عن الضجة المثارة حول كتاب “هل الأولاد يعرفون”: من الذي يتكلم؟

 

بقلم: يوسف سلامة- الجليل

 

*لم أرد الخوض في هذا الموضوع لأسباب عديدة، لكنني وجدت نفسي مضطرا لذلك، بعد أن لاحظت الجهل المتفشي بيننا والظلم الجائر الذي لحق بكاتبتنا ميسون أسدي، ولأنني من المعجبين جدًّا بما تكتبه، تابعت معظم ردود الفعل حول قصتها “هل الأولاد يعرفون” التي صدرت منذ أكثر من ثلاث سنوات، ولم يلتفت إليها أحد في حينه، مع أن معظم المواقع كتبت عن صدورها بإسهاب.

من خلال متابعتي لأصحاب ردود الفعل، اكتشفت عدّة أمور خطيرة:

  • معظم المعلقون لم يقرؤوا القصّة.
  • معظم المعلقون لا يعرفون من هي الكاتبة وما هو رصيدها الأدبي والعلمي.
  • معظم المعلقون الذين كتبوا ردّة فعلهم على ما ورد في المواقع، انساقوا كالقطيع وراء ما نشر دون اللجوء والبحث عن الرأي الآخر، أو على الأقل رأي الكاتبة نفسها.
  • بعض الذين روّجوا للخبر هم أشباه الصحفيون الذين يجترون ما تنقله وسائل الإعلام، ويعيدون نشره.
  • مدّعين الثقافة، أو لنقل المتثاقفون، انساقوا وراء بعضهم البعض وكان تعليقهم مجرّد “شوفوني يا ناس”.
  • الحسّاد ومتحيّني الفرص لضرب الكاتبة التي تخطّتهم واحتلت مكانة أرفع من مكانتهم ومناصبهم الوهمية.
  • المنافقون الذين يضربون بسيف السلطان.
  • المتأتئون، الذين لا تفهم منهم إذا كانوا مع أو ضد.
  • وفي النهاية المؤيدون لما كتبته الكاتبة، وأنا أعتبرهم الجريئون، وسط هذا الكم من الهجوم المضاد.

في البداية، تعالوا نتعرف على الكاتبة التي تعرضتم لها، وكأنها مجرّد واحدة متسلقة أرادت الشهرة في القصّة التي لم تقرأوها.

* مواليد 7/11/1963 قرية دير الأسد- الجليل الأعلى.

* انهت دراستها الثانوية في ثانوية الرامة عام 1981.

* تقيم في مدينة حيفا.

* متزوجة ولها ابنان

* 1984- حصلت على اللقب الأول (BA) في موضوع التاريخ والتربية الخاصّة من جامعة حيفا.

* 1992- حصلت على دبلوم في الصحافة المكتوبة من جامعة تل أبيب.

* 1994- بدأت تعمل كصحفيـّة في جريدة “الاتحاد” الفلسطينية ولا تزال تنشر قصصها حتى اليوم.

* 1997- حصلت على اللقب الأول (BA) ثانيةً في العمل الاجتماعي من جامعة حيفا.

* 2006- حصلت على الماجستير (MA) في موضوع الاتصال من جامعة “كلارك” الأمريكية.

* 2007- بدأت تعمل على رسالة الدكتوراه في جامعة “بورتسماويث” الإنجليزية لعامين ولكنها توقفت لأسباب خاصة.

* تُرجمت بعض قصصها إلى اللغة الانجليزية والعبرية.

* لها العديد من القصص التي نشرت في الصحافة الفلسطينية والعربية العالمية.

* حازت على جائزة “العودة” لقصص الأطفال- 2008 عن قصة “بيت بيوت”.

* كُرٍمت في مهرجان المرأة العربية في يافا- 2010.

* حازت على جائزة تكريمية للقصة الصحفية في موضوع “حق العودة” 2010 عن قصة “شحنة من الأمل”.

* عضو لجنة التحكيم في حقل قصص الأطفال-مركز بديل جائزة “العودة” 2011

* حازت على جائزة الإبداع-2011 من وزارة المعارف.

* شاركت في يوم الحكاية العالمي في حيفا- 2013.

* حازت على جائزة الكليّة الأكاديميّة العربيّة للتّربية 2016

* محاضرة في موضوع أدب الأطفال في جامعة حيفا 2017

* صدر للمؤلفة (6) مجموعات قصصية و (3) روايات للكبار

* صدرت لها (46) قصّة للأطفال والفتيان

هذا ما ورد في سيرتها الذاتية ويمكن لأي مهتم أن يجد أكثر من ذلك لو كانت نيّته صافية ويريد أن ينصف هذه المبدعة.

الأمر الذي لم يذكر في هذه السيرة، وأنا أردّ ذلك لتواضع الكاتبة، التي لم تولد وفي فمها معلقة من ذهب كبعض الكتّاب المترفين- راجعوا قصّة “رحلة الشقاء والصيف” التي تدرّس للطلاب في المرحلة الاعدادية- لم تذكر الكاتبة في سيرتها، أن جميع الجوائز الماديّة التي حصلت عليها تبرعت فيها للمحتاجين، قسم منها ذهب لعائلات محتاجة في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية، والقسم الآخر وزّع على شكل منح دراسية لطلاب عرب في المعاهد العليا للفنون. ولم تذكر كم من المرّات تبرّعت من وقتها والسفر على حسابها لتقدّم شروحات عن الكتابة الإبداعية للأطفال في العديد من القرى والمدن العربية.

والمراجع الدقيق للسيرة الذاتية، يجد أن كاتبتنا حاصلة على أربعة ألقاب أكاديمية من البلاد وخارجها، منها في التاريخ والصحافة والتربية والعمل الاجتماعي. وقد توقّفت عن رسالتها في الدكتوراه بعد أن كانت في مراحل متقدّمة منها، لأنها توصّلت إلى أن الكتابة أهم من أي شهادة عليا، والشهادات لا تصنع الموهبة الإبداعية.

صحيح أن الكاتبة لا تعترف بالتابوهات التي وضعتها التقاليد والعادات البالية، إلا أنها واعية تمامًا لما تكتبه وخاصّة للأطفال والفتيان. فمن الأشياء التي قدمتها الكاتبة في مجال الصحافة، عشرات التقارير التي تصب في الحس الوطني الصرف، إلى جانب عشرات التقارير التي تخدم المبدعين العرب في البلاد وكشفهم أمام جميع وسائل الإعلام المحلية والعالمية.

لدي بعض الأسئلة للذين تعرضوا للكاتبة بخصوص ما قدمته كاتبتنا للقراء الأطفال، سأدّعي أنها أسئلة بريئة.

  • لماذا لم تبدوا رأيكم عندما كتبت قصص عن “حق العودة” وحصلت على جوائز بسببها، مثل: “بيت بيوت” و”تيعا تيعا، بيتك بيتك” و”الرمان المر” و”فريد العكاوي”؟
  • لماذا لم تهتموا بأن الكاتبة دأبت على تعليم أطفالنا أصول الأحرف والأرقام العربية وفصول السنة، مثل: “مسابقة الأخوة الإثني عشر” و”حروف حكايتي” و”نحن الأرقام العربية”؟
  • هل تعلمون بأن الكاتبة خصصت بعض قصصها لأصحاب الاحتياجات الخاصة ودأبت أن تترجمها لأكثر من لغة، مثل: “مكسورة إيدها” و”سليمة”؟
  • وطبعا لا تعرفون أنها أبدعت في تحذيرها من مخاطر الانترنيت، في قصّة “الانترنيت خطف ابني”؟
  • وتنبّهت للتحرش الجنسي المتفشي في وسطنا في قصة “أرنوبي يبوح بسرّه”؟
  • وبما أن معظمنا من أصحاب الآراء المسبقة نحو الآخر المختلف عنّا وتعشّش فينا النمطية، فأنتم لا تعرفون دأب الكاتبة في محاربة هذه الآفة، مثل: “موعد مع الذئب”، “حسّان صديق الحيّة”، “الحمار زكزوك”، “ليلى الحمراء تحكي حكايتها”.

القائمة طويلة جدًّا فيما قدّمته الكاتبة للأطفال والفتيان بطرق مبتكرة وممتعة، وقد أغنت المكتبة العربية حتى الآن بـ (46) كتاب لهذه الفئة العمرية، تطرّقت فيهم للعديد من المواضيع التي تشغل بال أطفالنا وغابت عن معظم المربين والمهتمين في تنشأت الأجيال القادمة.

والسؤال الأخير الذي لم أسأله بعد: من أنتم، من الذي يتكلم عن هذه الكاتبة، ليستعرض كل واحد منكم ما قدّمه لشعبه ووطنه ويضعه على هذه الطاولة، حتى أصدّق نيّتكم الصافية بالانتقاد، حتى لو جاء بعد مرور أكثر من ثلاثة سنوات من صدور الكتاب، الذي تم بيعه ولم تعد منه الكثير من النسخ.

وأخيرًا، يا صديقتي الكاتبة، أريد أن أعلمك بأن عمود الكهرباء الذي ينير الدرب للمارّة في الطريق، يقوم البعض بغرس مساميرهم به لتعليق إعلاناتهم، وأيضًا الكلاب تبول عليه، ورغم هذا، لا يتوقف العمود عن الإنارة للناس.

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .