حوار مع الشاعرة والناثرة نرمين سعيد
أجراه: شاكر فريد حسن
نرمين سعيد شاعرة وناثرة في مقتبل العمر، تسير بخطى واثقة على دروب الشعر النثري، وترسخ في قصيدتها لغة الجمال، وبمناسبة صدور باكورة اعمالها الأدبية “حروف ومرافئ”، كان لي معها الحوار التالي:
من هي نرمين سعيد؟
نرمين ممدوح سعيد ابنة قرية أبو سنان في الجليل الغربيّ، معلّمة للّغتين العربيّة والعبريّة، خبرة سبع سنوات في سلك التّربية والتّعليم. هذه السّنة أنهيت دراسة اللّقب الثّاني في التّدريس والّتعلم. ومؤلفة كتاب “حروف ومرافئ” ألا وهو باكورة أعمالي.
متى بدأت كتابة الشّعر، وما هي أهم المؤثرات الّتي لعبت دورًا في توجهك نحو هذا اللّون الكتابي الإبداعي؟ وممن لقيت التّشجيع؟
بدأتُ بكتابة الشّعر في سنّ مُبكّرة، ففي البداية كتبتُ القصائد في اللّغة العبريّة، ولكن في المرحلة الثّانويّة بدأتُ أكتبُ الومضات باللّغة العربيّة.
المؤثرات الّتي لعبت دورًا في توجهي نحو هذا اللّون الكتابي الإبداعي، منها الأحداث الّتي صادفتها في الحياة وكيفيّة تفاعلي معها، فأنا بطبعي إنسانة مُتأملة جدًّا، ومن ثم استنباطها حتّى أصقل رأيي أي مرحلة نقديّة إبداعيّة.
لقيت التّشجيع من قبل الأهل وخاصّة الوالدين وزوجي، ولا بد أن يدخل دور للبيئة الدّاعمة الّتي يسود فيها الجوّ الثّقافي.
من يعجبك من الشّعراء، وهل تأثّرت بأحد منهم؟
الشّعر والأدب رسالة وكلّ إنسان عن طريق الإبداع يتسنى له إيصال رسالته.
الشّعر هو نقل تجارب الحياة ورسالة الحياة الّتي فيها حكمة حيثُ أنه من الطّبيعي وجود نوع من التّأثر والتّأثير.
يعجبني العديد من الشّعراء، على سبيل المثال الكاتب الانجليزي العالمي ويليام شكسبير الذي كتب أعمال أدبيّة متنوعة (كالمسرحيات والقصائد..)، الّتي تتمحور حول المواضيع الإنسانية القيّمة. وطبعًا بكوني امرأة فقد تأثرت أيضًا بالشّاعرة العراقيّة نازك الملائكة، حيثُ أن أسلوبها في الكتابة جدًّا راقٍ، والّتي يُعتقد أنها أوّل من كتبت الشّعر الحرّ (المُتحرّر من القافية والشّكل).
كيف تولد القصيدة لديك؟ وهل هنالك طقوس معيّنة للكتابة؟
هنالك طريقتان: الطّريقة التّلقائيّة، أجد نفسي جالسة وفجأة تأتيني لحظة، موقف أو إحساس شعري يمرّ في ذهني ومخيلتي، وبعدها تتم صياغته بألفاظ قليلة. طبعًا أفكّر وأعيد صيغتها، أتعب في سبكها وتنقيحها لكي أوصلها للقارئ بلغة سليمة حتّى تخدمه بشكل راقٍ.
وهنالك الطّريقة التّدريجية، عندما أفكر في فكرة مُعيّنة فأحاول أن أدرسها في كافة جوانبها.
أمّا بالنّسبة للطّقوس، لا توجد طقوس خاصّة مُعينّة. فمجال الكتابة محيط شاسع، الكاتب المُبدع لا يكتب في كلّ وقت، إنما في وقت الفضفضة.
هل لك أن تحدثينا عن أغراض ومضامين ديوانك الشّعري الأوّل، وعن الشّكل في قصيدتك، وهل لقي صداه لدى القراء والمثقفين؟
هي مضامين عامّة تناولها الشّعر مُنذ الأزل، الحالة الإنسانيّة جوانبها توجهاتها. غرضي كان التّوجيه بناءً على خبرتي ومعرفتي، أمّا الشّكل هو الحرّ المُفعم ببلاغة الجزالة وتكثيف المعنى، عبارات شعرية وانزياحات خلاقة مُدهشة، نصوص في قالب نثري موسيقي، ألفاظ لطيفة سلسة، تشبيهات استعارات، صور مُبتكرة بعيدة عن التّعقيد والغرابة. الأسلوب قريب من مدارك القارئ والمتلقي، أسلوب سهل مُمتنع بليغ يصل إلى عقل وقلب القارئ بسهولة. أسلوبي هو الاسلوب الفلسفي والرّمزي الباطني الذّي يحمل بين طياته رسالة تختلف عن الأخرى في كلّ كتابه.
ما هي العناصر الّتي تعتقدين بضرورة وجودها في القصيدة؟
العناصر المعروفة كالإحساس الصّادق، التّعبير المُرهف والفكرة العميقة.
ما رأيك بالواقع الثّقافي في بلادنا، وكيف ترين حركة النّقد المحليّة؟ وهل أنصفك النّقاد؟
دراستي أكاديميّة، فلقد درست للشّعراء البارزين خلال دراساتي في اللّقب الأوّل والثّاني، فأنا غير مُطلعة كفاية على الوضع الثّقافي المحلي في بلادنا.
كثرت الفوضى على السّاحة الثّقافيّة خاصّة بعد انتشار وسائل الاتصال الاجتماعيّة، وجدت نفسي مكتفية بثقافتي الأكاديميّة وفضّلت أن أجلس في بيتي وأكتب لنفسي إلى أن طلبوا مني نشر إبداعاتي.
النّاقد الأوّل هو القارئ المُثقّف، ونعم لقد أنصفوني كيفًا. أذكر النَاقدة الفلسطينيّة القديرة ستيلا رانش نافلة مزوق العامر، الأستاذ المُفكّر والكاتب الفلسطيني القدير الأستاذ شاكر فريد حسن إغباريّة، والشّاعر القدير الأستاذ فهيم أبو ركن، ولا ننسى الإعلام المحلي لم يتخلَ عني، وأخيرًا رفاقي عائلتي وأساتذتي الأكاديميين أيضًا من الّذين شجعوني وأنصفوني.
هل لديك ميول أو مواهب خفيّة غير الشّعر؟
كَلّا، لا يوجد.
كيف ترين الكتابة النّسويّة، وما رأيك بهذا الكمّ من النّساء اللّواتي يكتبن الشّعر؟ هل هي ظاهرة صحيّة، أم الهدف من وراء للظهور والشّهرة في عصر السّوشيال ميديا؟
الكتابة النسويّة هي طبعًا ظاهرة غير صحيّه، لأنها عادّة كلّما كثر الكمّ قلّ الكيف! ولكن لا بدّ من وجود الكيف. أرى كميّة هائلة من الشّعراء والشّاعرات، فتعريف شاعر لا ينطبق على البعض منهم. يجب أن نعود ونبحث عن الكتابة النوّعيّة لا الكميّة.
ما هي مشاريعك الأدبيّة المُستقبليّة؟
في هذه الفترة أجهز للكتاب الثّاني.
ما هي القصيدة التي تعتزين بها، وترغبين بتقديمها هدية للقراء؟
وما ازدَانَتْ أَحلامِي وَزَهَتْ
إِلَّا عندما انعَكَسَ وَجهُهَا
في مِرآةِ نَبَضاتِكَ
وكانَتْ أَبِيَّةً عَصِيَّةً
على إِطارِ الزَّمانِ والمكانِ
فَاعتَلَتْ وَمَضاتِ نَظَراتِكَ
نحو أَعالي قِمَمِ الثُّمالةِ
في خَيالٍ لا يُقادُ
قُمتُ أَمْشِي وَأَرتَحِلُ
أَجُوبُ بِلادًا وَأُغَيِّرُ صُوَرًا
ينتفِضُ قَلبِ
وينتَعِشُ النَّظرُ
وتُبعَثُ بين أَضلُعِي قِصَصٌ عَتِيقَةٌ
قوِيَّةُ الْأَثَرِ
للرُّوحِ تَنقُّلاتٌ يُحيِيها السَّفرُ
وَلِقَاءُ ما مَضَى بما حَضَرَ
في خيالٍ تَذَكَّرَ فظفِرَ
كلمة أخيرة في نهاية الحوار!
أنا مثلك أشد على يدك وأقول بأن العديد من الظّواهر منها الهبوط في مستوى الكتابة وسرعة انتشار الكتابة الرّكيكة. أنا أدعو بالعودة إلى أنفسنا لنحافظ على أدبنا ولغتنا وعلى أن يكون مستوى الإبداع على أرقى ما يكون.
“الغرض الّذي لأجله خلق ابن آدم، ليعلم أنه لم يخلق عبثًا”، فلكلّ شخص فينا ما يُميّزه عن غيره، وعليه أن يعمل جاهدًا ليثرينا بهذا الإبداع.
وأخيرًا، أصحاب مهارة الكتابة الفطريّة عليهم أن يثروننا من خلال فنّ التّعبير عن أفكارهم ومشاعرهم ووجهات نظرهم باستخدام اللّغة كوسيط لنقلها وتقديمها لنا في شكل موضوع مكتوب.