رد رئيس القائمة المشتركة النائب أيمن عودة على الزوبعة الاخيرة حول المشاركة في جنازة رئيس الدولة ورئيس الحكومة الاسبق شمعون بيريس بحديث مصوّر قال فيه:” لقد تابعت باهتمام واحترام النقاش بين مؤيد ومعارض لعدم مشاركتنا في جنازة رئيس الدولة ورئيس الحكومة الأسبق شمعون بيرس. وبقناعتي العميقة بان هذا النقاش ليس صحيا جدا وحسب.. وإنما مصدر اعتزاز.. فهناك من يتصرّف مثل القبيلة بتوجيه من وسائل إعلام تذكّر بالانظمة الشمولية.. ولكن جمهورنا يناقش.. ويناقش بحدة.. وهكذا يجب أن يكون.. وانا شخصيًا أتعلّم وأتثقف من هذه النقاشات… واكثر من ذلك فجزء من الادعاءات مهم وبه وجهة نظر هامة للغاية.. ومن ناحيتي على الأقل، فهذا القرار مثلا لم يكن بين أبيض وأسوَد.. وليس بين خطأ أو صحّ مطلقيْن.. وإنما كان قرار عدم المشاركة صحيحا إلى جانب احترام الأفكار الأخرى.”
لا نقبل بالهيمنة، بالعنصرية، بالاستعلاء
واضاف عودة:”ماذا نريد.. نحن الجماهير العربية التي بقيت في وطنها بالجليل، بالمثلث، بالمرج، بالنقب والساحل.. نحن بأغلبيتنا الساحقة.. نريد الأمور التالية: ان نبقى في وطننا محافظين على انتمائنا القومي، وأن ننال المواطنة الكاملة، وأن نساهم في التأثير على القرار السياسي من أجل السلام وفي صُلبه إقامة الدولة الفلسطينية وأن نؤثر في مجمل القرارات السياسية والاجتماعية.. كلها تمامًا.
ولأننا نريد حقًا المواطنة الكاملة.. فمن الطبيعي أن لا نقبل بالهيمنة، بالعنصرية، بالاستعلاء.. خذوا بعض الأمثلة من هذه الهيمنة التي حدثت فقط في هذين اليومين:
اليوم رأس السنة الهجرية ورأس السنة العبرية.. فلماذا حيّا رئيس الدولة وكل أعضاء الكنيست من الأحزاب الصهيونية اليهود بمناسبة رأس السنة العبرية.. مع تجاهل كامل للمسلمين بمناسبة رأس السنة الهجرية؟! بينما أنا بصفتي رئيسا للقائمة المشتركة حييت المسلمين وحييت اليهود.
مثالا إضافية للهيمنة: باللقاء التلفزيني في القناة الثانية توجه إليّ أحد المعلقين بأننا نعيش بالماضي! أية هيمنة هذه التي تجعل الحركة الصهيونية تنطلق بمشروع شموليّ مبنيّ على رواية من قبل 2000 عام أما نحن فممنوع أن نتحدث عن الأمس القريب الذي عاشه أباؤنا الشخصيون.. أبي أنا مثلا.”
ماذا مع إحيائنا لأحداث يوم القدس والأقصى؟!
مثال آخر للهيمنة هو أن من لم يحضر الطقس القومي بوفاة بيرس فهو يسيء للعلاقات اليهودية العربية.. وماذا مع إحيائنا لأحداث يوم القدس والأقصى أكتوبر 2000 بالأمس.. الشباب الثلاثة عشر الذي قُتلوا على يد الشرطة.. والتي قررت لجنة تحقيق رسمية (لجنة اور) بأنه لم يكن أي مبرر لقتلهم على يد الدولة.. فهل فكّر وزير بأن يعتذر ويطلب المشاركة بوضع الزهور على الأضرحة؟ أوّل أمس والأمس وقفت أما أضرحة كل الشهداء واحدا واحدا.. وذهبت مع زوجتي وأبنائنا الثلاثة لوضع الزهور على ضريح أخ زوجتي الصغير أسيل عاصلة.. هل هناك من أساطين الإنسانية من فكّر بأن أذهب لجنازة الوزير في حكومة براك سنة 2000 الذي لم يفكّر بان يعتذر. وفي اليوم الثاني أن أزور أضرحة ضحاياه أبنائنا. هذه الهيمنة العنصرية أيها الأخوة هي هي النقيض تماما لمن يريد منا أن يعيش بمواطنة كاملة ومساواة.
المواطنة لا تتحقق بإلغاء الذات
أنا أقول لكم هذا الكلام لأنني لا اعتبر ان علاقتنا مع المواطنة ومع المجتمع اليهودي هي علاقة 5 سنوات او عشرة.. لو كانت كذلك فربما قلنا.. مشّي حالك هالأكم سنة.. ولكن لأنني مدرك أنها علاقة استراتيجية فأريد ان تُبنى على أُسس الاحترام والتفهّم.
ولهذا فالمواطنة لا تتحقق بإلغاء الذات. الذات… بتعرفوا في شيء فريد حصل.. هل معقول أنه طيلة الطقسم الرسمي ولمدة يومين تفتتح كل نشرات الأخبار العبرية بموقف القائمة المشتركة؟! أعرف أن هذا كان ضاغطا لبعض الأوساط.. ولكنه مهم على المستوى البعيد إذا أحسنا التعامل.
الطريق للشراكة الحقيقية الكاملة طريق وعرية تحتاج نفس طويل
أعرف ان بعض الإخوة يطالبنا بالمشاركة من الباب البرغماتي.. وهؤلاء يستحقون النقاش باحترام شديد.. ولكن هناك من يتعامل بخسّة بالتوجّه واكثر من ذلك بغدر.. وانا أقصد بتعليقات ومواقف تكتب الأمثال الوضيعة: بوس الكلب من ثمه تتقضي حاجتك منه.. أو الإيد اللي بتقدرش تكسرها بوسها وادعي عليها بالكسر..
هذه ليست خسة ونقيض للمواطنة وحسب، وإنما هي نفسية غدر، فانت تريد أن تغدر المواطنين اليهود لأنهم اليوم أقوى.. هكذا لا يتصرف إنسان او قائد محترم.. انا لا أغدر الجمهور اليهودي.. انا أتصرّف معه بصدق ونُبل واخلاق.. نحن نريد الندية والكرامة والاحترام العميق المتبادل بالعلاقة بين الشعبين.
الطريق للشراكة الحقيقية الكاملة طريق وعرية تحتاج نفس طويل ولا يمكن ان تتحقق الا بالمساواة الكاملة وليس بالابتسامات الباهتة او الاكراميات أو بقبول الانحناء وإنما بالمواجهة الأخلاقية الكريمة والديمقراطية التي تحرص على مصالح الشعبين.
أقدّر جدا من قال وكتب بأن لبيرس كانت أمور جيدة
وأنصفكم القول بأنني أقدّر جدا من قال وكتب بأن لبيرس كانت أمور جيدة.. وبقناعاتي فهذا كلام مهم للغاية وربما أنا أعتبرها أقوى حجة لمن يدعم المشاركة.. ومع ذلك فمهم ان نضع الأمور بسياقها فإن بيرس هو صميم المشروع الذي ولا أريد ان اتحدث عن الماضي وحسب (ليس من منطلق أن الحركة الصهيونية مسموح لها ان تتحدث عن 2000 عام اما انا فمنوع ان اتحدث عن هذا المشروع الذي نكب شعبنا واحتل ال67 وكان مدير عام وزارة الأمن أبان الحكم العسكري وكفر قاتسم وعدوان ال56.. بل اريد أن أتحدث عن دوره الدبلوماسي طيلة السنوات العشر الأخيرة لتبرير حكومات اليمين أمام العالم وأبان العدوان المتكرر على غزة.. وصمته الكامل والمطبق عن عشرات القوانين العنصرية والتصريحات ضدنا. وقد ذكرت بكل وسائل الإعلام هذا الدور الايجابي والهام فعليا بدفع العملية السلمية وبالتعامل معنا كجسم مانع وانا لا أقلّل ابدا من هذا.. بل نحن احزابنا هي التي أقنعت الجمهور العربي.. (وجزء منه مقتنع أصلا) بان يصوّت لبيرس في مواجهة نتنياهو بالعام 1996 ورغم المجزرة الرهيبة في قانا فقد حصل على 90 بالمئة من أصوات شعبنا، فقط من أجل أن يواصل العملية السلمية.. ولكنه لم يحصل على اكثر من 40 من أصوات المواطنين اليهود.. والحالة الإعلامية الإسرائيلية القطيعية تتجاهل كل هذا وتتجاهل ان الذي أسقط بيرس مرارا منذ السقوط التاريخي بالعام 1977 والذي شتمه واعتبره ميكيافيليا ووصوليا هي الأحزاب الصهيونية، والآن بزيف يبنون طقوس القبيلة والذاكرة الجماعية ويطالبوننا نحن بان نبني معهم.
عند كل قرار أفكر بالعامل العربي الذي يلتقي مع الجمهور اليهودي صباح الغد
أنا مؤمن بإخلاص بالوطنية الصادقة.. أرى أن أحد المقاييس الأساسية لاتخاذ أي موقف هي التفكير بالعامل العربي الذي يلتقي مع الجمهور اليهودي صباح الغد، بالطبيب، بالمرأة المحجبة وهي بالحافلة أو القطار.. أرفض الوطنية المتعالية على حياة الناس.
نعبّر عن كرامة شعبنا، وبمسؤولية عميقة.
القائد المخلص لشعبه.. ما دام وُجد في المواجهة – يجب أن يدفع ثمنا أكثر من شعبه.. وباليومان الأخيران تلقيت تحريضا شخصيا رهيبًا.. ولكننا أتلقى ذلك بقناعة مبدئية.. كما انني لا أؤمن بالقيادة الغوغائية التي عندما تتحدث بوسائل الإعلام العبرية فمعيار المسؤولية يكون منخفضا لديها. بل بمسؤولية وعناية نتخذ المواقف كي نعبّر عن كرامة شعبنا.
لنواصل هذا الحوار الوطني ونواصل مسيرتنا وتطورنا بكرامة وطنية ومسؤولية عميقة
على فكرة إذا توجد ميزة للقائمة المشتركة ناهيك عن التحالف الواسع الذي جمع كل الفعاليات السياسية التي تخوض انتخابات الكنيست.. فهناك ميزتان بأننا نجتهد جدًا لمخاطبة الجمهور اليهودي، وهناك من اتهمنا أحيانا بأننا نزيدها في هذا الجانب, وأنا لا أوافق هذا الرأي. والأمر الآخر بأننا حتى اتهمنا باننا نهتم أكثر من اللزوم بقضايا الناس اليومية حين اجتمعنا عشرات المرات بخصوص الخطة الاقتصادية وأثرنا عليها تأثرا كبيرا إلى جانب الإخوة رؤساء السلطات المحلية، وحين حصّلنا 90 مليون للسطات المحلية من وزارة البيئة، وحي دفعنا ونجحنا بالإعلان عن احياء سكنية في عدة بلدات.. وعلى هذا يشهد ويعتز رؤساء السلطات المحلية.
بالنهاية شكرًا لمن انتقد ولمن لاحظ ولمن أثنى على الموقف.. ولنواصل هذا الحوار الوطني ونواصل مسيرتنا وتطورنا بكرامة وطنية ومسؤولية عميقة. “