاعرة متمكنة بإبداعاتها، والله ولي التوفيق.
كلمة العريفة عن صابر يوسفين: إنّه عضو فعال في وحدة النهوض بالشبيبة الشفاعمريّة والتي من أهدافها: بناء جيل ناشئ وقائد للمجتمع، ويعمل أيضًا على إقامة برامج اجتماعيّة تربويّة ثقافيّة في جميع المجالات.
كلمة صابر يوسفين: “الحياة إمّا أن تكون مغامرة جريئة أو لا شيء” (هيلين كيلر). حضرات الضيوف الكِرام مع حفظ الألقاب، منذ أيّام مضت، كنت في حوار مع ابنتي التي بلغت ثماني سنوات عن الموهبة والإبداع، إذ عبّرت عن شغفها للرسم والألوان، فتعلقت بحماسها، إلّا أنّني لم أرَ شيئًا جديدا قط في رسوماتها، إذ جميعها كانت تقليدًا لرسومات آخرين. توجّهت إليها وطلبت منها أن ترسم شيئا جديدًا لم أرَهُ مِن قبل، لأنّ الموهبة والإبداع تكمن فيهما قوة التجديد والمفاجاة، إن ابتكرته ثمرة فكرك وتخطيطك وروح مغامرتك الى هذا المجهول الذي لا يَدخله غير الجريئين، وهنا تقف بيننا فتاة جريئة، فهي مثال للإصرار والإرادة في مجتمع بات ينأى عن قوّة الحروف والكلمات، وأخذ يرسو بأفكاره في شواطئ التقنيات، وتأتي حلا اليوم بباكورة أعمالها (ما تبقى من..)، لتكون مصدر فخر لجيلنا وقدوة لجيلها، فتقول لنا: رَفيقةُ الأمَلْ/ وُلِدتْ/ كَسّرَتْ وعيدَ الحَواجزِ/ وهَزمَتْ عتمةَ الضّبابْ/ وُلِدتْ/ وتَخطّتْ جميعَ الحُدودِ/ واجتازتْ جَوْقَ الغامضين/ وُلِدتْ أمَلًا/ تُفتّحُ براعِمَ الحياةِ حُبًّا/ وتَسيرُ .. في بَساتينِ اليَقين
نقول لك: أنتِ الأمل يا حلا، ولا يستمرّ الإبداع دون طموح ودعم، ولا يكتمل بمجرّد الوصول إليه، فهذه بداية للكاتبة حلا يوسف عوض، ومجهول ما تبقى من.. تهانيّ لك، وعسى أن يكون إصرارك قد أيقظ مواهب شبابنا الدفينة، وأعاد نبض الكلمات إلى صفحاتها الظمأى.
كلمة العريفة هالة عن الأستاذ إلياس طوباسي: ما أجمل أن نشجّع وندعم طلابنا المبدعين، فالتشجيع هو المُحفز لاستمراريّة الإبداع الثقافيّ والتربويّ، لكلّ طالب لديه موهبة، وأقرب الأشخاص إلى الطلاب هم الأساتذة، الذين سرعان ما يلفت انتباههم مواهب طلابهم، وأحد هؤلاء هو المربي الياس طوباسي.
كلمة الأستاذ إلياس طوباسي: الحضور الكرام مع حفظ الألقاب طاب مساؤكم. إنّها لحظات زهو وافتخار للمدرسة الأسقفيّة الثانويّة كلها، حين ترى غرسها قد أثمر، وأنّ رؤيتها قد تجسّدت في براعم واعدة، تساهم في تنمية وارتقاء المجتمع. أتينا اليوم بقلوب فرحة غمرتها السعادة، لنترجم على أرض الواقع مقولة المتنبي: على قدر أهل العزم تلأتي العزائمُ/ وتأتي على قدر الكرام المكارمُ. اليوم يا حلا، أنت تترجّلين عن صهوة جوادك، وتمتطين صهوة جواد أقوى، لا يمتطيه إلّا شديد المراس قوي الشكيمة، كيف لا وأنت اليوم توقعين كتابك (ما تبقى من..)، باكورة أعمالك التي ننتظر منها المزيد والمزيد، حيث تعالجين موضوعات تضمن تحقيق الهدف، في مقاومة وتقويض الأعراف الأدبيّة والاجتماعيّة الذكوريّة، فتتخذين ظاهرة التعدّديّة مبدءًا في المضامين المطروحة، وفي المشاهد البانوراميّة من واقع الحياة، وطرح موضوعات كثيرة: الأمومة، السعادة، الفراق، الغربة، تحرُّر المرأة والإنسانيّة وغيرها. ولكن ما أبهرني في خضمّ الفوضى الدائرة اليوم، والتي أصبح الدم فيها رخيصًا مُتاحًا، هو نص إنسانيّة واحدة برقعٍ تتعدد، فالكاتبة حلا تطرح ثيمة الإنسانيّة، داعية إلى إقامة مناخ للترابط الإنسانيّ بين الجميع، فكلنا نتشارك الأرض والسماء والمصير (إنسانيّة واحدةٌ.. بِرِقَعٍ تتعَدّدُ!): ما بين إنسانٍ أسودَ.. وشخصٍ أبيضَ/ ما الفرقُ؟/ ما بينَ مُسلمٍ أشقرَ.. ومسيحيٍّ أسمرَ/ ما الفرقُ؟/ ما بين سُنّيٍّ مُؤمِنٍ.. وشيعيٍّ مُتَنَسِّكٍ/ ما الفَرْقُ؟/ ما بينَ دُرزيٍّ كَوتْهُ الحربُ/ وقبطيٍّ روتْهُ الغربةُ/ ما الفرق؟/ ما بَيْني وبَيْنَكَ.. قارّةُ إنسانيّةٍ؟!/ كُنْ عَريسًا لإنسانيّتِكَ/ اِرْأَفْ بها/ واعْتَنِ برأسهِا المصدوع/ كُنْ جناحَيْها/ لتُحلّقَ بكَ إلى الحياة!/ اسْتحضِرْها.. واحْرِصْ على نِعمتِها/ مِن أيِّ فراق/ لاطِفها../ لتظلَّ وسيمًا في عينيْها/ لا تُخادِعْها/ ولا تنتظِرْ منها.. أن تُحافِظَ عليك/ بل أنتَ وحدَكَ.. ودونَ شروطٍ/ مَن يُعلنُ عنِ استقلالِها/ فلا تتخَلَّ عنها/ حتّى ولوْ ذبُلَتْ سعادتُك/ لا تتخَلَّ عنها/ حتّى ولو كنتَ ضحِيّةَ أيّامِك/ ستبكي شهرًا؟/ ستحزنُ عُمرًا.. أو دهْرا؟/ لكنّكَ .. ستبقى ذاتَكَ محفورًا/ فأنتَ إنسانٌ ذو إنسانيّة!/ كُنْ لها أبًا إن أردتَ/ كُنْ لها طفلًا إنِ استطعتَ/ كنْ لها ما تَشاءُ أنتَ/ وكُنْ معَها ما تشاءُ هيَ!/ بها تمَسَّكْ .. لتتمَسّكَ باسْمِكَ/ حينَ تتثاءبُ الأسماءُ/ أو حينَ تغوصُ أنتَ وأيّامُكَ/ في مُحيطِ الماضي!
شكرًا لك حلا، فكلماتك مُعبّرة مُفعمة بالإنسانيّة. ختامًا، الشجرة الطيّبة لا تعطي إلّا ثمرًا طيّبًا خاليًا من الشوائب النادرة في هذه الأيّام، ومَن يتعرّف عليك عن قرب، يتأكّد أنّه عاجز عن التعبير عنك بكلمات بسيطة، من أخلاقك وعطائك ونبلك اللامحدود، وأنا لست متفاجئا بهذا لعطاء، وأنتظر منك المزيد مع تمنّياتي لك بالتوفيق في جميع أعمالك.
كلمة الكاتبة حلا يوسف عوض: السيد أمين عنبتاوي رئيس بلدية شفاعمرو. السيّدة عزيزة دياب مديرة دار الثقافة والفنون. الدكتور الأديب محمود عباسي. الكاتب إبراهيم مالِك. الأستاذ فاروق فرهود مدير المدرسة الأسقفيّة الثانويّة وطاقمها وطلابها. الأستاذ صابر يوسفين مدير وحدة الشبيبة وأفرادها. وعائلتي الصغيرة والكبيرة. أصدقائي وصديقاتي. أبناء صفي وسائر الضيوف الكرام مع حفظ الألقاب. باقات من الشكر لحضوركم الجَميل ومساؤكم معطر بعبير الورد.
منذ سن الثامنة وحتى اليوم الذي به سأختم سنّ السادسة عَشَر، والحروف وَليمة أتغذى عَليها، وأنفاسًا أستنشِقها، وماءً أروي بها سعاري، وها إنّي اليوم أقدّم لكم عيّنة صَغيرة منها، لنتذَوَّقَ معًا لذة النَجاح بَعد العَمل، فطريق الوصول الى هُنا لَم يَخلُ مِن الصّخور التي تُعيقه والأشواك التي تُحيطَه، إلّا أنّه كانَ خاليًا مِن ذلك الذي يُسَمّى المُستَحيل”. حَقيقة هو لم يكُن خالِيًا منه، بَل أنا مَن حَذَفته من هُناك، ومِن دونِكُم لَما كُنت قد نجحت بأن اقِفَ امامَكُم هذه الليلة، فمني لكُم كُل الشكر، وأخُصّ بالذكر أصحاب الفَضل الأكبر لنجاعَة هذا اليوم: عائلتي الكبيرة والصغيرة، وتحديدًا والدي ووالدتي وأخي الصغير الذين يُشَكلون الدافع الأكبَر، وحضن المَرجع الأكثر دفئًا، ومصدرًا لكلّ التشجيع منذ بداية المِشوار مرورا باليوم، وإنّي على ثقة أنّه سيستمرّ حتى نهاية العهد إن شاء الله، فلكم مني كلّ المحبة وباقات الشكر.
شكري للشاعرة القديرة آمال عوّاد رضوان، والتي ساهمت في التصويب والتوجيه والمراجعة الكاملة للكتاب مضمون الكِتاب، والمُرافقة من بداياته حتى نهاياته في المطبعة، وفي كلّ الإعدادت. أدامك الله خير داعمة للأدباء والناشئين وللحركة الثقافية، ومَنحك المزيد من القُوة والنجاح.
شكري للسيّدة عَزيزه دياب على استضافتها الرائعة لنا في دار الثقافة والفنون، متمنين مزيد التقدم والعطاء. وشكري للحضور ولكلّ مَن ساهم وساعد في إنجاح هذا اليوم.