سمر سيف وقصيدة ” واحلم ، وازرع ، واحصد ” بقلم : شاكر فريد حسن

 

 

اعرف الأخت الصديقة سمر سيف مسعود ، ابنة قرية عرعرة – المثلث ، منذ ثمانينات القرن الماضي . وكنا تعارفنا في مكتب اليسار للطباعة والنشر والتوزيع بقرية ” جت ” ، لصاحبه الصديق الشاعر عبد الحكيم سمارة .

حينها كانت سمر تمارس كتابة الشعر والخواطر النثرية والمقالة الاجتماعية ، ونشرت بعضًا من كتاباتها في النشرات الدورية التي كان تصدر عن مكتب اليسار ، وفي مجلة ” الغد ” التي كان يصدرها اتحاد الشبيبة الشيوعية .

أمامي الأن قصيدة قديمة لها بعنوان ” واحلم ، وازرع

، واحصد ” نشرت بمجلة الغد في عددها الثامن الصادر في تشرين ثاني 1987، تقول فيها :

سأزرع لحنا

سأرسم صورة

سأجد حبا

سأجد املا

بين ترابك ..

سأرى العصفور

سأرى الشجر

سأرى النهر

وسأرى كل شيء …

فيه سعادتي

وسأرقص نغما

واعزف لحنا

لترقص معي الصورة

قد اصبحت الاشياء

ممكنة … وكل الاشياء

ما دمت سأجد

ترابا، ارضا ، وطنا

لأرسم الصورة وازرع اللحن

لأحصد الحب

وسأنجح ما دمت

املك الأمل .. ويملكني …

وسأرى ما دمت

أحيا .. وأحيا …

لأجل الامل

لأجل البسمة .. لأجل الفرحة

سأرسم الصورة

وازرع اللحن …

لأحصد الحب ..

ولأجل الوطن .. لأجل الوطن ،

وسأعيش، واحيا

وأحلم ، وازرع ، واحصد

و… و…و…

هذه القصيدة تحفل بصور الوطن والمعاناة التي سطرت بالدم على خشبة الصليب الفلسطيني ، الذي طال حمله ، وتاج الشوك الذي غرس في الجبهة الفلسطينية ، وهي تقدم صورها دون اقحام ، وبلغة تنم عن احساس صادق بعمق الجرح الفلسطيني .

إنها ترسم الصورة وتزرع اللحن وتحصد الحب ، وتنجح في تحقيق ذلك لأنها تملك روح التفاؤل والأمل .

وتخرج الكلمات في القصيدة كأنما اغتسلت بالنور أو بضوء خاص اكسبها رونقًا وجمالًا خاصين ، ولا نشعر أثرًا للصناعة والتكلف والتصنع ، ففيها عفوية وبساطة وسهولة ووضوح بعيدًا عن التعقيدات والرموز والألغاز ، ولغتها حية رشيقة عذبة تنتمي لأسلوب ” السهل الممتنع ” ، ونلمس فيها رجة جميلة وانفعال بين الشطر والشطر مما يضطر القارئ التوقف عند كل تعبير جميل ، أو صورة شعرية مباشرة دونما لف أو دوران .

وتتصف القصيدة بالإيجاز والتكثيف وحرارة الانفعال وجودة التعبير بألفاظ سهلة سليمة وايقاع داخلي ، ويسيطر عليها عنصر التفاؤل ، ونستشف بين تعابيرها نبض  انساني ووجداني وحس وطني عميق .

ومع أن سمر سيف كانت شغوفة بالقراءة ولا تزال ، لكنها للأسف توقفت عن الكتابة الشعرية منذ زمن بعيد ، بسبب التعليم والتدريس وانشغالات الحياة والتزاماتها ، فضلًا عن الأمومة والواجبات الأسرية ، ولو واصلت دربها مع الكلمة لكان لها شأن وحضور في المشهد الشعري والأدبي المحلي . ولكن يبقى السؤال: هل تعود سمر إلى ربة الشعر وملكة الإبداع؟!

فإلى الصديقة القديمة الجديدة المربية سمر سيف مسعود خالص تحياتي وتقديري ، وتمنياتي لها بالحياة العريضة المديدة الزاخرة بالعطاء ، ومواصلة رسالتها التربوية وخدمة قضايا شعبها ومجتمعها ووطنها.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .